محمد أيت موح الرجل العصامي الذي لم ير المدرسةيوما و المدرسة التي يمكن أن تتعلم منها الكثير !!
(1)
محمد أيت موح من مواليد 1956 برباط إغيل نومكون(حوالي 40 كيلومترا عن قلعة مكونة),فاعل جمعوي و سياحي استطاع بعزيمة قل نظيرها و صبر لا يضاهى تحدي الصعاب و تحقيق ما لم يحققه من هم في وضعية أحسن بكثير من وضعيته.
في هذا البورتريه سنحاول عبر حلقات أن نقربكم من “عمي موح” هذا الرجل العصامي الذي لم يلج المدرسة يوما و لكنه مدرسة يستفاد منها الكثير.
*في البدء كان اللقاء
لم يكن لقائي الأول مع “عمي موح” مخططا و لا معدا له سلفا,كما لم أكن أعرفه من ذي قبل.كل شيء جاء صدفة عندما رن هاتفي ذات مساء,لم يكن المتصل سوى أحد الأصدقاء من المرشدين السياحيين الجبليين الذي كان يرافق مجموعة من السياح الإسبان القادمين من قمة جبل مكون,و الذين قرروا المبيت في مأوى عمي موح بدوار الرباط قبل استكمال مسيرهم في اليوم الموالي.
“ألو مصطفى,أنا الآن بدوار الرباط بأحد المأوي هنا رفقة سياح إسبان,لقد عثرت لك على تحفة نادرة من التحف التي تحب الكتابة عنها و الحديث معها”.
لم يتمم صديقي المرشد كلامه حتى تناولت دراجتي العادية مسرعا بين الحقول في اتجاه دوار الرباط متلهفا للقاء هذه التحفة التي لم تكن سوى عمي موح !
يستقبلك عمي موح بحفاوة منقطعة النظير إذ لا يكل و لا يمل من الإجابة عن نفس السؤال لمرات عديدة,فتعامله مع مختلف أجناس العالم علمه الصبر و سعة الصدر و معاملة الناس “على قدر عقولهم”.
و أنت في زيارة لمأوى عمي موح برباط إغيل نومكون لابد أن يعرض عليك ألبوما من الصور تؤرخ لفترة تواجده بالدار البيضاء منذ أواخر الثمانينات إلى حدود 2012,كما يقدم لك توضيحات عن صوره المعلقة عند مدخل المأوى مع بعض المشاهير كالممثلة الإيطالية الشهيرة Sophia Loren
لابد كذلك أن يعطيك شروحات و ينشر أمامك رزمة من مقالات يحتفظ بها تدور كلها حول تاريخ مأوي الشباب و أهدافها منذ نشأتها سنة 1919 بألمانيا على يد ريتشارد شيرمان.
*عمي موح من حارس ليلي “أمي” لا يعرف إلا الأمازيغية إلى متواصل بأربع لغات و مكلف بالاستقبال في مأوى شبابي بالدار البيضاء !
في سنة 1985 قصد عمي موح مدينة الدار البيضاء أين عمل حارسا ليليا عند إحدى الشركات لينتقل بعدها للعمل في البناء كما هو شأن أغلب أبناء جلدته الجنوب-شرقيين,قصد مأوى الشباب أول مرة مساعدا للبناء,و في ذلك يقول”قصدت المأوى الشبابي أول مرة مساعدا للبناء عندما اصطحبنا المقاول ملحفي لطفي للقيام ببعض الأشغال هناك,وقد تزامن ذلك مع حصول المكلف بالاستقبال في المأوى على إجازة سفر إلى إيطاليا,فاقترح علي ملحفي أن أشغل مكانه,رفضت في البداية و اعتبرت ذلك أمرا مستحيلا لعدم تمكني من اللغة,فحتى الدارجة المغربية لم أكن أتقنها,كما أجهل الكتابة,تساءلت حينها في نفسي:كيف يمكنني أن أشتغل في الاستقبال و أنا لا أعرف حرفا واحدا من لغة هذه الأقوام المتوافدة من كل فج عميق على هذا المأوى؟
ولكن إصرار ملحفي علي و تشجعيه لي دفعني إلى خوض غمار تلك التجربة و ليقع ما يقع و مع مرور الأيام بدأت أكتسب التجربة و أتمكن من السيطرة على مشكل اللغة شيئا فشيئا و خاصة اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة عالمية,أما الدارجة المغربية فقد تجاوزت مشكل التواصل بها بشكل نهائي بعد أن كنت أحتاط و أخجل من الحديث بها.
بعدها أصبحت مكلفا بإعداد الفطور و تقديمه للزبناء و بفضل الاحتكاك اليومي مع الزبناء,كنت كل يوم أكتسب كلمة من هذه اللغة و كلمتين من تلك,حتى صرت أتواصل مع اليابانيين باليابانية و المتحدثين بالإنجليزية من كل بقاع العالم دون مركب نقص,و يرجع الفضل في كل ذلك إلى كون رواد المأوى لا يستهزؤون من الجاهل بلغتهم,بل على العكس يحفزونه و يعملون ما بوسعهم للتواصل معه و لو بلغة الإشارات,لقد استغرقت مدة ثماني سنوات لتجاوز مشكل التواصل سواء بالدارجة أو الإنجليزية و اليابانية و الفرنسية”
المصدر : https://tinghir.info/?p=9892