تعديل مدونة الأسرة كان أحد أبرز المواضيع التي استأثرت باهتمام الرأي العام المغربي وذلك منذ شهرين تقريباً عقب مراسلة العاهل المغربي لرئيس الحكومة من أجل تعديل قوانين مدونة الأسرة، حيث عقب هذه المراسلة نقاش كبير داخل المجتمع بين مؤيدين ومعارضين.
خلال الأسبوع الثاني من نوفمبر الجاري، استأنفت الإجتماعات بين مختلف الشركاء المعنيين بهذا التعديل وذلك تحت إشراف رئيس النيابة العامة، وذلك بهدف إشراك مختلف الفعاليات والمؤسسات الحكومية وغيرها في النقاش العمومي حول المدونة والذي سيفضي لإعداد مسودة مشروع قانون ترفع إلى الملك قصد المصادقة عليها.
حول الإجتماعات المنعقدة، أثير النقاش من جديد، لكن الأكيد أن هذه المرة النقاش خال من الإشاعات والأكاذيب، أحمد عصيد أحد أبرز وجوه التيار الحداثي التنويري، في مقطع فيديو على صفحته على موقع فيسبوك، وهو أحد الحاضرين بالاجتماعات السالفة الذكر، كشف عن مختلف البنود المزمع تضمينها في مشروع قانون مدونة الأسرة، ومنها: منع زواج القاصرات، وتحديد سن الزواج في ثمانية عشر عاماً، كما أكد على عدم تجاوز هذا البند تحت أي طائلة كانت، ثم منح الولاية للمرأة على أبنائها كما للرجل، بالإضافة إلى منحها حضانة الأولاد حتى بعد الزواج، وكذلك القبول بزواج المرأة برجل ذي ديانة مختلفة وكذلك العكس بالنسبة للرجل وغيرها من البنود التي تم اقتراحها وأخرى تم طلب تعديلها.
هذه الخرجة الإعلامية للأستاذ أحمد عصيد، أثارت حفيظة الجمهور، بين من يساند ويتفق بل ويقترح بنودا جديدة من منظورات مختلفة، ومن يرفض البنود المذكورة، والتحجج بضرورة احترام وتطبيق الشريعة الإسلامية في ما يتعلق بالأسرة خاصة وأن المغرب دولة إسلامية. استحسن المساندون للتيار الحداثي الذي ينادي بالمساواة بين الجنسين في كل القوانين والقواعد المنظمة للمجتمع قول عصيد، وأبرز العديد منهم أن المغرب يتجه نحو بناء مجتمع متقدم ومتحرر يضمن حقوق مختلف فئاته، لكن على النقيض، ولأن الرؤوس متفرقة لابد للآراء أن تفترق وتختلف، التيار الإسلامي والمدافعون عنه يرون أن كل القوانين والقواعد المنظمة للمجتمع قد تم سنها مسبقا بنصوص شرعية قطعية لا تقبل الاجتهاد، ولا يجوز التفكير حتى في المساس بها ومناقشتها ناهيك عن تعديلها أو الإتيان بما يخالفها.
لم يرتبط الاتفاق على تعديل مدونة الأسرة أو عدمه بجنس المتفق أو المعارض قط، فقد رفض العديد من النساء تعديل المدونة فيما استحسن العديد من الرجال ذلك، لكن ما يثير قلق المجتمع حقا ويفرض ضرورة إعادة النظر في القوانين المنظمة للمجتمع الصغير (الأسرة) هو نسبة الطلاق المرتفعة والتي يزداد ارتفاعها يوما بعد يوم، كذلك نسبة العزوف عن الزواج والتي لازالت في تصاعد مستمر، حتى إنها بلغت مستويات مخيفة، ولازال العديد من الشباب يهددون بالعزوف أيضاً، ما يمكننا من القول أن المجتمع في طريق الشهادة على نعش الزواج، وقد تكون نتيجة السير وفق هذه المنطلقات سلبية على النمو الديموغرافي لسكان المغرب في السنوات القليلة المقبلة، وقد يكون للعلاقات الغير الشرعية دور مغاير في ذلك.
المصدر : https://tinghir.info/?p=68455