همس في أذن السيد الوالي: حين يُختزل الإعلام في الولاء والمواد الجاهزة وتُختطف الصفقات باسم الجهة

هيئة التحريرمنذ 19 ثانية
همس في أذن السيد الوالي: حين يُختزل الإعلام في الولاء والمواد الجاهزة وتُختطف الصفقات باسم الجهة

سيدي الوالي المحترم،

في ظل ما تعرفه جهة درعة تافيلالت من نقاشات متصاعدة حول تدبير صفقة التواصل ودعم الإعلام الجهوي، نرى من واجبنا، كفاعلين ومتابعين للشأن العام، أن نرفع إليكم هذا النداء، لا من باب التشكيك أو التهويل، بل من منطلق المسؤولية الجماعية والحرص على صون الثقة في المؤسسات.

لقد تابعنا، كما تابع الرأي العام، تفاصيل صفقة التواصل التي فجّرت موجة غضب واستنكار، ليس فقط من قبل الجسم الإعلامي الجهوي، بل حتى من داخل مجلس الجهة نفسه. تسعة عشر مؤسسة إعلامية أعلنت المقاطعة، وأعضاء من المجلس عبّروا عن رفضهم الصريح للطريقة التي تُدار بها مالية الجهة، وكأنها ضيعة خاصة لا تخضع للمساءلة ولا للمحاسبة، وشكاية لدى النيابة العامة بتهمة تغيير معطيات محرر رسمي.

سيدي الوالي،

دفتر تحملات تمت المصادقة عليه منذ سنة 2022، بعد مشاورات موسعة مع الفاعلين الإعلاميين، ظل حبيس الرفوف، تُعلّق عليه المبررات تارة بتعليمات الوالي السابق وانتقامه من الاعلام، وتارة بملاحظات السلطة المكلفة بالداخلية على مستوى المركز، لكن الحقيقة التي لا يمكن حجبها، أن هناك من لا يريد إعلاماً جهوياً قوياً، بل يريده تابعاً، خانعاً، يصفق ولا ينتقد، يمدح ولا يراقب.

هل يُعقل أن تُسند صفقة تواصل باسم الجهة إلى شخص لا علاقة له بالمجال، فقط لأنه شقيق برلماني من حزب رئيس الجهة؟ هل يُعقل أن تُذبح مسطرة فتح الأظرفة و يزوَر حضور رئيس اللجنة في اليوم المعلن عن الفتح، و أن يُعدّل محضر فتح الأظرفة بعد نشره على بوابة الصفقات العمومية، ويُسحب ويُعوّض بآخر، دون أن يُفتح تحقيق إداري أو قضائي؟ و أليس هذا عبثاً بمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص؟

سيدي الوالي،

إن الإعلام الجهوي ليس خصماً، بل شريك في التنمية، وصمام أمان ضد الانحرافات، مجالس جهات أخرى في المملكة فهمت هذا المعطى، وأبرمت اتفاقيات دعم واضحة، بشفافية، وبتشاور مع المهنيين، دون مساومات ولا شروط سياسية، ولا أهداف انتخابية، فلماذا تصر جهة درعة تافيلالت على أن تكون الاستثناء السلبي في كل شيء؟

بالنظر إلى ما تشهده جهة درعة تافيلالت، من تعثرات في تفعيل دعم الإعلام الجهوي، فإن صمت المؤسسات المعنية، وعلى رأسها رئاسة الجهة، لا يمكن تفسيره إلا كغياب للإرادة السياسية في تصحيح المسار، أو كرضا ضمني عن ممارسات تفتقر إلى الشفافية والمهنية، أو حتى كتوجيه سياسي وانتخابي للتعاطي مع الاعلام الجهوي، فالمؤسسات العمومية، حين تتخلف عن أداء دورها الرقابي والتواصلي، تضعف الثقة في العمل المؤسساتي، وتفتح المجال أمام التأويلات والشكوك، وهو ما لا يخدم لا الجهة ولا الوطن.

إن ما ننتظره اليوم ليس فقط تفعيل دفتر التحملات، بل إرساء مقاربة جديدة في العلاقة مع الإعلام الجهوي، تقوم على الاعتراف بدوره الحيوي، واحترام استقلاليته، وتوفير شروط الاشتغال المهني دون إقصاء أو تمييز، فالإعلام الحر والمسؤول لا يُبنى بالولاءات، بل بالثقة المتبادلة، وبإرادة سياسية تؤمن بأن النقد البناء هو رافعة للإصلاح، لا تهديد للاستقرار.

نرفع إليكم هذا النداء المسؤول، ثقةً في حرصكم على صون المصلحة العامة، وتقديراً لدوركم في ضمان احترام مبادئ الحكامة والشفافية داخل مؤسسات الجهة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة