شكل المنتدى الوطني للمدرس، شتنبر 2024، فرصة معرفية ومهنية وإنسانية للعديد من المشاركين/ات، وذلك على شرف الفريق الإقليمي الذي يمثلونه؛ من حيث الفاعلية والإيجابية والقابلية في التحرك والتحول، تحت ضوء شعار المنتدى في نسخته الأولى: المدرس؛ محرك تحول التربية والتعليم، عبر الممارسة والمساهمة في تحول الوسائط التعليمية إبداعا وإنشاء وجمالا، هذه الوسائط (تقنية ورقمية وتنشيطية)، من شأنها جعل التحول – في مجال التربية والتعليم – من عوالم بلا خرائط من الخطابات الميؤوسة والبئيسة وما يقترن بها من أرقام وإحصاءات ومؤشرات تنقيصية إقصائية منحطة متواترة، إلى عالم الممكن الإيجابي بالذكاءات المتعددة؛ عبر الريادة والحب والثقافة والحلم والفرح، وبالتفصيل: عبر مشروع الريادة، ومشاعر الحب، وقيمة الثقافة، وبناء الحلم، ثم تبني بيداغوجيا الفرح.
واستنادا إلى مشروعية تعدد البيداغوجيات الإبداعية التي تمكننا من توسيع هوامش المبادرات التعليمية الحية، وتعميم دوائر الممارسات المهنية الناجعة والمنتجة، واعتبارا لما تقدمه طرق الاستدلال، وممكنات الاستقراء، والتفاوض الاستنباطي.. استطعنا رسم خارطة الطريق 22-26، ومن خلالها وضع آليات الإطار الإجرائي المعياري النموذجي الملموس، قابل للتقييم والقياس.
وأكاد أشبه أن كل هذا السعي بين الإصلاح والإصلاح، بطائر يحوم حول العش/الطفل المغربي، ومنه نطرح التساؤل: كيف نجعل الطفل المغربي فرحا مقداما مقبلا إلى المدرسة لا مدبرا؟ أو بالأحرى هل من بيداغوجيا مبنية على أساس فلسفي لا وصفاتي تدير الظهر لمشاعر الشخص/الطفل؟
من تمكن من الاطلاع على منجز أزيد من 150 سنة(مذ 1850 إلى اليوم) في «علوم التربية» بأوربا وأمريكا وآسيا، وله باع يسير في الأساس الفلسفي للتربية في المنظور العقائدي الإسلامي بالتحديد، سيتمكن من إدراك الس/صيرورة الذهنية للطفل، ومداركه الوجدانية الإفهامية والنمائية.
وأنا مولوع بمعطيات علوم التربية، وجديد الساحة المغربية في تفاعلاتها المباشرة وغير المباشرة مع متغيرات هذي العلوم، سارعت خوارزميات هذا الفضاء الأزرق كانعكاس محسوس/مجرد لجانب من الذكاء الاصطناعي المدعوم، طالعني بث مباشر للعلم المغربي المرموق الدكتور الحسن اللحية في صفحته ” نسر الأعالي ” وهو يحلق بمشاهديه إلى العلياء، مدعيا أن المغرب بكل الاجتهادات القائمة، وبما في ذلك كلية علوم التربية، لم تضطلع بعد بفلسفة علوم التربية، وتظل التقسيمات المتواترة لها، لا تقدم سوى ممن هو بعيد كل البعد عن ميدان علوم التربية، وهنا استحضر علما مغربيا آخر الدكتور محمد الدريج – هذا الذي كسحت كتبه كل مناحي الحياة المهنية لأطر التدريس – ردا على الاقتراح الجديد الذي تبناه ودعا إليه؛ حيث أرى فيه ملامح ” بيداغوجيا الفرح”؟
ففي إطار مراجعة وإعادة النظر في التصنيف الذي ساهمت به كلية علوم التربية، اقترح الدكتور محمد الدريج تصنيفا جديدا لعلوم التربية الأساسية – بعد مرور أزيد من عشرين سنة من العمل على الأساس الفلسفي والمفهومي للميثاق الوطني للتربية والتكوين – إلى أربعة محاور كبرى تشكل علوما مستقلة ومتكاملة، قاسمها المشترك هو تربية الإنسان وتكوين سخصيته من كل الجوانب والأبعاد، وهي تحوي معطيات وتأسيسات وأدوات اشتغال وفرضيات.. إلا وهي:
علم البيداغوجيا: التربية الوجدانية والقيمية والأخلاقية
علم الديداكتيك: اكتساب المعارف والتربية الفكرية المعرفية والعقلية
علم التربية البدنية: التربية الجسمية والحس حركية
علم الكفايات: اكتساب الكفايات(الصلبة والناعمة) ومهارات الحياة(بشكل عام).
وبهكذا نستهدف الأبعاد التكوينية الأربعة للشخص/الطفل: البيولوجية والاجتماعية والوجدانية والمعرفية.
فالأنشطة التي تستهدف الطفل لا محالة وجدانية فكرية حركية تمتعه بفهم الذات والفرح في إنجاز الكفاية، فتصير مهارة في وضيعات مختلفة ومتنوعة.. هذا دون الغوض في معاني الفرح، ما دام اقترانه بحب الولوج وشغف المثاقفة وبناء الأحلام من صلب المدرسة؟
بما أن الحياة شقيقة التحول والتجدد، فهي لا تقبل التأكسد في قوارير الزمن؛ وانصهارا في الشعار: المدرس محرك تحول التربية والتعليم، فهو تقسيم مقبول إلى حد بعيد، أو على الأقل إلى أن يرد الدكتور الحسن اللحية.. وللحديث بقية.
المصدر : https://tinghir.info/?p=72220