Ad Space

حوار مع الأستاذ عبد الحكيم الصديقي رئيس تحرير مجلة الواحة للفكر والثقافة

admin
2022-10-13T15:25:11+01:00
آخر الأخبارثقافة و فن
admin13 أكتوبر 2022
حوار مع الأستاذ عبد الحكيم الصديقي رئيس تحرير مجلة الواحة للفكر والثقافة
حاوره الصحفي خالد حليمي


س ۔ بداية لنتحدث عن فكرة إصدار مجلة ثقافية بالجنوب الشرقي للمغرب وتنغير تحديدا، ما سياق الفكرة؟


ج- تحياتي وتقديري لكم على اهتمامكم بهذا المولود الثقافي وعلى دعوتكم الكريمة، دعني في البداية أشير إلى أن فكرة إصدار مجلة ورقية تعنى بقضايا الفكر والثقافة والأدب والعلوم بمنطقة توسم بالهامش وتنعت بالمغرب غير النافع، كانت تراودني منذ مدة طويلة، لأسباب كثيرة لعل أهمها سببان:

ـ الأول: أن وسم الهامشية له سياق تاريخي سياسي واقتصادي واجتماعي ساهم في أن تصبح تلك الهامشية إشكالية بنيوية تعتري جل المناشط الإنسانية في هذه الربوع، الأمر الذي أنتج خطابا يمتطي صهوة المظلومية لدى العديد من النخب، التي حاولت رفع وسم الهامشية عن المنطقة عبر تسخير آليات كرست نسق التهميش نفسه، دون الالتفات إلى الآليات والإمكانيات الأخرى، والتي يمكن من خلالها إنتاج خطاب معرفي ينطلق من الذات ليصل إلى أفق الإنسانية متجاوزا كل الأعطاب التي خلفها الصراع السياسي في علاقته الجدلية بين المركز والهامش.

ـ الثاني: ذكرته في افتتاحية العدد الأول من المجلة، يمكن اختصاره بالقول إن المنطقة تزخر بطاقات وكفاءات علمية وفكرية لها من القدرات الأكاديمية والمعرفية ما يؤهلها عن جدارة لتتفاعل مع كل القضايا والمفاهيم والتصورات الثقافية الكبرى، وبالتالي المساهمة في خلق دينامية ثقافية قادرة على مواكبة مستجدات الساحة المعرفية والعلمية، وهي مؤهلة دون غيرها لرفع التهميش عن المنطقة عبر إنتاج خطاب معرفي ثقافي يمتلك إمكانية إيصال المنطقة إلى أفق التفكير الكوني.

من جهة أخرى يمكنني حصر السياق الذي أدى إلى إصدار المجلة في مستويين: الأول هو عرضي للفكرة على مجموعة من الشباب المهتم بالشأن الثقافي الجمعوي بالمنطقة والبحث من خلالهم عن إطار قانوني تصدر عنه المجلة، فكانت الانطلاقة الأولى للمجلة عبر إحدى الجمعيات النشطة في تنغير، وعبر لجنة ثقافية تابعة للجمعية الحاضنة، كنت منسقا لها آنذاك إلى جانب الصديق هشام بوبا. لكننا اصطدمنا بعدها ببعض الإشكالات القانونية التي تمنع من استمرار المجلة في المنحى الجمعوي، لننتقل إلى البحث عن مؤسسة أخرى حاضنة للمجلة ويمكن ملاءمة المجلة قانونيا معها بحسب ما ينص عليه قانون الصحافة والنشر، وهو ما تم لنا بعد التنسيق مع إحدى المؤسسات الصحفية بالمنطقة.

س۔ ماهي أهم المحاور التي تتناولها المجلة؟


المجلة تعتمد نسقا أكاديميا في تحديد محاورها، وهو ما تجري عليه العديد من المجلات، فسيجد فيها القارئ محورا خاصا بالعدد أو ملف العدد، وغالبا ما يتم اختيار موضوع الملف بالتنسيق والتشاور بين كل أعضاء اللجنة العلمية للمجلة وهيئة تحريرها، ويراعى فيه الراهن الثقافي والأسئلة المتعلقة به، بالإضافة إلى محاور أخرى ثقافية وأدبية وقراءات في كتب. وحوار العدد الذي نستضيف فيه أحد القامات الفكرية والعلمية

ويمكن القول إن محاور المجلة تتيح لنا إمكانية ضم العديد من الموضوعات ومشاركات الكتاب والباحثين، وفي تنوع هذه الموضوعات جميعا اتجاه إلى تحقيق التكامل المعرفي، وحرص على الإغناء الفكري والتنوع الثقافي، وتطلع إلى الإبداع الأدبي، مع التأكيد على نسبية هذا النموذج. فيمكن تغييره بحسب السياق والسباق.

س ۔ حدثنا عن دور المجلة في تعزيز المشهد الثقافي وكسر هاجس الصمت الثقافي بالمنطقة.


ذكرت في جوابي عن سؤالكم الأول أن وراء إصدارنا لمجلة تعنى بقضايا الفكر والثقافة والأدب والعلوم بالمنطقة هاجس رفع التهميش الذي يغطي جل مناشط إنسان هذه الربوع، وأن المنطقة تزخر بطاقات وكفاءات علمية وفكرية قادرة على خلق دينامية ثقافية تتيح إمكانية التسويق لثقافة وتاريخ هذه المناطق بما هي مكون من مكونات الهوية المغربية، بعد أن غطى خطاب المظلومية الذي تنتجه نخب تهتم بالشأن السياسي على خطاب المعرفة الذي يَتَمَلّك كل مقومات النهوض وهو المدخل الأساس إلى إعادة بناء الواجهة الفكرية والثقافية لحاضر المنطقة بشكل خاص وحاضر المغرب بشكل عام. والمجلة هي من بين الدعامات التي لا شك أنها ستعزز المشهد الثقافي وتساهم في النهوض بالشأن الثقافي والفكري والمعرفي بالمنطقة.


س ۔ ماهي أهم الصعوبات والعوائق التي اعترضت المجلة وتعترضها حاليا؟



aid


أكيد أن المجلة يعترضها الكثير من الصعوبات والعوائق، ربما لأنها التجربة الأولى من نوعها بالمنطقة، يأتي على رأس هذه الصعوبات قلة المتدخلين والجهات الداعمة للمجلة، فغياب الدعم المادي يعيق إمكانية تسويقها على المستوى الجهوي فما بالك بالوطني، وأغلب المجهودات المبذولة إلى حدود الساعة هي مجهودات فردية من لدن بعض أعضاء المجلة، باستثناء مبادرة المجلس الجماعي لتنغير الذي يقتني 100 نسخة من كل عدد من أعداد المجلة وفق مقتضيات عقد اشتراك شرفي موقع بين المجلة والمجلس. بالإضافة إلى مبادرة قامت بها المديرية الإقليمية للتعليم بتنغير حين اقتنت من المجلة 200 نسخة من العدد الأول وتوزيعها على المؤسسات التعليمية التابعة لها بالإقليم.


يمكن أن أذكر أيضا أنه تمت المصادقة على اتفاقية شراكة بين مجلس جهة درعة تافيلالت والعديد من المؤسسات من ضمنها المؤسسة التي تضم مجلة الواحة للفكر والثقافة، لكن إلى حدود الساعة لم يتم بعد تحويل الاعتمادات المالية الخاصة بالمجلة، هذا بالإضافة إلى أننا طرقنا العديد من الأبواب وتواصلنا مع العديد من المؤسسات منها وزارة الشباب والثقافة والتواصل عبر ملئ الاستمارة الخاصة بدعم المشاريع الثقافية لهذه السنة، لكن للأسف تم إقصاء المجلة من دعم الوزارة.


يمكن أن أضيف أيضا أن المجلس الإقليمي بتنغير، كان قد وعد بدعم المجلة في أول لقاء جمعنا برئيسه، لكنه أخلف وعده في لقاء آخر صرح فيه بعدم وجود اعتمادات مالية لدى المجلس تمكنه من دعم هذه المبادرة الثقافية، مع العلم أن ميزانيات المجالس الترابية تخصص اعتمادات خاصة بدعم الكتب والمجلات.

وهنا يمكننا وضع الأصبع على إشكالين جوهريين: الأول غياب عدالة مجالية لدى وزارة الثقافة، وتظهر تجلياتها في طريقة توزيعها للدعم الخاص بالمشاريع الثقافية، إذ تم إقصاء الكثير من المشاريع الثقافية والفنية والأدبية الخاصة بأبناء جهة درعة تافيلالت من دعم الوزارة ومنها مجلة الواحة للفكر والثقافة، والثاني غياب إرادة سياسية حقيقية لدى النخب السياسية المدبرة للشأن السياسي المحلي للنهوض بالشأن الثقافي، ومصالحة المجتمع مع الكتاب عبر دعم مثل هذه المبادرات، خصوصا وأن الأرقام والإحصائيات والتقارير الدولية والوطنية تتحدث عن وجود أزمة القراءة بالمغرب، ويمكن الرجوع هنا إلى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الصادر سنة 2019 والذي عنونه بعنوان لافت وهو “النهوض بالقراءة، ضرورة ملحة”، والذي أتى في توصياته على ذكر الجماعات الترابية وضرورة تخصيصها لميزانية للنهوض بالقراءة وتشجيع المبادرات التي تهتم بالفعل القرائي.


س – حدثنا عن النظرة المستقبلية لإنجاح فكرة المجلة الثقافية ؟


نجاح هذه التجربة مستقبليا مشروط بشرطين، الأول هو انخراط جميع الكتاب والباحثين والمبدعين باختلاف تخصصاتهم في نشر أعمالهم وإبداعاتهم في المجلة لهدف واحد وهو النهوض بالشأن الثقافي والعلمي والأدبي، الثاني مرتبط بالمؤسسات والجهات المعنية التي من شأنها دعم هذه المبادرة، لهدف واحد أيضا وهو ضمان استمرارية عطائها وتحقيق رسالتها النبيلة التي تهدف المجلة إلى نشر الوعي بها، وهي تشجيع القراءة والنهوض بالبحث العلمي، والإبداع الأدبي كأفق ثقافي وجمالي.


س ۔ لنعرج على المشهد الثقافي بالجنوب الشرقي كيف تقيم دور المثقف بهذه الجهة في تعزيز مشهدها، أي دور له في الحركة الثقافية؟


منطقة الجنوب الشرقي منطقة ولادة للكفاءات وغنية بالمثقفين والعلماء والأطر والكوادر، لا ينكر هذا إلا جاحد، يشهد بذلك تاريخها البعيد والقريب، لكن الإشكال المطروح اليوم هو أن الغالبية منهم يعرف نوعا مما يمكن تسميته بالهجرة الثقافية، أي أن المجهودات التي يقومون بها في هذا الجانب تقع خارج انتمائهم المجالي، جل أعمالهم يتم تسويقها خارج مجالهم التداولي والقليل منها تصل إلينا، يستفيد منهم الغير أكثر من أبناء المنطقة، لغياب ثقافة الاعتراف والتحفيز والتشجيع من لدن المسؤولين والمؤسسات، وأيضا من العديد من أبناء المنطقة، يعجبني هنا أن أذكر مصطلحا مركبا سكه الباحث السوسيولوجي وأحد مؤسسي المجلة الأستاذ هشام بوبا وهو “ثقافة النسف”، ومن تمثلاته أن أي مبادرة ثقافية أو علمية جادة تنطلق من هذا المجال ومن أحد أبناءه غالبا ما يتم نسفها أو إجهاضها أو إهمالها، لوجود ما أسميه القابلية لنسف الذات، هذه القابلية للنسف متجذرة لدى شرائح من أبناء الجنوب الشرقي سواء من النخبة أو من غيرهم، ولها أسباب وعوامل وتمظهرات كثيرة ليس هنا مجال بسطها.


۔ كلمة أخيرة للقراء


لا يسعني في آخر هذا الحوار الجميل إلا أن أشكركم باسمي ونيابة عن كل أعضاء هيئة تحرير المجلة على اهتمامكم وعلى إتاحة هذه الفرصة لأتقاسم معكم سياق نشأة هذه المجلة الأولى من نوعها بالمنطقة، وما يعترضها من إشكالات ومعيقات، وكلمتي الأخيرة للمتابعين والقراء هي أنهم معنيون أكثر من غيرهم بتشجيع مثل هذه المبادرات والاحتفاء بها والمساهمة في تسويقها قراءة وكتابة ومشاركة وتقاسما واقتناء، وكلي أمل أن يجد هذا الحوار آذانا صاغية وقلوبا واعية بالإكراهات التي تقف حجر عثرة أمام مثل هذه المشاريع الفكرية والثقافية، والعمل سويا من أجل تجاوزها.

IMG 20221013 WA0014 - تنغير أنفو :: الخبر اليقين بين يديك

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.