21 فبراير: اليوم العالمي للغة الأم، والدارجة المغربية ليس لسانا عربيا

admin
2023-02-22T08:07:39+01:00
آخر الأخبارثقافة و فن
admin21 فبراير 2023
21 فبراير: اليوم العالمي للغة الأم، والدارجة المغربية ليس لسانا عربيا

حين يتكلَّمُ مصريٌّ بلسانِه الدارِج، في تصريحٍ لإحدى القنوات الإعلامية العربية، كالجزيرة، أو العربية، أو غيرهما، فإنهم لا يُترجِمونَ لنا -نحن المشاهدين من غيرِ العربِ- ما يقوله. وكذلك الشأنُ إذا أعطى سوريٌّ، أو لبنانيٌّ، أو فلسطينيٌّ، أو سعوديٌّ، تصريحاً بلسانِه المحلي.

لكن، إذا أعطى مغربيٌّ تصريحاً بلسانِه المغربيِّ الدارج لها، في أحد ربورتاجاتها، أو في فيلم وثائقيٍّ، فإنَّهم يُترجِمون تصريحَه ذاك إلى اللغة العربيةِ الفصيحةِ، ويُثبتونَه في ما يُسمُّونَه “Sous titrage”.

وذلك أمرٌ طبيعيٌّ لمن تخصَّص في الدراسات اللسانيةِ، لأن الجمهور العربي يعتبر ذلك اللسان عجمياً، غيرَ مُبِين، ولا مفهوم، إذ اللسان المغربي، في نظرهم، ليست لغة العرب. والأمر كذلك، ف‘‘الدارجة المغربيَّة’’ ليست لغةً عربيةً، وإنما هي لغةٌ ‘‘أفْرُوآسيوية’’ تستمِدُ ‘‘مُعجَمَها’’ مِنْ لغاتٍ كثيرةٍ، أهمها الأمازيغية والعربيةُ. لكنَّ ‘‘بناءَها’’ أمازيغيٌّ محضٌ. واللغات تُقاس ببنائها (القواعد)، لا بمعجمها، إذ البناء لا يتغير بسهولة، وإنما هو أقرب إلى الثبات، إن لم أقل إنه ثابتٌ، منه إلى التغيير.

ولذلك، فإن الدارجةَ المغربيَّةَ مِنْ تفرُّعاتِ اللغة الأمازيغيَّةِ، لأنَّ مِعيارَ ذلك هو النظر إلى ‘‘بنائها’’. وإليكم بعضُ الأمثلةِ:

1- تتابُع السكون: فالعربُ لا يمكنُ لهم، بحال من الأحوال، إن جاز لي التعبير بإطلاقية، النطقُ بسكونين متتابعين، ولذلك يقولون: «إذا التقى ساكنان، يُحذَفُ ما سبَقَ». وإذا كان السكون السابق ميتاً، مُدَّ، فيقولون «محيآيْ» -مثلا-، لتخفيف النطق على جهازهم الصوتي.

أما الأمازيغُ، فبمقدورهم النطق بعشرات السواكن المتتابعات. وهي خاصيةٌ نجدُها في الدارجة المغربية كذلك (جْبْدْ وْذْنيكْ = 5 سواكن -في هذا المثال-، أو كْنْتْ عْنْدْ مْحْمْدْ فْزْنْقْتْ لْعْيَالات = 17 سكوناً).

وإنْ أردتُ نعتَ دارجتنا، كما أمازيغيتنا، لقلتُ إنها “لغة مسكونةٌ”، أو بتعبير أهل الحَضْرةِ الروحانية: “هي لغةٌ فيها السّْواكْنْ”.

2- المثنى: وهو ما دلَّ على اثنين، أو اثنتين، ويصاغ بزيادة ياء ساكنة سكوناً حياً، ونون مكسورة، أو ألف ونون مكسورة في آخر المُفرَد. أما الأمازيغيَّةُ، فلا مثنى فيها، وإنما نجد فيها المفرد. ويبدأ الجمع من اثنين، وهي الخاصيةُ نفسُها في الدارجة المغربية؛ فنقول:

ـــ yat talkewt = واحْدْ الشْرْجْمْ
ـــ Snat tilkewa = جوجْ شْرَجْمْ
ـــ Qerat tilkewa = ثلاثَ دْ شْرَجْمْ

3- للدلالة على النكرة، في اللغة العربية، نستعمل اسماً نكرةً، غير معرف بالإضافة، ولا ب “ال” التعريف، مثل قولنا: “رأيتُ امرأةً”. فالمرأة هنا نكرة، لا نعرف من هي.

أما في الأمازيغية، فنقول، للتعبير عن هذا المثال: “zriɣ yat tmɣart”. أي أن الدال على النكرة هو “yat” للمؤنث، و”yan” للمذكر. وهو ما نجده دالاً عليه في الدارجة المغربية كذلك، فنقول: “شْفْتْ واحْدْ لْمْرَا”، ليكون “واحد” معبراً عن النكرة.

وقِسْ عليه أمثلةً غيرها، فهناك أمور أخرى كثيرةٌ، فصَّلتُ فيها في بحثٍ لِسْنِيٍّ صغيرٍ، قد يأتي وقتٌ أنشرُه فيه، وفيه أمثلةٌ عن الزمان، وعن الضمائر، وعن صيغ الفعل بين الأمر والماضي والمضارع، وبعض الصيغ التي تختصُّ بها الأمازيغية دون غيرها، نجدها في الدارجة المغربية، جمعتُها من ملاحظاتي، وسفرياتي في مناطق مختلفة.

ولا يصحُّ علمياً ادعاءُ بعضِ المغاربةِ أنهم ‘‘عربٌ’’ بمبرر أنهم يتحدثون ‘‘الدارجة المغربية’’ ظانِّينَ أنها لغةٌ عربيةٌ. وهي ليست كذلك.

ولستُ أكتُبُ هذا المقالَ للدفاع عن الانتماءِ، فنحنُ في عصرِ الانتماء للإنسانيةِ. أما زمن الانتماء لعِرقٍ كيفما كان، فقد ولى. وإنما كتبتُه لنتبيَّنَ بعضَ الأمورِ فقط، ونعرِفَ حقيقتَها، كيْ لا نكون مسلوبين من ذواتِنا؛ فنحنُ لنا ذاتٌ وهويةٌ، وننفتحُ على هويةِ إنسانيةٍ لا حدودَ لها؛ فلا ننسلِخُ من تلك، ولا ننغلقُ عن هذه.

Sliman mahmoud (Sliw)

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.