علمتنا الحياة في الحياة معادن الناس، منهم من هو من فصيلة معدن النحاس، ومنهم من هو من فصيلة معدن الألماس، ومنهم أيضا من هو من فصيلة السوقة الأنذال (أسوقي) كقيمة لا كلون. ومنهم من هو من فصيلة أخيار الناس …وتتغير المراتب حسب العوامل بالمفهوم السردي عند گريماس، أو حسب المجاورة في التركيب الأسلوبي العربي، سواء بالفتح أو الجر أو الضم في الشاهد ‘ جحر ضبّ خربِ’ او حسب تغير الوضع بالحركة والتنقل فوق الرقعة .
وقد شرب الكثير من بئر العز ،ونهل من منصب أو مرتبة، حين كانت الغدران تجري، وعلى حوافها النرجس ،يطل محتشما ،حيث الأنفة وإتقان الأدوار في مجالات: سياسية أو حزبية أو نقابية أو إعلامية .. . الصوت له صوت ، والكرامة لها كرامة ، والكلمة لها كلمة ، بمعنى الرجولة أو ‘ترجليت’، فتقلد الكثير المسؤولية مدركا قيمتها حيث كان البئر صافيا و ‘ماه زين ‘..لكن لما اتسخ العمل السياسي والنقابي والحزبي والإعلامي ..بكثرة الأيادي العفنة والمتعفنة والمتسخة ،انسحب الرجال الرجال لترك هذه المجالات ل’غسيل الرجلين’ فخلت المرابض من الفرسان، واسترخت فيها الأتن، وتقمصت الأدوار منتشية، تبحث عن زبناء كوادر، وهم بالفعل كوادر ‘ نيت ‘ بالمفهوم العامي للكلمة ،لإغرائها ببطاقات بالألوان، لتزهو بها خواء ،فأدخلتها في جوف الحوت وعلمتها المكر السياسي لتتفنن في تقديم أروع تسبحة السيد المسيح لحظات موته على الصليب ،ولحظة دفنه في القبر كما تغنت بذلك الكنيسة في الساعة الثانية عشر من الجمعة العظيمة ،بعد النشيد بلحن الحزن في مراثي إرميا، كما قرأنا في تفاسير أسفار الكتاب.. وعلمتها كيف تتفنن قراءة مأساة الحلاج، وكيف تفسر أبعاد النوم في برميل، وكيف تحمل المصباح في واضحة النهار ،وعلمتها السياسية والعلاقة بين السلطة المتحالفة مع الدين والمعارضة ومحنة العقل.
شرب الكثير من بئر النقاء قبل الاتساخ، وتعلموا من أنفة عنترة العبسي،حين كان يغشى الوغى ويعف عند المغنم.. وحين كثر العفن والتعفن تركوا ذاك الماء للأنذال والأرذال ،ليغسلوا به وجوههم وأيديهم إلى المرافق ويمسحوا به برؤوسهم وأرجلهم إلى الكعبين، وإن كانوا جنبا ليطهروا به ، ففسدت صلاتهم ولم تصح ،لأن وضوءهم كان بماء فاسد ملوث ..
المصدر : https://tinghir.info/?p=71125