يبكي الرجال على غير العادة ويتألم الشيوخ على غير المألوف ، رمى بهم الزمان في الخلاء ولا معين الا العالم القهار، في زمن شحت فيه الأمطار بالجنوب الشرقي من جديد ،وتضاعفت معاناة المغرب العميق في ظل فقر مستدام ،التعب والعُري أعيى الرحل والفقراء، والتفاوت الاجتماعي تنامى بشكل كبير وفظيع وملفت حيث قلّ الماء وغارت الآبار وضن العيش والقحط بالواحات والمراعي .
حال الرحل هذا العام مستعص ،هجر الكثير منهم الشعاب ، سافروا بوجه عبوس كظيم ومتعب، بين أودية جافة ورمال بها أثر زحف زواحف كثيرة ،خرجت بدورها من الجحور بحثا عن طعم مستساغ ، سافروا على أصوات الغربان صباحا وأصوات البوم مساء متحسرين ،منكسرين ،منقبضين طالبين ربهم الجود والغيث ..
هم رحل لا يعرفون من الحياة غير شروق الشمس وغروبها، وأين توجد قطرة ماء ليقطعوا من أجلها المسافات الطوال على الأقدام، أو على مطية دواب ضامرة من البغال والحمير والابل ، ضرعها قل لبنه وزبده ولا عائدات من بيع الأسواق ،ولا دخل قار.
رحَل من له القدرة ،وبقي الشيخ الكهل رابضا يمسح دمع عين أتعبها الرمد رابضا بالخلاء الوطن ،يبكي ألما وحسرة على زمن ‘ الشمتا’ و’الشمايت’ والزمن الذي اعطى سائبا للمتملقين واهل الخواء ،لعنة الله عليكم أيها الفاسدون المفسدون فخذوا المناصب والمكاسب و ما شئتم ومتى شئتم فنهايتكم خواء وخراء ..واتركوا لهم الوطن .
المصدر : https://tinghir.info/?p=71247