فساد البيئة السياسية آلية لفساد البيئة الإنسانية والطبيعية

admin
اقلام حرة
admin16 يوليو 2016
فساد البيئة السياسية آلية لفساد البيئة الإنسانية والطبيعية
عبد الحكيم الصديقي

شكلت مرحلة الحراك الشعبي بالمغرب – حركة 20 فبراير – فترة مخاض سياسي عسير لولادة حكومة لها صلاحيات يضمنها الدستور الجديد بعد التعديلات التي لحقته.

تم اتخاذ عدة إجراءات لضمان شفافية الاستحقاقات الانتخابية التي أثمرت عن تعيين حكومة برئاسة عبد الإله بنكيران أحد رموز المعارضة الإسلامية. ومشاركة بعض مكوناتها في دواليب الحكومة مما حرك في الجماهير الشعبية المغربية أمل تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد، خاصة بعد الشعارات الكبرى التي كانوا يرفعونها والتي تهم تحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لأوسع الفئات التي عانت من الخصاص والفقر والتهميش لعدة عقود، أضف إليها شعارات من قبيل محاربة الفساد والاستبداد وتحقيق العدالة الاجتماعية.

بعد سنوات من التجارب في مختبر تدبير الشأن العام أصيب الناخبون بصدمة سياسية وهم يتابعون خطب وقرارات هذه الحكومة التي تدافع فيها عن توجهات اقتصادية وسياسية كانوا هم أنفسهم ينتقدونها بحماس وهم على كراسي المعارضة.

ومع توالي سنوات هذه التجربة الحكومية تحولت الصدمة هذه إلى شعور بالإحباط لإحساس الجماهير بأن واقعهم المعيشي لم يتحسن عن السابق، وأن هذه الحكومة لم تنجح في تقليص الفوارق الاجتماعية بل زادت من تكريسها، وتراجعت عن مواجهة الملفات الشائكة والعالقة التي كانت تعد بالبث فيها كمحاكمة ناهبي المال العام “التماسيح والعفاريت” ومحاربة الفساد والاستبداد.

وعوض أن يهتموا بإصلاح البيئة السياسية الفاسدة ساهموا عن طريقها في إفساد البيئة الطبيعية والإنسانية، وأرادوا أن يجعلوا من المغرب قبلة لنفايات الغرب. ولولا لطف القدر وصوت الشعب الذي ارتفع واستنكر لكان مغرب اليوم مرحاضا تتغوط فيه الدول المتقدمة.

إن المسار السياسي لهذه الحكومة لم يخل من تعثرات ومعوقات تمثلت بالأساس في غياب أي رهانات سياسية، فنتائج تدبيرها للشأن العام لم تعكس الشعارات التي رفعتها إبان حملتها الانتخابية، ولم تعكس تطلعات الشعب المغربي. بل لم تزد على أنها آلية لتوزيع مكاسب سياسية على النخب الحزبية التي قبلت بالاندماج في اللعبة السياسية.

أضف إلى ذلك أن طبيعة العلاقة التحالفية بين النظام الحاكم والحكومة تؤدي في الغالب إلى “البطء” في عمل الحكومة، وينعكس ذلك في انتظار الضوء الأخضر من المطبخ السياسي قبل القيام بالعديد من المبادرات السياسية، وهذا يشكل أكبر التحديات التي تعترض سيناريو فشل الحكومة في الوفاء بالتزاماتها، وعدم قدرتها على تطبيق برنامجها الحكومي.

المصدرعبد الحكيم الصديقي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.