بعضُ نواقِص احتفالات ذكرى معركة “بَادُو”

admin
آخر الأخبارثقافة و فن
admin26 أغسطس 2016
بعضُ نواقِص احتفالات ذكرى معركة “بَادُو”
محمد بوطاهر

يُعتبر الاحتفال بالمورُوث الثقافي وكل ما صنعه الأجداد والسلف الصالح، أحد ركائز التنمية المعاصرة، فالتراث بشكل عام، مادة خصبة للأجيال الحاضرة، لا بد من استثماره بغية الوصول الى الحقائق أولا، ثم استدراك بعض ما زلّت فيه أقدامُ أجدادنا من نواقص وهنات، والسير به قدما نحو الرقي التنموي المنشود. وتندرج احتفالات ذكرى معركة “بادو”  بأسول ضمن هذا الإحياء والتمجيد لبطولات أجدادنا الأشاوس. فقد تم يوم أمس 23غشت انطلاق فعاليات الاحتفاء بالذكرى، لأول مرة، بدار الطالب بأسول المركز. وافتتح اليوم الأول بندوتين صباحية ومسائية لنا عليهما مجموعة من الملاحظات والاضاءات. وقد كان عزمنا كبيرا أن نبوح بها ساعتئذ، لكن شحّ فضلِ المُسَير حال دُون ذلك.

أبدأ من حيث بدأ الطريق الى أسول حيث يرقدُ جبل بادو بكبريائه وشموخه، لنؤكد أن جمعية “أمورن بادو” استطاعت تحقيق حلم الساكنة وشريحة كبيرة من أبناء الجنوب الشرقي عُموما، فقد ترجمت الذكرى التي كانت أمرا شفهيا مٌجردًا الى ممارساتٍ فعليةٍ، فيها ندوات فكرية وأنشطة فلكلورية موازية ورحلات، وهذا أمر مَحمُود نشكر عليه جميع من أسهم من قريب أو بعيد في ولادة هذا الحدث بهذه الكيفية. لكن على مُستوى الجوهر فتمة مغالطات كبيرة سيقت داخل بعض المداخلات، نناقشها هنا مع الرأي العام، بعدما سدَّ أهل التدبير في تلك الأنشطة أبواب بضاعتهم المزجاة أمامنا ونحن أهل الدار وحماته.

 جميلٌ جدا أن نقر  بفخرنا بالانتماء الى الأمازيغية، وأن نحسّ بلذاذة الانصهار الهُوياتي الأمازيغي يسري بعُروقنا، هذا أمر جِبِلّيٌّ ومفروغ منه، لكن أن نمارس السِياسة والتضليل باسم الهُوية والانتماء هذا أمر آخر، وأعتقد أن البعض من “مفكري” جمعيتنا الوافدة، لم يستطع التفرقة بينهما، ففي لحظات أحسّ أني كما لو كنت داخل حلقية خاصة بالحركة الثقافية الأمازيغية بين أسوار الجامعة -مع احترامنا اللسني اللغوي لخطها النضالي-،  بل إن جليسي في الندوة المسائية همس في اذني باستغراب لحظة تأكيد أحدهم أنهم كحركة جاؤوا ليبحثوا عن الحقيقة الضائعة. وهنا لزاما أن نتساءل مع الجمعية التي وفدت على المنطقة بإيديولوجية مُبيتة ظاهرها الاحتفال ببادو وباطنها زرع الأمازيغية السياسية في قلوب “الرحل”. ونقول:

–         هل السكان الأبطال الذي حاربوا في بادو  وقتها، قاموا بذلك باسم الهوية الأمازيغية، أم أنهم فعلوا ذلك باسم الوطنية والدفاع عن المجال الذي كان الانتماء اليه؟

–         الأجداد الذين حاربوا في معركة بادو، لم يكونوا يعرفون أن تمة فرق بينهم وبين الذين حاربوا في “بوكافر” أو في “الهري” أو في “أنوال”، فاللغة وسَمَتهم بالوحدة العُضوية بعيدا عن العرقيات التي بُنيت عليها بعض المداخلات، والتي من ورائها مآرب شتى؟

–         دون الذهاب بعيدا لاستجلاب استشهادات عن مقدار تهميش الجنوب الشرقي ومنطقة أسول تحديدا، كان على بعض المحاضرين “الأجلاء” أن يلتفتوا ،فقط، قيد أنملة ويستشهدوا باعتصام ساكنة قبيلة أكوراي أمام قيادة أسول أزيد من نصف شهر، وهو مثال ساطع للمعاناة والتحقير وما شئت من المعاني ؟

–          أهل منطقة أسول، عموما، شرفاء من سلالة أهل البيت، وليسوا أمازيغ بالمفهوم الذي تضعونه للأمازيغية والذي يعني ضد الدين الاسلام، فكيف يتم الاحتفال بأسول بأمازيغية معركة بادو، ولأية أهداف إذن؟

–         ما الهدف من إحضار بعض رموز الحركة الثقافية الأمازيغية – مع احترامنا المعروف لشخصياتهم- في مثل هذه الذكرى التي هي جانب ثقافي اجتماعي وليس الهُوياتي السياسي الذي تشتغل فيه الحركة؟

–         لماذا في كل مرة يتم فيها الاحتفال بذكرى ما في الجنوب الشرقي، يتم تكرار نفس الأسطوانة المعهودة والتي ترجع اللائمة إلى الدولة والمخزن كمفهوم سلطوي قدحي، وأنه السبب في كل الويلات التي نعانيها نحن أبناء الهامش، على الرغم من أن من يقول هذا الكلام، تجده يمتلك سيارة فخمة و رقم تأجير وحساب بنكي وغيرها وهو  قمة النفاق والتباكي على المعطوبين أصحاب السجية الطيبة؟

–         لماذا تقوقعت جمعية “أمورن بادو” على نفسها حتى طبخت البرنامج، ولم تنفتح إعلاميا واشهاريا على طاقات أسول ونواحيه الفكرية، التي ربما لو  كان لها الاشراك في البرنامج لأسهمت بحقائق لم تكن بحسبان مٌفكري الجمعية، الذين يظهر أن البعض منهم لم تطأ قدمه المنطقة الا  في حدود هذا اليوم؟

–         لماذا لم تدرج الجمعية طاقات غنائية محلية ضمن فقرات المهرجان واكتفت بفرق معروفة استقدمت عن طريق صداقات بعض أعضاء الجمعية وبدافع “دبّرْ ليَا نْدَبرْ لِيك”؟

–         بعض المداخلات الفكرية مجدت شخصيات مقصودة وجعلتها رمزا للمقاومة رغم أن رائحة الخيانة والتحالف مع المستعمر تفوح منها وتزكي الأنوف، وفي مقابل ذلك لم تكلف الجمعية نفسها- وهي التي جاءت لتنبش على الحقيقة- عناء استدعاء شخصيات حضرت الحدث، بل فقدت فيه أعزّ ما تملك، وهي شخصيات تقبعُ أمتارا معدودة من مكان انعقاد الندوة؟

–         سؤالي الأخير موصول إلى جماعة أسول المستضيفة للحدث، والتي يظهر أنها لم تحسن التدبير جيدا، حيث تركت  هموم الساكنة ومشكل المشفى والترامي على أراضي الجموع وإشكال طريق أكوراي وغيره، لتحشر رأسها كالنعامة في احتفالات دخيلة يظهر أنها أكبر من قامتها.

هذا بعضٌ قليلٌ من مآخذنا على الدورة الأولى من مهرجان احتفال ذكرى معركة بادو. وإذ هي الأولى، فقد اكتفينا بهذا القدر؛ شاكرين من عمق قلوبنا الأمازيغية الصافية كل ضيوفنا أعضاء جمعية “أمورن بادو” والسادة الأساتذة الفضلاء والفرق الموسيقية وكل زوار المنطقة جميعا، آملين أن تؤخذ ملاحظاتنا على أنها عمل نقدي بناء ليس من ورائه قصد ولا انتماء عرقي ولا فصائلي ولا جمعوي ولا سياسي، فقط وجهة نظر معرفية نتقاسمها مع كل غيور على تراثه، حريص على شرف معالم أجداده ومنجزاتهم التاريخية البطولية. أجدادٌ ناضلوا بصدق و ذاذوا عن حياض مجالهم الجغرافي، وزرعوا في أبنائهم وأحفادهم بذرة المقاومة التي نترجم بعضها اليوم في هذا العمل، الذي نبين فيه أننا على دراية تامة بأمور العرقيات و دسائس السَّاسَة والمناضلين وأشباههم كذلك.

botahirrrr5555

المصدرمحمد بوطاهر / تنغير انفو

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.