بقلم: يونس حسنائي
لكي نكون منصفين و لكي نعطي لكل ذي حق حقه كان و لا بد من الانسلاخ و التحرر من سجن الانتماء و العرق و التحلي بالحيادية و المصداقية بعيدا عن أي حسابات أخرى تذكر.
فبعد زيارة مدينة الرشيدية بالآونة الأخيرة قمت بجولة بين أحياء تلك المدينة لتفقدها دربا دربا و حيا حيا ، و التحدث مع ساكنتها لاكتشاف أخر المستجدات و التطورات و ما هي المعايير التي اعتمد عليها لاختيارها عاصمة لجهة درعة تافيلالت.
في الحقيقة سأقول كلمة حق رغم أن كلامي هذا لن يعجب معظم من يتابعون كتاباتي ، لكن الحق يعلو و لا يعلا عليه ، و الساكت عن الحق شيطان اخرس.
و بما أننا في دولة الحق و القانون فمدينة الرشيدية و رغم أني ابن هذه المنطقة فهي لا تستحق أن تكون عاصمة لهذه الجهة و كان من الأولى لو خول لمدينة مثل ورزازات مثل هذا التكليف و ذلك لعدة اعتبارات.
أولها و أهمها أن ساكنة مدينة الرشيدية ليست لديهم أي غيرة نهائيا و بتاتا على بلدهم الأم و اقصد الرشيدية فكيف ستكون لهم غيرة على منطقة كبرى مثل ورزازات….. فمعظم أرباب المال و الأعمال بمدينة الرشيدية يستثمرون أموالهم خارج مدينتهم متجهين صوب مكناس أو فاس أو مدن الدار البيضاء لاقامة المشاريع الكبرى متناسيهم و متجاهلين أصولهم.
بالإضافة إلى صمت ساكنتها عن أي ضرر يلحقهم دون أن ينبسوا ببنت شفه مع أي مسؤول ، فهم مجرد مواطنين مسالمين لا يفقهون من حقوقهم و حقوق مدينتهم شيئا و الغريب و العجيب في الأمر أن نسبة كبيرة جدا من سكان تلك المدينة لا يعلمون شيئا عن التقسيم الجديد أو ما يدور بالساحة السياسية اليوم حول هذا التقسيم و ذلك لضعف الإعلام المحلي إن لم نقل انعدامه.
بل و الأدهى من ذلك أن غالبية أبناء مدينة الرشيدية في مدن أخرى يخجلون من ذكر انتمائهم و أصولهم إلى جهة الجنوب الشرقي.
فكيف بمدينة ستتحمل مسؤولية النهوض بجهة كبرى لم تقدر أن تتحمل مسؤولية النهوض بمدينة صغيرة كالرشيدية رغم العديد من الفرص الذهبية لعدة سنين لولا الزيارات و الهبات الملكية التي حضيت بها هذه المدينة في السنين الأخيرة لما قامت لها قائمة و لا شهدت هذه التهيئة الحضارية المحتشمة.
كيف لمدينة مثل الرشيدية ان تكون عاصمة لجهة درعة تافيلالت و لا توجد بها وكالة واحدة للسياحة ، او فندق محترم يتوفر على معايير الجودة المعترف بها وطنيا.
كيف لمدينة كهذه أرادت أن تحرق المراحل لتجد نفسها بين عشية و ضحاها ضمن قائمة الولايات الكبرى بالمغرب و هي لا تمتلك شركة خاصة للجمع النفايات.
كيف يمكن الاعتماد عليها بمرحلة الجهوية الموسعة بجلب استثمارات و مشاريع كبرى للجهة و هي نفسها لم تقدر على جلب مشروع بسيط خلال السنوات الطويلة هذه ، لأنهم و بكل صراحة النخب السياسية التي يتباهون بهم بتلك المناطق لا يخدمون إلا أنفسهم خارج تراب منطقتهم لا غير.
فعدم تطوير المدينة نفسها بنفسها و التي جعلها في مصاف المدن المهمشة خلال السنوات الطويلة التي خلت دليل قاطع على فشل نخبها السياسية، و إذا قلنا أن بهذه السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تطورا ملحوظا – رغم أني لم الحظ أي تطور يذكر – من حيث التهيئة الحضرية فهي الطامة الكبرى و الدليل على عدم كفاءتها في الريادة ، لان هذا التطور مقرون فقط بحسابات حزبية سياسية محظة بعيدة المدى و ليست بالجهود الذاتية لأبناء المدينة و النابع من حبهم و غيرتهم على المدينة ، و الذي هو أشبه بانتظار المهدي المنتظر للإصلاح.
ففاقد الشيء لا يعطيه ، و بالنسبة لي أن من يريد أن يحمل مشعل النهوض بهذه الجهة وجب عليه أن يمتلك الغيرة و الحب لهذه المنطقة قبل أي تهيئة حضرية أو إدارات أو حدائق أو غيرها من الأسباب التافهة المضحكة . و هذا الحب لمسته فعلا في أبناء مدينة ورزازات ، الذين لهم طموح و إرادة بالنهوض بمدينة مثل ورزازات رغم المعيقات التي تشهدها سياسة تطوير المدينة. و بالتأكيد طموحهم هذا لن يتوقف إذا ما سلمت لهم الشعلة النهوض بل سيتعداه إلى ابعد من ذلك لتطوير و النهوض بالجهة ككل.
المصدر : https://tinghir.info/?p=70