الاسلاموية والأعيان ديدان تنخر جسم العمل السياسي

admin
اقلام حرة
admin8 أبريل 2016
الاسلاموية والأعيان ديدان تنخر جسم العمل السياسي
زايد بن يدير

يعد العمل الحزبي النبيل، من بين المجالات الأساسية التي من خلالها يمكن للمواطن البسيط أن يساهم في تدبير وتسيير جميع الأمور المتعلقة بحياة المواطنين، لذلك فتح المجال أمامهم للانخراط وتأسيس الأحزاب السياسية وفق ما تنص عليه الوثيقة الدستورية، باعتبارها هيئات سياسية تحملت على عاتقها مهمة جسيمة أمام التاريخ تتمثل في تأطير المواطنات والمواطنين بغية تسهيل اندماجهم في العمل السياسي وبالتالي اشراكهم في منظومة تدبير الشأن العام المحلي والجهوي ومن ثمة الوطني.

لكن بالرجوع إلى الإحصائيات المتعلقة بنسب مشاركة الشباب في المحطات الانتخابية السابقة سواء كانت ترابية أو تشريعية فنستشف جميعا على أن العزوف السياسي لازال هو سيد الموقف، وهو مرض سياسي عضال لازال يجثم على صدور الشباب وتتداعى له سائر أعضاء أجسامهم بالنوم والمقاطعة واللامبالاة، ومن بين تداعياته هو استخفاف الشباب بالشؤون السياسية لجماعاتهم الترابية وللدولة بشكل عام، وبالتالي تأجيل تحقيق إنتظاراتهم وتطلعاتهم المستقبلية وتنمية مناطقهم لعدة ولايات وربما لأجيال. من بين أسباب نفور الشباب من العمل الحزبي هم الأعيان والاسلامويين الذين يمكن تشبيبهم بديدان طفيلية تنخر جسم العمل السياسي من الداخل لإفراغه من محتواه النبيل ولا يتركون منه إلا الهيكل العظمي ويبدو كفزاعة تجعل الشباب يفرون من صناديق الاقتراع.

فمن هم الأعيان سياسيا؟: هم أناس لا مصداقية لهم لدى الرأي العام لكن لديهم “الشكارة ” يهرولون وراء مصالح نفعية وامتيازات كالتهرب الضريبي ويريدون الحفاظ عليها من خلال ممارسة العمل الحزبي والتحكم في مجالسه وفي منطقتهم وتوجيهها نحو أهدافهم التي يمكن تلخيصها في السعي الدائم وراء الظفر بنصيب أوفر من كعكة الاستثمارات والمشاريع بالجماعات الترابية وبالمجالس الجهوية والوطنية. الطريقة الوحيدة التي يضمنون جلوسهم على المقاعد بالغرفتين وبالمجالس الترابية هي استغلال سياسوي مقيت للنعرات القبلية ولون البشرة وشراء ذمم المستضعفين عبر توزيع مناسباتي ل 2 دريالات و2 فرانكات ليست من مالهم الخاص (داسن تقدن إمدن ستدونت نسن)، بل قد تكون من العام الذي تخصصه الدولة للأحزاب لتمويل حملاتهم الانتخابية ولا يتسلم منه مترشحي ومترشحات أحزابهم إلا الفتات، بالأحرى قد يمولونها من مالهم الخاص وتحتسب عليهم، أو مما تمت سرقته بعد برمجة مشاريع وهمية بمجالس جماعاتهم الترابية التي يرأسونها.

قلة منهم يحسنون مسك قلم الحبر الجاف بين أصابعهم لتوقيع وثيقة رسمية، وهم كثيري الغياب عن قبة البرلمان وإن حضروا فينحصر دورهم في استكمال النصاب القانوني للتصويت وهم نيام لتمرير مشاريع قوانين يجهلون محتوها، ويحرصون على الظهور أمام الكاميرات في لحظات حاسمة وهم جالسين بقرب الوزراء لتخويف أهل المنطقة بمعرفتهم لهم وبسلطتهم وإمكانية معاقبة وتأديب من يخالف أوامرهم والزج بهم في غياهب السجون، وإن تجرأ أحدهم بطرح سؤال في البرلمان على المباشر تهرول لإطفاء التلفاز تفاديا لسماعه أو لكسرها، وما هم إلا أرقام يناصيب وكراكز يسهل اللعب بهم من طرف صقور أحزابهم السياسية. ولا يحملون في حقائبهم أية مشاريع وبرامج التنمية لدوائرهم الانتخابية إلا صور تذكارية التقطوها مع سعادة وزراء أحزابهم في أروقة البرلمان وخلال نهشهم وفتكهم بحلويات مناسبات افتتاح الدورات التشريعية.

فكيف يمكن أن يثق الشباب في البرامج السياسية لهؤلاء التي لا يفهمون هم مضامينها؟ ويوزعونها فقط خلال الحملات الانتخابية لتلويث الأزقة والشوارع، فهل هؤلاء يمكن أن ننتظر منهم المساهمة والترافع والتدافع السياسي لتنمية أقاليم درعة تافيلالت؟، فالتنمية لا يعرفون لها سبيلا وفاقد الشيء لا يعطيه، وماهم إلا حجرة عثرة ذات بطن ضخم تقف أمام تقدم البلاد في ظل الجهوية المتقدمة.

فماهي الاسلاموية L’islamisme: تعددت تعاريف هذا المصطلح لكن يمكن إجمالها حسب الباحث محمد مختار قنديل المتخصص في شؤون الإسلام السياسي على أنها ” شكل من أشكال أدوات الإسلام التي يستخدمها بعض الأفراد والجماعات والمنظمات التي تسعى لتحقيق أهداف سياسية، وتجيب بشكل سياسي على التحديات المجتمعية المعاصرة عن طريق تصور المستقبل، والأسس التي ترتكز على اختراع مفاهيم مستعارة من التقاليد الإسلامية”.

فهذه الصفة تميز الأشخاص الذين يُسيسون الإسلام أو يؤدلجونه، ويتخذونه مطية وايديولوجيا بعيدة عن الدين لتحقيق مصالحهم النفعية والشخصية، وأفضل الاستراتيجيات للاسلاموية لحماية نفسها من الانهيار هي رفض استعمال الفكر النقدي والعقل والدعوة لاعتماد العاطفة والغرائز والتدجين لشحن المريدين، والتركيز على تربية أعضاء الحزب على الطاعة وتنزيه القيادة من أي تهم والمبالغة في منحها صفات قد تصل إلى درجة “القداسة”. ولكسب الأنصار والحفاظ على المصالح يحرصون على خلق الأعداء والحلفاء، وهذا ما يفسر النزوع الدائم للصراع وتوزيع التهم في كل اتجاه والتراشق بالألفاظ السياسوية الجديدة في الحقل السياسي من عفاريت وتماسيح و…الخ.

السلطة والمال و”الحوريات” هي أكبر الغنائم التي تصطادها النخب الاسلاموية، ومن بين تجلياتها ما ظهر خلال الحكومة السابقة من عشق وحب ابتدأت أطواره بمكاتب وزراء انتهى بالتعدد لكن الساعة الجديدة المضافة حسب اعتقادهم تفسد عليهم وقت الجماع، ومنهم من تزوج بنساء يحملن جنسيات أوروبية رغبة في نشر الإسلام في صفوف شبابها، يركزون على استعمال سلاح منظومة القيم لدغدغة العواطف كأدوات لكسب تعاطف الساكنة. عندما كانوا في المعارضة يشوهون ويتهمون الحكومة بالفساد والاستبداد والانحلال الأخلاقي بتمويلها لمهرجانات تفسد القيم حسب مزاعمهم (كموازين، و…) ويفتحون جبهات كثيرة لإنهاكها كما تفعل الذئاب الملتحية خلال مطاردة فرائسها.

وبعدما أن كانوا في الحكومة يخادعون الناس ويصورون زياداتهم التي مست جميع القطاعات على أنها انتصاراً للحق والخير على الشر ولمحاربة الفساد والاستبداد، ويتم تحويل السلطة وأدواتها إلى قوة قاهرة لإدلال طبقات المجتمع الفقيرة، والإفراط في استخدام العنف المنظم ضد أساتذتهم وخبرائهم المتدربين لتشكيكهم بمطالبهم المشروعة، ولحسن الحظ فالفكر المؤدلج لن ينتصر مستقبلا بل سيصيبه الكساد والفساد، والمجتمع سيصبح كارهاً له وهو ما حصل اليوم. تلكم هي مميزات الاسلاموية في الحقل السياسي المغربي.

وخير توجيه منا لهم هو التمعن في معاني قوله تعالى في سورة البقرة الآية 44: }أتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ { وفي سورة الصف  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)﴾

وفي معرض ختام هذا المقال يمكنني الجزم بأنه للقضاء على هذه الديدان التي تنخر جسم العمل السياسي ومن تمة انجاح ورش الاصلاح السياسي لمغرب ما بعد دستور 2011 مقرون باعتماد سياسة التأطير السياسي الحزبي المندمج و القريب من المواطن، وذلك عبر استقطاب وتأطير وتكوين الشباب، وفتح المجال أمامهم، و إيصال العناصر المؤهلة منهم للاضطلاع بالمهام السياسية في كل مستوياتها، لكن ضحالة الثقافة السياسية لدى بعضهم، وتهافت زعماء الأحزاب على المناصب والامتيازات، قد يؤدي في نهاية المطاف ومن جديد إلى تعميق العزوف عن المشاركة في وجدان الشباب المغربي، فهلموا إلى صناديق الاقتراع  لأنها هي السبيل الوحيد للقضاء على ديناصورات العمل السياسوي والإسلاموي. وأنتم الدواء الفعال للقضاء على هاته الديدان.

المصدر زايد بن يدير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.