أبناء درعة تافيلالت.. حلم وراء البلقان 

admin
2022-10-26T11:17:48+01:00
آخر الأخباراقلام حرة
admin26 أكتوبر 2022
أبناء درعة تافيلالت.. حلم وراء البلقان 

حسن الطاهري

يوما بعد يوم ينتشر لهيب الهجرة إلى الفردوس الأوروبي بين أوساط شباب درعة تافيلالت على وجه الخصوص و شباب باقي الجهات بصفة عامة، فلا يخلو حديث بين هذه الأوساط إلا على الهجرة إما من طريق البلقان كما يحبون تسميته انطلاقا من تركيا  عبر عدة دول من أوروبا الشرقية أو من على قوارب الموت عبر المتوسطي وذلك للبحث عن الحلم المنشود.

حلم أصبح اليوم ظاهرة منتشرة في القرى قبل المدن، و الكبار قبل الشباب و لم تسلم منها كذلك الطالبات الجامعيات و الموجزات من مختلف الجامعات و التخصصات، ومن هنا تطرح أسئلة عديدة عن دوافع وأسباب هذه الظاهرة و عواقبها الخطيرة على العائلات و المجتمع، فكان لزاما علينا القيام بدراسة وبحث حولها للإجابة و لو قليلا عن هذه الأسئلة التي تؤرقنا جميعا.

فمن خلال كثير من التسجيلات المصورة في مواقع التواصل الاجتماعي تبين عددا من الشباب و الشابات المنحدرين من جهات متعددة من بينها جهة درعة تافيلالت وهم في طريقهم الى الحلم المنشود يعبرون من دولة تركيا الى دول شرق أوروبا في مشاهد شبيهة بتداريب عسكرية في غابات الأمازون و ما شابه ذلك، وفي ظروف مناخية متقلبة و مضطربة تتنوع بين الثلوج الكثيفة و الأمطار الغزيرة شتاء و الحرارة المفرطة و الحشرات السامة صيفا، ناهيك عن العياء و المطاردات اليومية لهم من قبل حرس الحدود.

وحسب شهادات متعددة من عدد من العائدين من هذه التجربة المخيفة، فقد أكدوا أن ما يقع هناك لا يمكن أن يخطر على البال، فبعد وصولهم الى الدولة الأولى في هجرتهم تبدأ السمسرة حول الكراء و مكان للعمل  ويستفيد من هذه السمسرة  من كانت له تجربة سابقة أو تعرض للنصب مرة وعدة مرات من قبل شخص أو أشخاص ورثها عن من ورثوها من قبله وهكذا دوالي حتى ينصب هو الآخر على شخص جديد.

هذا هو الدرس الأول الذي يتعلمه المهاجرون إلى هذه الدولة ثم تليها دروس وعبر كثيرة تنصب كلها في النصب والاحتيال و تجارة البشر، فكل مرة يتم اقتحام منازل سكنهم ويتم البحث عن مطلوبين للعدالة و يهجر الجميع فقط لأنك تسكن في مكان مشتبه فيه رغم أنك تملك وثائق قانونية، أو يتم استغلالهم في العمل لمدة أكثر من عشر ساعات يوميا وبثمن أقل من أجر الأجراء الآخرين فقط لأنك محتاج و عابر سبيل.

إضافة لكل هذا يعاني المهاجرون من كثير من التحديات خلال محاولتهم العبور الى الحلم المنشود حيث يمكن أن يغرقوا بأحد الأودية أو يتم قتله والتضحية به داخل الغابات أو يعتقل في أحد السجون الى غيرها من الأخطار.

ولتعرف بعض انعكاسات هذه الظاهرة على الجهة، تواصلنا مع كثير من الفاعلين الجمعويين والمدنيين في جهة درعة تافيلالت ومن خلال عرض النتائج تبين أن أغلبية الانعكاسات تتمحور كالتالي:

انعكاسات سلبية للهجرة:

  • فقدان المنطقة لكفاءاتها العلمية خاصة حاملي الشهادات العليا او خبراتها المهنية والحرفية خاصة وان هناك حالات لمهاجرين مستواهم المعيشي لابأس به ويمتلكون محلات حرفية او مهنية او حتى وظائف حكومية؛
  • اثناء العودة يأتي المهاجر بسلوكات دخيلة على الثقافة المحلية بحكم تأثره بثقافات اخرى ما ساهم في ظهور سلوكات تمس بالقيم الاجتماعية التي كانت سائدة (الاحترام غياب المخدرات التواضع المشاركة والتعاون في امور القبيلة)؛
  • تضرر الأنشطة الاقتصادية الأصيلة التي كانت سائدة الفلاحية والحرفية بسبب هجرة الشباب وفقدان الدرايات المحلية (الشيوخ)؛
  • صعوبة الاندماج في بلدان المهجر والتعرض في كثير من الأحيان لمضايقات واستفزازات والسكن في احياء هامشية تغيب فيها أبسط شروط العيش، ما يتطلب الكثير من الصبر لتجاوزها والتأقلم مع المحيط الجديد؛
  • إمكانية وقوع المهاجرين في شباك عصابات الاتجار بالبشر او التهريب وتبيض الأموال، او قد لا يعودون أصلا ويكونون عرضة للموت في قاع البحار.

 أما الانعكاسات الإيجابية:

  • تحسن مستوى عيش بعض الأفراد والاسر بعد عودتها من بلدان المهجر، ويتجلى ذلك من حيث المسكن والمركب
  • –        قد يكون هناك كذلك تحسن فكري لدى المهاجر بحكم تواصله مع ثقافات وأفكار جديدة بحكم التنوع الفكري والحضاري في تلك البلدان.

أما بالنسبة للحلول المطروحة لحل هذا المشكل فقد أجمع المشاركون في الاستجواب على عدة نقط تتمثل في:

  • –        توفير ظروف استقرار الشباب في المنطقة (التجهيزات الأساسية من ماء وكهرباء وانترنيت، فرص الشغل، المؤسسات الجامعية والتكوين المهني والمراكز الاستشفائية ذات تخصصات كافية …)؛
  • –        وضع خطط حكومية لمواجهة الاكراهات التي أصبحت تعانيها القرى، كمشاكل التصحر والجفاف؛
  • –        توفير امتيازات للشباب من قبيل التأمين الصحي وتحفيزات اتمام الدراسات العليا والمشاركة في المنتديات واللقاءات الوطنية والدولية؛
  • اعطاء الشباب فرصة الاشراف على تدبير وتسيير الشأن العام المحلي ليجيب عن طموحاته وهمومه عوض الاقتصار على نفس الوجوه التي تقصي كل عزيمة في الشباب؛
  • دور وسائل الإعلام في انتاج فقرات تحسيسية بأهمية الارتباط بالوطن الأم وتصحيح التمثلات القبلية ” اللامعة” لصورة بلدان الغربة والمهجر.

ومن جهته عبر أحد نواب رئيس مجلس درعة تافيلالت خلال جوابه على السؤال المتعلق بهذه الظاهرة أن الجهة عازمة على تشجيع الشباب على الاستثمار وذلك من خلال دعم المشاريع الصغرى والمتوسطة و خلق فرص و مناصب  شغل مباشرة و غير مباشرة و مساعدة حاملي أفكار مشاريع، و تطوير المنتوجات المجالية و مساعدة التعاونيات النسائية  و خلق فرص شغل مرتبطة بالواحة و الجبل (كتشجيع السياحة الجبلية) … ومجلس الجهة يعمل في هذا الاتجاه مع شركاء أخرين كالمركز الجهوي للاستثمار و الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات و شجر الأركان و مؤسسة محمد الخامس للتضامن.

ملاحظة: الصور تعبيرية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.