في زمن العلم و التنافس الفكري بين الشعوب و الأمم، و سعيها نحو تقديم الأفضل و المفيد للبشرية، وبوسائل تقنية حديثة و قنوات فضائية أنشئت خصيصا لنشر العلم و التطور الفكري، أصبحنا نشاهد ونسمع عبر قنواتنا الفضائية العري و الخلاعة و الرذيلة و الفحش باسم الفن و مغلف بغلاف الانفتاح الفكري و محاربة التزمت و الظلامية و …
و إن الله تعالى جعل من الميزان و القسط أساس الدعائم التي تحمل ثقل المجتمع البشري بغض النظر عن أي شيء آخر، و جعل القسطاس أداة قيام هذا الأساس و أمر أن يكون مستقيما و إلا اختل التوازن وانهد البناء المجتمعي و تقوض و تخرب كله.
و لقد اختلت الموازين و انقلبت المفاهيم، فأصبح الالتزام و الحياء و الحشمة عنوانا للانغلاق والرجعية و التخلف و الانحطاط، و حل محل كل ذلك غير ذلك عبر وسائل كانت من المفروض أن تكون للإعلام، لكنها أصبحت وسائل الإعدام.
و اختلت الموازين حين نرى قنواتنا الفضائية، الممولة من جيوب دافعي الضرائب، تتصرف وكأنها غير معنية بما تذيعه و تقدمه للشعب المغربي الأصيل، أو كأنها في غنى عن المشاهدين؛ بل بالعكس فالقنوات التلفزية هي المحتاجة للمشاهدين لكي تستمر في البث و الإرسال؛ إذ بدون مشاهدين لها تصبح القناة جوفاء فارغة، و يبقى التقاط ومشاهدة قنواتنا الوطنية حقا ثابتا من حقوق المواطن المغربي و ليس امتيازا و لا منة عليه.
و اختلت الموازين؛ حيث تبث القنوات الفضائحية (أقصد الفضائية) مشاهد الخلاعة و العري مباشرة ضمن ما بات يعرف “موازين” ظلما و عدوانا، و في كل عام، و خلال كل دورة منه، تتحفنا “نجمة” من “النجمات العالمية” بعرض مفاتنها في استعراض فاضح و سافر و مخجل، ضاربة عرض الحائط ما تبقى من الحشمة و الحياء في المجتمع المغربي الإسلامي الأصيل.
الأدهى و الأمر أن هذه القنوات التي تتسابق في نقل السفور و التبرج و تتفنن في عرضه و تلقينه للمجتمع و الأسرة و الفرد، و لم نرها يوما تقوم بقل صلاة التراويح خلال الشهر الفضيل؛ بل تمادت و زادت في غيها و تدمير ما تبقى ما حصون المجتمع بعرضها لمسلسلات و سلسلات و برامج يلهي الناس عن أداء العبادات لرب العباد، نائبة في ذلك نيابة كلية عن إبليس المصفد.
المصدرمبارك بويقوش (تنغير)
المصدر : https://tinghir.info/?p=9819