عاد نقاش الأسرة إلى الواجهة، بعد مراسلة العاهل المغربي الملك محمد السادس، قبل أيام، رئيس الحكومة عزيز اخنوش بشأن تعديل مدونة الأسرة، الأمر الذي أثار حفيظة العديد من المغاربة حول واقع الأسرة في خضم التحديات الحالية، وما آلت إليه أوضاع الأسرة المغربية بعد العمل بقوانين المدونة الحالية والمحدثة منذ سنة 2004.
جدير بالذكر أن الرسالة الملكية أعقبها اجتماعين، أولهما كان بين رئيس الحكومة، ووزير العدل والرئيس المنتدب للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، والثاني اجتماع موسع بين مختلف المتدخلين والجهات المعنية بإعداد خارطة الطريق لبحث سبل إجراء التعديل، وقد جمع بالإضافة إلى من سبق ذكرهم بين رئيسة مجلس حقوق الإنسان ووزيرة الإدماج والتضامن الإجتماعي، وهيئات حقوقية ومدنية.
“بصفتي أميرا للمؤمنين، فلن أحرم ما أحل الله ولن أحلل ما حرم الله”، كان هذا مقتطفا من خطاب الملك محمد السادس، والذي يبرز حياد الملك في ما يتعلق بسن القوانين. وبعد الرسالة الملكية الأخيرة، أثير النقاش خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي حول مجموعة من البنود المقترحة والمرتقبة أن تتضمنها مسودة أو حتى الصيغة النهائية للمدونة بعد التعديل من قبيل تصرف المرأة بحرية دون طلب إذن زوجها، وكذا حل مشكل عدم أداء النفقة بعد الطلاق بقطع 20٪ من الراتب الشهري للزوج من المصدر، وأحقية المرأة بأخذ بيت .الزوجية بعد الطلاق وغيرها من البنود
ولكل غاية مفيدة، فقد تم تفنيذ وزير العدل لهذه البنود، ورغم ذلك فقد كانت هذهالبنود أرضية ومحور نقاش المغاربة حول التعديل، فمن جانب، ثمنت فعاليات نسائية مبادرة التعديل هذه ورجاحة هذه البنود، ذاك ما عبرت عنه رئيسة جمعية نسائية ومحامية خلال استضافتهما ببرنامج على إحدى القنوات العمومية وذلك بأن التعديل ضروري في وقت تلاشت فيه حقوق المرأة، كما أكدن على ضرورة إعادة النظر في حق التعصيب بقانون الإرث الذي اعتبرنه مجحفا في حق المرأة وكذلك مختلف المواد الأخرى بالمدونة وأبرزها تعدد الزوجات.
على النقيض أيضاً ومن جانب آخر وفي نقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر العديد من الشباب خاصة الذكور منهم على أن المدونة تسعى لتغليب المرأة على الرجل، وقد ساهمت من قبل بشكل كبير في تشتيت الأسرة المغربية، وبرروا ذلك بنسب الطلاق المرتفعة بعد العمل بالمدونة، وكذا نسبة العزوف عن الزواج في ظل القوانين المجحفة للشباب المغربي، كما دعوا إلى اعتماد مبدأ المساواة في مؤسسة الزواج في كل من النفقة على الأولاد من مسكن وملبس ومصاريف التدريس وغيرها، دون تخصيص الذكور بالإنفاق، والذي اعتبروه أيضاً مقرونا بالطاعة إن كان لابد من مساواة، وأن البنود المعنية تشجع البنات على اتخاذ الزواج مشروعا وليس استقرارا.
شابات أيضاً حدين حدو الشباب الذكور، معبرات عن كون الأعراف هي سر تماسك الأسرة والمجتمع المغربي وأن كثرة القوانين ما هي إلا تمييع وتداخل في أدوار كل من الرجل والمرأة في المؤسسة الأسرية، واعتبرن نسبة العنوسة نتيجة من نتائج هذه القوانين الغير مسؤولة.
وإغناء لنقاش هذا المستجد الموجود قبلا، والمثار حالياً، لابد من الإشارة إلى أن الزواج ليس صراعا بين الزوج والزوجة، بل هو ميثاق غليظ ومودة ورحمة، وإن كان لابد من سن قوانين فيجب أن تراعي لتماسك الأسر وتيسير ولوج الشباب لمؤسسة الزواج مع حفظ حقوق الجنسين وفق مقاربات عدة دينية وعرفية ومجتمعية إنسانية، ليكون الهدف تدبير أمثل للقضايا الأسرية وليس زيادة ملفات الطلاق بمحاكم الأسرة، وتشريد الأبناء.
المصدر : https://tinghir.info/?p=68268