لملوخية عدوة الخبز، وسيدة الخضر في المرق، أو” لَبْلول ْ ” بلغة اهل تافيلالت، دخلت الاسواق منذ شهر ماي بدرعة تافيلالت وهي من المنتوجات المجالية الواحية من ‘ لبحيرة ‘ وضيفة مرحب بها رغم غلائها في بداية موسم الصيف او اواخر شهر ابريل، لا يحلو أكلها ولا يطيب ، إلا إذا تم طهيها ب ” لَقْنوشة” أو “تقنوشت ” بلغة ايت تمازيرت ، و ” تَعقد” عليها النساء النار الحارقة التقليدية ب “عِيدان “من حطب ،أو ب “مغصوب ” النخيل مدة طويلة من الزمن ،ويؤذن عليها ثلاثة مؤذنين في قديم الزمان وهي فوق اللهب حسب رواة من الزريكات او الزريقات : العصر والمغرب والعشاء حتى تصبح ” زريعتها حمراء ” وتنقطع “ريُوكْها ” أي لعابها ساعة الأكل ليجتمع عليها أهل الدار بالتفريق بين مجموعة الرجال ،والنساء والأطفال.
الخبز البَلْدي المدور العريض كالعجلات ، المطهي بدوره بالطريقة التقليدية في ” الكوشة ” والذي عجنته المرأة ” الحَادْكة ” لا ، لآلة العجّانة ‘..الخبز الذي يجب أن يكون ،لا حارقا ولا باردا ،يُقسّم أطرافا على دائرة ‘ الطابلة ‘ ،وإذا أحدثت “شقفة ” الخبز صوتا مدويا على الطاولة أثناء التقطيع ،فذاك عيب في عمل من عجنته لثقله أو لكونه ” مْدقّس” فيعكر الصنع ،التلذذ بمذاق لَملوخية .
تأتي الأم حاملة ” طبسيل لملوخية” إلي جانب الحار وتضعه فوق “الطبلة “المدورة ،وتتمدد الأيادي وتسافر من هنا وهناك، ولا تسمع غير ” حنحنة ” الآكلين، وفي أكل لملوخية الفيلالية عجب وذوق، تأكلها بالليل والنهار لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر دون ملل في الماضي على خلاف أهل المدن الذين يكره معظمهم حتى سماعها، وكم هو مقيت عندنا أهالي تافيلالت ،حين تذكر لملوخية بجانب أحد ويقول لك ” إخْ” كأنه شم رائحة منبعثة من الدبر. .
لملوخية في الصيف تصل كل المدن المغربية ،ولا يشتريها أو يُقبل عليها في الغالب إلا أهل الجنوب الشرقي ، فتسمع في درب السويقة بالرباط صوت “مولاي مصطفى طاسيل” رحمة الله عليه بائعها القادم من سجلماسة بأعلى صوت يردد بنبرة عالية فيها مزحة وجد ” هادي لملوخية الفيلالية طْرية أُوفْتية ،خَصْ طّيّبْها مْرَا نْقِيّة، أُودّيرْ فيها لْحِيمَ غَنِميّة أُو زْوِيتا بلدية ،والله افتح عليك أُو علي ،أو على أمة سيدنا شْرِيها ،وَلا ّ بَعّدْ عْلِيّا الله إِعْطِيكْ خْطِيّا ” …هي العبارات التي يرددها الشريف بصوته الجهوري الأجش ليبيع منتوج تافيلالت ،فيتلذذ المارة بطريقة العرض وثقافة أهل الجنوب في البيع والشراء والتعامل .
بعد الانتهاء من الأكل فالطرح لم يكتمل بعد ،ولا بد من “طْبَگ” ديال لَمْنون الثقيل، او ‘الدلاح ‘ والكبير والمقطع على شكل ” صْنانْفْ او شْنَانْفْ” من الحجم الكبير، حسب التداول اللغوي والذي لا يباع بالكيلو قديما بل بالتقريب حسب خفة او ثقل المنتوج ، بعد ان يشمها ويضربها الفلاح من هنا وهناك ، فتسمع لها طنينا فتستمتع بالصوت كما تستمتع بضرب رأس ” لَمْصلّع” في الصيف ،ويقدر الثمن حسب الطنين قديما ، لأنه منتوج دخيل على المنطقة لكنه مفضل عند الكثير لخفته في الأكل ومائه الكثير
يطيب مجلس وأكل أهل تافيلالت ب” لملوخية ” والمدفونة و الفراخ، وهي الأكلات المعروفة بها تاريخيا ، ومن حلّ ضيفا أو زائرا عند اهالي تافيلالت فلابد من اكلها اياما دون ان يملها وهي من الاطباق المتداولة ولو ان شباب وشابات العصر يمقتون اكلها او حتى سماعها.
المصدر : https://tinghir.info/?p=70619