الجهل المقدس، أو حين يُروَّج الكذب

admin
2022-10-13T07:35:44+01:00
آخر الأخبارتربية و تعليم
admin13 أكتوبر 2022
الجهل المقدس، أو حين يُروَّج الكذب

ياسين عبد الشافي

رداًّ على مقال المدعو “عبد المنعم الخيلية”، أحد أبناء أسرة التعليم (مفتش تربوي) بمديرية العيون، الذي كنا ننتظر منه أن يبتكر لنا حلولا للإشكالات التي يعيشها أستاذ اللغة الأمازيغية، و للميز و التهجم اللذان يتعرض لهما كل بداية السنة الدراسية و أثناء العمل، و لسنوات، و في الوقت الذي انتظرنا منه تأطيراً قانونياً، تربوياً ، و علمياً لموضوع تدريس اللغة الأمازيغية في المدرسة المغربية، هذا الورش الذي “انتهى” قبل البداية، في الوقت الذي كنا ننتظر منه أن يبهرنا بمعارفه الديداكتيكية و البيداغوجية، و مهاراته و تقنيات التعليم و التعلم التي راكمها في القسم على اعتباره “كسَّر كل أسنانه” في ميدان التدريس كما يقول المثل الأمازيغي للتعبير عن التجربة في ميدان ما…. إلا أنه يفاجئنا و بكل يقين غير متيَقَّن منه و بخطاب ينم عن جهلٍ كبير أو ربما ترويجاً مقصودًا للمغالطات زورا و نيلا من زملاءَ في الميدان، الأَوْلى أن يواسيهم و أن يُسهم إلى جانبهم في إغناء النقاش المجتمعي بخصوص هذا الورش الذي اعتبَرَه “مُهمَّا” على حد قوله ، والذي في المقابل يسيء إليه و ينفث فيه سمومه الأيديولوجية الخسيسة، كما يضرب عرض الحائط نزاهة الأساتذة الحاملين لهذا الهم و المشعل و يُشيطنهم و نواياهم في خرق سافر لكل أخلاقيات الكتابة الموضوعية و النقاش الحر، هذا الإطار التربوي أبان في مقاله عن شيئين مهمين، و عن صفتين جليَّتين، الأُولى تزكي الأخرى، و هما الجهل المقدس في تماسَّ مع الكذب.

جدير بالذكر أن مقالنا هذا جاء ردًّا على باطل أريد به حق، و لكي لا نكون متخندقين مع صاحب المقال في نفس الخندق الأيديولوجي البعثي، و تنزيها لأستاذ اللغة الأمازيغية من كل الأكاذيب الواردة في المقال، نوضح للقارئ النقط الآتية بكل تجرد:

أولا: نحن أساتذة اللغة الأمازيغية، لا نشتغل في ضيعة أحد، نحن أبناء الشعب، موظفون مررنا بنفس المسار الجامعي و التكويني الذي مر به زملاؤنا أساتذة المزدوج، و نحن يا أستاذي الفاضل لا نستفيد من الريع بخصوص ساعات العمل كما جاء في مقالكم، فأستاذ اللغة الأمازيغية يشتغل أربعة و عشرون (24) ساعة فعلية داخل الفصل، ثمانية (أفواج، بمعدل ثلاث (3) ساعات لكل فوج، زائد عشرة (10) إلى خمسة عشر (15) دقيقة تكون “وقت ميت” بين حصتين بغرض عدم إرجاع أستاذ اللغة الفرنسية أو اللغة العربية إلى القسم خمسة عشر (15) دقيقة قبل وقت الاستراحة، و لكي لا يخلق ذلك ارتباك في صفوف التلميذات و التلاميذ، و مجموع هذا الوقت الميت (كما يحلو لي أن أسميه) هو ساعتين (120 دقيقة) إلى ساعتين و نصف (150 دقيقة) في الأسبوع حسب التوقيت المعتمد في كل مؤسسة، و تبقى ساعة و نصف (1h30) من الغلاف الزمني تخصص لفترات الاستراحة أسبوعيا. و إن قمنا بعملية حسابية (الإضافة) بسيطة أيها المعلم-المفتش، فعدد الساعات التي يشتغلها أستاذ اللغة الأمازيغية تصل إلى سبعة و عشرون (27) ساعة، أي نفس المدة الزمنية التي يشتغلها أستاذ اللغة العربية و أستاذ اللغة الفرنسية في نفس المؤسسة التي يتواجد بها أستاذ اللغة الأمازيغية. فكفى كذبا يا “طالب معاشو“.

ثانياً: نحن نعلم جيداً أننا لسنا فئة مستقلة خاصة بأساتذة اللغة الأمازيغية كما تدعي، بل نحن فئة واحدة غير مُجزئة و نحن جسد واحد لن تقسمنا أيديولوجيتك المقيتة، و خطابك البئيس، و ليكن في علمكم أيها السيد المفتش المحترم أن أستاذ الأمازيغية يدرس ثمانية ( أفواج على الأقل أي ما مجموعة مئتين و أربعون (240) تلميذا في أحسن الأحوال، وأكثر من ثلاث مئة (300) تلميذ و تلميذة في أسوأ حالات الاكتظاظ، و انطلاقا من هذا المعطى فكيف لكم السيد المفتش المحترم أن تقارن بنفس المنطق بين أستاذ يدرس هذا العدد الغير المُطاق من التلاميذ مع أستاذ زميل له يدرس ثمانون تلميذا في أسوأ حالات الاكتظاظ ؟ لسنا هنا نتهرب من مسؤولياتنا، بل كان الأجدر السيد المفتش المحترم أن تقترحوا رفع عدد ساعات تدريس الأمازيغية مع خفض عدد الأفواج من أجل مردودية سريعة و في ظل ظروف تُحترم فيها أدنى شروط العمل، عوض اختلاق نقاش مجاني الهدف منه زرع بذور التفرقة بين أفراد أسرة التعليم، فكفى كذبا يا “طالب معاشو“.

 – ثالثاً: إن كان أساتذة المزدوج أولى بتخفيض ساعات العمل فنحن نصفق لهذا المطلب، و نحن سنكون في الصفوف الأمامية للدفاع عنه، لكن ليس على حساب الأمازيغية، و لتعلموا سيادة الأستاذ الكبير أن أستاذ الأمازيغية يدرس ست (6) مكونات لكل فوج، أي ما مجموعه ثمانية مكونات يوميا، فلا داعي للتباكي، أو بصيغة أخرى، لا للجهل المقدس، فكفى كذبا يا “طالب معاشو“.

 – رابعاً: أي نعم يا “مفتش”، المذكرات المتعلقة بتنظيم تدريس اللغة الأمازيغية يتيمة على قلتها، فلما لا تطالبون إلى جانبنا بإصدار مذكرات تساير وضعية الأمازيغية في ميدان التعليم عوض الضرب في المكتسبات، وإن اتفقنا مع سيادتكم في عدم تسقيف المذكرة 130 لعدد الأفواج في ثمانية ( أفواج كما تفضلتم به، فكيف يمكن إذا الاشتغال مع أكثر من ( أفواج، بمعنى هل ستقبلون أن يُدرس أستاذ اللغة الأمازيغية أكثر من ثلاثين (30) ساعة ضدا فيه !!! فأين مطلب تقليل ساعات العمل لأساتذة التعليم الابتدائي؟ فكفى كذبا يا “طالب معاشو“.

 خامساً: لسنا هنا في الحرم الجامعي لاستعراض ادبيات النضال و الكفاح أيها اليساري المحنك، فقولكم […فقط لأن الفرنسية والعربية والرياضيات والنشاط العلمي والتربية الفنية والتربية البدنية والاجتماعيات مواد لا بواكي لها ولا نشطاء يرفعون سيف ديموقليس للدفاع عنها.] ينم عن التعاطي مع التنظير البيداغوجي للمواد المدرسة بالتعليم الابتدائي بعقيلة “نضالية” بخسة، وليس بحس وطني يضمن تكافؤ الفرص و ضمان تعليم ديمقراطي لكل أبناء المغاربة، و هو كذلك ينم عن تبني فكرة القوة عوض قوة الفكرة، فكفى كذبا يا “طالب معاشو“.

 سادساً: أساتذة اللغة الأمازيغية ليسوا ضيوفا في المدارس، و ليسوا منزَّلين عليها، هم أساتذة ُعُينوا بها، ولهم نفس الحقوق و الواجبات إسوة بباقي زملائهم في المؤسسات الدراسية، لهذا فقولكم أنهم يَقتطعون من الزمن الدراسي للمواد الدراسية الأخرى سيجعلنا نتخيل أن أستاذ الأمازيغية يجول المؤسسة و هو بحاجة إلى التصدق عليه من زمن تعلمات التلاميذ و المواد الدراسية الأخرى، و كأن الأمازيغية ليس مادة رسمية ضمن المواد المدرسة بالتعليم الابتدائي كما جاء في المرجعيات و الوثائق الرسمية المنظمة له. فكفى كذبا يا “طالب معاشو“.

سابعاً و أخيراً: إدراج حصص الأمازيغية داخل جدول الحصص الخاصة بأساتذة اللغتين العربية و الفرنسية هو أمر ضروري لتبرير الزمن الغير المدرس من قبلهم أثناء اشتغال أستاذ الأمازيغية مع التلاميذ سواء داخل نفس الحجرة الدراسية الخاصة بهم إن لم يكن يتوفر على الحجرة الدراسية الخاصة به، أو داخل الحجرة الدراسية الخاصة به في حالة توفرها، أما الإشكال القانوني في حالة حدوث حادثة مدرسية، فوجود التلميذات و التلاميذ بمعية استاذ اللغة الأمازيغية في الحصة الدراسية المبرمجة في جدول الحصص الخاص به و جدول الحصص الخاص بأحد الأساتذة الآخرين كافي أن يحمل أستاذ اللغة الأمازيغية مسؤولية قسمه في ذلك التوقيت. فكفى كذبا يا “طالب معاشو“.

إلى هنا نتمنى صادقين أن يلتقط طالب معاشو” ومن معه الرسالة بصدر رحب، بكل موضوعية وبعقلية سوية متجردة عن عمى الايديولوجي، و أن يكون المقال نقطة انطلاق (بالنسبة لغير الملمين، أو لمن لا يريدون فهم الأمور) لفهم مجريات تدريس اللغة الأمازيغية بالمدرسة المغربية، والسلام على الدوام.

ياسين عبد الشافي، أستاذ التعليم الابتدائي – تخصص أمازيغية بمديرية تنغير.

تنغير في: 12/10/2022

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.