نظمت الكتابة الإقليمية للشبيبة الاشتراكية بتنغير جهة درعة تافيلالت، ندوة علمية حول موضوع ” السياسات العمومية بجهة درعة تافيلالت في مجال الهجرة: الواقع والتحديات المستقبلية”.
وقد تمت أشغال هذه الندوة بقاعة الاجتماعات مقهى أطلس إغير الكائنة بمحطة وقود إفريقيا تنغير بتاريخ الجمعة 25 رمضان 1445 الموافق لـ 05 أبريل2024، ابتداء من الساعة التاسعة و النصف ليلا، في إطار برنامج الأنشطة الرمضانية للكتابة.
استهلت أشغال هذا اللقاء بكلمة مسير الندوة السيد الحسين أمروح بصفته رئيس الكتابة الإقليمية، وبعد ترحيبه بالحضور وشكره الأساتذة المتدخلين قام بتقديم موضوع الندوة، مشددا على أهميته على المستوى الإقليمي والجهوي والوطني. ثم أعطى الكلمة للجنة التنظيمية في شخصها الأستاذة فاطمة عدنان التي شكرت بدورها الأساتذة المتدخلين ورحبت بالحضور الكريم .
بعد إشادته بأهمية مثل هذه اللقاءات العلمية، افتتح المداخلات بمداخلة الدكتور عبد الله أوسعى أستاذ محاضر بكلية العلوم جامعة ابن زهر بأكادير تحت عنوان “الدوافع الرئيسية للهجرة الداخلية من جهة درعة تافيلالت إلى جهات اخرى داخل المغرب”، حيث تحدث عن مجموعة من الأسباب والدوافع وراء هذه الهجرة الداخلية من أهمها الأسباب الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية المتمثلة في تفقير وتهميش مجال وإنسان الجنوب الشرقي، وغياب المستشفيات و الجامعات، وبالتالي الهجرة نحو المدن الكبرى لعيش الحياة الكريمة، كما ذكر العوامل النفسية التي تزرع الكره، والعنصرية خاصة داخلة المؤسسات كالإدارات التي لا تحترم المواطن الأسمري، الامر الذي يجعله يفقد الثقة ويفكر في المغادرة، كما أكد على غياب النجاعة والإرادة السياسية من طرف المسؤولين على الشأن المحلي، كعدم الاستفادة، أو تيسير الاستفادة من برامج الدولة نموذج “فرصة، والدعم على السكن، والمقاولة، والاستثمار، وضعف البنيات التحية، كلها عوامل متداخلة يكون مألها المغادرة نحو المدينة.
من جانبه قارب الطالب الباحث في سلك الدكتوراه تخصص السوسيولوجيا بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، السيد نافع أبو عبد الله في مداخلته المعنونة ” الشباب التنغيري بين مسار التنمية المتعثرة والهجرة ” غير النظاميبة”: مقاربة سوسيو-انثروبولوجية” موضوع الهجرة من الجانب الاجتماعي و الانثروبولوجي على شكل بحث اكاديمي، حيث قدم مجموعة من المعطيات والاستنتاجات المبنية على دراسة ميدانية أعدها الأستاذ حول هذا الموضوع، إذ توصل من خلالها إلى ـن الهجرة غير النظامية أو ما يسمى بالحريك فرضته تمظهرات الواقع الاجتماعي المتسم بغيب العدالة الاجتماعية، والسوسيومجالة كالبطالة، وغياب فرص الشغل، الإحساس باللاتكافؤ، وارتفاع مؤشر الفقر كلها عوامل فرضت نفسها على نفسية الشباب التنغيري إلى الهجرة من أجل تحقيق الحركية والمال، وهو ما تم ملامسته جليا في الاستجوابات الميدانية مع ثلة من شباب تنغير.
وفي مداخلة الأستاذ لحسن بن ايشو أستاذ مادة الفلسفة بالثانوية التأهيلية ابن خلدون بجماعة امصيسي تحت عنوان ” التلاميذ والهجرة: الواقع والمأمول ” فقد استهلها بسرد واقع حي من حوض المعيدر بجهة درعة تافيلالت ( تخوم الجنوب الشرقي نموذج جماعة امصيسي، واحصيا، وألنيف المهمشة) داخل الجهة المهمشة، التهميش داخل التهميش كما سمتها المتدخل، بالتشخيص وبالأرقام، والحالات حول ظاهرة هجرة القاصرين خاصة التلاميذ في قوارب الموت، حيث أصبحت الأقسام خاوية، وقال أن الوضع في حوض المعيدر لا يبشر بالخير وأن مأل التلاميذ والاسر خطر أمام استفحال فكرة الهجرة مقارنة مع الأحواض أخرى داخل نفس الجهة، مقابل غياب دور المسؤولين التربويين وعلى رأسهم المديرية الإقليمية تنغير في عمليات التحسيس و تنظيم الحملات، والجرأة بالملموس لبدائل وحلول لإقناع التلاميذ التخلي عن فكرة قوارب الموت، وأن الأستاذ والاسرة فقد غلب على أمرها .
ويرى الأستاذ أنه ان الأوان للتفكير بمقاربة تشاركية مع الاسر، والفاعلين السياسيين وجمعيات المجتمع المدني للتعاون للحد من هذه الظاهرة، لأن المأمول كما جاء على لسان الأستاذ هو أن يكون تفكير التلميذ الدراسة والنجاح في اخر السنة.
أما المداخلة الرابعة فكانت من نصيب الأستاذ موحى رحماوي ( موحا أوحا) المنسق الجهوي لحركة شباب التغير درعة تافيلالت بعنوان ” عودة المهاجرين والصدمة الأخير” فقد تطرق إلى موضوع الهجرة من منظور تاريخي ثقافي، في سرد كرونولي لبوادر أفكار مغادرة الوطن، وإن صح التعبير القبيلة خلال حياة الترحال باعتبار ساكنة المجال رحل، وأن الحركية البشرية عبر التاريخي لدرعة تافيلالت لم تعرف الاستقرار إلى زمننا هذا مرورا بفترات التهدئة وما بعد الاستقلال، نظرا للمعطيات المتغيرة في البنية الاجتماعية في شقها المتعلق بالبحث عن الثروة ( الهجرة الإيجابية) فترة موغا، وقد اعتبر المتدخل هذا السرد بوادر لأفكار المغادرة والاغتراب والعيش في الهامش.
ودعا المتدخل للحد من هذه الظاهرة إلى تبني سياسة شمولية لمعالجة هذه الظاهرة، من قبيل تدبير وتقنين سلوك الهجرة بين البلدان المصدرة والبلدان المستقبلة بمعطى سياسي واقتصادي ايجابي رابح رابح، ووضع خطط واستراتيجيات ناجعة للاستثمار في صفوف الشباب، القضاء ومحاربة مافيا الاتجار في البشر، خلق فرص كبيرة وواسعة للتشغيل.
ومباشرة بعد انهاء المداخلات تقدم شاب من إقليم تنغير لعرض وسرد شهادات حية حول تجربته في طريق البلقان إلى الدول الاوربية، وما واجهه من صعوبات ومخاطر في الوصول الى حياة النعيم كما يراها.
ثم فتح باب النقاش، ليتدخل الحاضرين والحاضرات بتساؤلاتهم وإضافاتهم حول واقع واشكالات الهجرة بصفة عامة، بحيث عملت مداخلات الحضور على مقاربة الموضوع من مختلف زواياه ( أسباب، وحلول، وافق)، كما طرحت الأسئلة للمحاضرين، وتقدمت بوجهات نظر حول هذه الظاهرة.
وعلى هامش الندوة تم تقديم وعرض وتوقيع كتاب تحت عنوان ” مقاومة قبائل أيت عطا وأيت يفلمان للاحتلال الفرنسي ( 1899-1932) للدكتور الباحث محمد كمال.
وفي الأخير جدد مسير الندوة شكره للمتدخلين والحاضرين، وقدم الشواهد المشاركة والتقديرية للأساتذة المتدخلين واللجنة التنظيمية، كما أكد على استمرار الشبيبة الاشتراكية في طرح مثل هكذا مواضيع للنقاش العمومي، وعلى تنفيذ برنامجه السنوي المسطر .
المصدر : https://tinghir.info/?p=69608