يعيش الزملاء في صحيفة الناس منـذ مـا يزيـد على أربعـة أشهـر (وتحديدا بعـد تعيين مدير نشر جديد في شخص خالد بوبكري مكان مصطفى الفن) وضعـاً كارثيا بكل المقاييس المهنية والإنسانية والنفسية حسبما كشف عنه مصدر مطلع ، كان ضحاياه المباشرون مجموع العاملين بالجريدة (صحافيين وتقنيين وموزعيـن).
وقد بدأت أولى بوادر الأزمة حين صار العاملون لا يتوصلون بأجورهم في وقتها المحدد، حيث أصبح مستخدَمو الجريدة يتوصلون بهذه الأجور بعد أزيد من شهر من التأخير في أحسن الحالات، مع ما يرافق ذلك من مشاكل وتعقيدات على مختلف الأصعدة (كراء -واجبات مدارس الأطفال -تطبيب). وقد نتج عن هذه الوضعية أن معظم مستخدمي الجريدة تحولوا إلى حالات اجتماعية، يراوغون أو يؤجلون المشاكل المترتبة عن هذا الوضع الشاذ؛ إذ بينهم مَن هم مهددون بالإفراغ من منازلهم جراء عجزهم عن توفير سومة الكراء، مع ما يرافق ذلك من مشاكل وأزمات أسَرية مرشحة لنهايات مأساوية في الكثير من الحالات ، ونتسائل عن دور مندوبية التشغيل في هذا الوضع الاستثنائي ؟
وحسب ذات المصدر فإن الصحافيين يعانون معاناة معنوية بحكم أنهم لم يعودوا يزاولون عملهم اليومي، الذي هو رأسمالهم الرمزي؛ حيث فقدوا كل رغبة في الاستمرار في ظل هذا الوضع المأساوي الذي انتهت إليه الجريدة. كما تراجعت أسهمهم في الميدان وفقدت أسماؤهم بريقها بحكم غياب توقيعاتهم، سواء من خلال تحرير الأخبار أو إعداد الملفات والتحقيقات أو الأعمدة؛ ليفقدوا بذلك مكانتهم في مشهد الصحافة المكتوبة، الذي يعرف الجميع إكراهاته حتى بالنسبة إلى مَن يشتغلون يوميا ويوقعون المقالات والحوارات والأخبار التي يواكبونها؛ فكيف وقد صاروا “مُعطلين” عن التوقيع!؟
ولعل ما يزيد الوضع غموضا هو هذا التجاهل غير المبرر لكل نداءات وخطوات العاملين بالجريدة من أجل إيجاد حل لهذه الوضعية الشاذة بطرق حبية ودون الاضطرار إلى اتباع المسطرة القانونية؛ حيث إن التجاهل هو لغة الأوصياء على هذا المنبر، الذي ضحّى معظم الملتحقين بركبه بسنوات عملهم في منابر سابقة بأمل أن يخوضوا التجربة ويذهبوا بها إلى بر الأمان، وهو ما تأتى لهم بالفعل؛ إذ استطاعت الجريدة أن تفرض نفسها في ظرف وجيز وتصنع لها اسماً في أكشاك الصحف المكتوبة؛ ليُصدَموا في الأخير بهذا المآل الذي انتهت إليهم الجريدة.
وإلى حدود كتابة هذه السطور ما زال العاملون بـ”صحيفة الناس”، وفق المعلومات المتوفرة ، لم يتوصّلوا بأجرتَي فبراير ومارس؛ مع ما يتبع ذلك من مشاكل ليس أقلها الاقتطاعات البنكية، التي لا تعرف التأجيل أو التبرير، ناهيك عن أن مجموع الصحافيين والعاملين ليس لهم دخل آخر خارج عملهم في الجريدة يستطيعون من خلاله تدبر أمور معيشتهم وعائلاتهم؛ ولنا أن نتصور حجم معاناتهم في سبيل توفير متطلبات المعيشة في أدنى مستوياتها وهم لم يتوصلوا بأجرة شهرين..
كما تسائل ذات المصدرالذي رفض الكشف عن اسمه ، هل هي مجرد إعادة هيكلة لـ”صحيفة الناس”، كما يزعم مسؤولو الجريدة، لم يُراعِ فيها القيّمون عليها أوضاع العاملين؟ أم هي بداية نهاية منبر آخَر من صحافتنا المكتوبة، سيراً على نهج منابرَ أخرى انتهت النهاية الحزينة ذاتها، آخرها يومية “الخبر” مجلة “الآن”، وقبلهما “الشروق”؟..
إلى حد الساعة، ما زالت وزارة الاتصال تتفرج في ملف “صحيفة الناس”، والمفترَض أنها هي الوصية على القطاع ويلزم أن تقوم بما يلزم في هذه الحالة.
وهناك مستجدات في الملف وعد المصدر بالكشف عنها في حينها …
حفيظ زرزان
المصدر : https://tinghir.info/?p=7268