بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة والثلاثين لوزراء خارجية الدول الشمال-إفريقية التي خيبت آمال شعوبها في الوحدة والتكتل، لم يجد أشباه المثقفين من صحافيي المنابر الإعلامية بهذه الدول على اختلافها غير ترديد عبارة “المغرب العربي” لوصف الاتحاد المشلول الموبوء. وإذا كانت وسائل الإعلام المغربية هي التي تعنينا أكثر بحكم كوننا مغاربة أولا ثم لحسم دستور 2011 في المسألة ثانيا، فإنه يلزمنا التنبيه الى هذا السلوك المشين الذي عاد ليظهر بعد أن توارى لمدة غير طويلة بعد الدستور “الجديد”، سلوك ينمّ عن جهل بيّن أو تجاهل عنجهيّ لواقع شمال إفريقيا وكل معطياتها التاريخية والأنتروبولوجية، موقف يؤكد بما لا يدع الشك أن من يحملون رسالة الإعلام ببلادنا يعانون من التعنت المرضي الموسوم بالجهل المقدّس، وبعيدون كل البعد عن المهنية والمسؤولية اللتين تقتضيهما رسالة الإعلام.
قبل الخوض في تفاصيل الموضوع، يلزمنا الرجوع إلى الوراء قليلا، فعودة إلى المصادر التاريخية سواء العربية منها أو الغربية، سنجد لا محالة أن هذه البلاد كانت تسمى ببلاد البربر في المصادر العربية، في المنطقة الجغرافية الممتدة من غرب مصر القديمة إلى جزر الكناري، ومن ساحل البحر الأبيض المتوسط جنوباً إلى أعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالي، وتعرف ب (Berbérie) في المراجع التاريخية الأوربية مع مراعاة الفروق النطقية بين اللغات الأوربية. والى حدود القرن العشرين، كانت المنطقة تعرف بـ”الغرب الاسلامي” في الكتب المشرقية، ولم ترد قطّ عبارة “المغرب العربي” إلا بعد أن نجح التيار القومي العروبي الفاشي – والذي صنعته الدول الغربية نفسها للإطاحة بالإمبراطورية العثمانية الإسلامية التي نعتت بالرجل المريض في مقابل تحقيق حلم الدولة العربية الموحدة ضدا على سياسة التتريك وهدما للوحدة الإسلامية وبيعا لأرض فلسطين – في النفاذ إلى شمال أفريقيا بعدما انخرطت شرذمة من أبنائها في المشروع الفاشي الذي انتفض ضد القومية التركية لينتصر لقومية أخرى على حساب “آصرة الدين”، حيث تم ترويج عدد من الأبيات الشعرية والمقولات في هذا الاتجاه:
-
واتخذت العروبة دينا // وتركت ما لم يلزم
-
رب لغة تجمعنا خير من دين يفرقنا.





















