Ad Space

حوار صحفي مع جريدة تنغير انفو القسم الثقافي، حول صدور رواية «دوائر الهشيم» للكاتب محمد بوطاهر

admin
2022-06-29T23:25:00+01:00
آخر الأخبارمحلية
admin29 يونيو 2022
حوار صحفي مع جريدة تنغير انفو القسم الثقافي، حول صدور رواية «دوائر الهشيم» للكاتب محمد بوطاهر
خالد حالمي /تنغير أنفو


السؤال الاول : لنفتح صفحة حياة و سيرة الكاتب محمد بوطاهر . حدثنا عن بوطاهر الانسان و الكاتب


اسمحوا لي قبل البدء أن أشكر هذا المنبر الإعلامي الواعد تنغير أنفو والصديق خالد عن القسم الثقافي منه على كرم الاستضافة واهتمامه بالشأن الثقافي بالمنطقة تحديدا، فهي بادرة محمودة محبوبة تحسب لهذا المنبر الذي لا تعزب عنه مثل هذه الالتفاتات.


هذا العبد الضعيف محمد بوطاهر من مواليد إقليم تنغير، ترعرع وكبر بين تخُوم جبال أعالي غريس، وشرب منذ صغره من معين طبيعة الجنوب الشرقي، بكل ما تزخر به من تناقضات المناخ والمجتمع وشظف العيش أيضا. تابع دراساته الجامعية والعليا بمدينتي مكناس وفاس، ثم التحق بعد ذلك بميدان التعليم كمدرس للأدب العربي وعلومه. باختصار شديد وأنا أتحدث عن نفسي، فقد بدأت مشواري المهني بمديرية تارودانت قبل أن أنتقل إلى مدينة تنغير سنة 2012 فهي منذئذ مُستقري إلى الان.


بخصُوص الكتابة كممارسة فكرية معقدة، تتجاوز الجانب الوظيفي التواصلي إلى أفاق عقلية أرحب، فقد لازمتني منذ مراحلي الأولى وأنا بعد صبيا في المرحلة الاعدادية، اكتشفت هذه الوسيلة التعبيرية عن طريق فن المذكرات اليومية ووصف المناسبات الاجتماعية العابرة، ولذلك فهي جزء من وجُودي وضرورة منطقية لا يمكن أن أحيد عنها.


. السؤال الثاني : بالخوض في الاصدار الجديد ما سياق صدور المؤلف و أهم القضايا التي يتناولها؟


ظهر هذا المؤلف السّردي ضمن سياق الحاجة إلى الكتابة أولا، باعتبارها – كما قلت- ضرورة وجُودية بالنسبة لي، ثم ثانيا من خلال الرغبة الجامعة في التعبير عن أمور كثيرة وقضايا تعترضني في الواقع الاجتماعي الذي نعيش فيه، هي أفكار حُبلى بالفوضى والتماوج الخيالي، ومتى ظفر الكاتب بالخيط الناظم لها، تستبد به الحاجة الى التدوين ومن تم فعل الكتابة كأثر للحمّى الفكرية، وأعتقد أن ذلك هو الذي أطر ظهور هذا المؤلف المتواضع، فقد بدأ جنينيا منذ أكثر من خمس سنوات وأرغمتني كتابات المقالات الصحفية العابرة وشواغل البحث العلمي الجامعي، عن الابتعاد عنه كثيرا، وربما لتختمر أفكاره وتتسع دوائره على النّحو الذي صار عليه الآن.


بالنسبة للقضايا المتضمنة في الكتاب، فهي متشظية تبعا لمسار حركية بطل القصة «أسْعد»، ولعل الرغبة في مُعالجة اشكالات الحاضر من خلال النبش في ركام الماضي، هي أولى ما أسعى إلى الامساك به وأنا أكتب هذا النص. فالحقيقة أن الكاتب لا يختار ما يكتبه من نوازل وموضُوعات، بل هي التي تختاره، فتأثير وهج الوقائع الحقيقية في مخيلة الكاتب هي الوقُود المتلظّي الذي يهزه هزا ويدفع قلمه إلى التعبير عن رفضه وشجبه لكثير من الأمور المحيطة به. من هنا كانت فكرة البحث عن الحلول في وقائع الماضي – أو على الأقل منافذ الحلول ومداخله – من الأشياء التي سيطرت على ذهني وأنا أبني قصة بطل هذه الرواية.



aid


وبما أنك طرحت مسألة القضايا في النص، وهي مسألة مهمة جدا، فدعني أقول لك أن الرّواية لا تعرف نهاية مضبُوطة ولا تقوم على قضية أساس، فهي ليست مثل القصة القصيرة مثلا، التي يعرف قائدها منذ البداية وجهته، فالرّواية متاهة لذيذة وعمل دؤوب يعبر فيها الكاتب عن قضايا عديدة يستفز بها نهم القارئ ويوقعه في شراك البحث عن الحلول الممكنة. في هذا المؤلف ستجد الرفض القاطع لكثير من أمور حياتنا اليومية، سواء ما يتعلق بالمشاعر العاطفية المزيفة أو ثيمات التمرد على الأصُول الموروثة ـ التي يمثلها سُلوك البطل أسْعد على طول مسار السّرد- أو تعالقات ذلك بالانبهار بالآخر المتمدن وحضارته، وازدواجية المواقف، وصُولا إلى أثر الفكر والايديولوجية في السّلوك البشري عموما.


. السؤال الثالث : بالغوص في الكتاب من منطلق ما نشرته كيف ترى وضع التأليف بالجنوب الشرقي و تناول قضاياه في الاصدارات الأدبية:


مسألة التأليف بالجنوب الشرقي، سبق أن عبرت عن رأيي المتواضع بصددها من زاوية تماسي اليومي مع كتابات مقالات الرأي في الأعمدة الالكترونية، أو من خلال إبداء ملاحظات نقدية (بين قوسين) حول النّصوص الابداعية الأدبية تحديدا التي تكتب في هذا المجال الجغرافي ونقوم بقراءات لها, هي باختصار شديد أزمة مُركبة يصنعها متدخلون كثر؛ فغياب التشجيع والمؤسسات الحاضنة الداعمة يُسهم في ضعف التأليف ومحدوديته، صحيح أننا في الهامش، لكن مقارنة مع مناطق قريبة منا ومُشابهة لنا مجاليا تسْتشف أن العطب واضح مكمنه معلومٌ مصدره، بل إن غياب القارئ الفاعل المغذي لملكة المبدع نفسه من بين الأعطاب الكبيرة التي تحول دُون ازدهار ذلك، على الرغم من أننا نلاحظ في الآونة الأخيرة حركية لابأس بها، نأمل أن تحتضنها أيادي صادقة تعرف أهمية المعرفة والقراءة في الرقي بالمجتمع.


. السؤال الرابع: أستاذ بوطاهر و أنت تعمل على المؤلف هل يمكن تقاسم أهم المعيقات التي واجهتها في مسار إخراج الإصدار للسّاحة الأدبية؟


في الحقيقة هذا سُؤال محيّر وتصعبُ الإجابة عنه بسرعة. لأن عملية التأليف عملية غامضة ومُبهمة، ليس بالزعم الذي يقول به القدماء أن لكل مبدع شيطانه الذي يملي عليه الشعر، لكن باعتبار أن كتابة الرّواية عملية ممتدة ومليئة بالمضائق المتفرعة. فقد بدأت هذا النص منذ مدة واتخذته علاجا لمرض الهوس الإبداعي، ثم شيئا فشيئا تتّسع دوائره وكلما قدر لهاته الدوائر أن تكبر أكتشف تفاصيل جزئية تقتحم عالمي السّردي ولابد من التفاوض معها، تلك أهم العوائق التي كابدتها كثيرا، فمرارا يحدث أن أقع في دوامة النسيان أو عنف غليان السّرد فأخرّ جاثما على الصّمت ألوذ به حتى أكاد أبكي، خاصة حينما أصل مقاطع يتأزم فيها البطل ويقترب من صُورتي في الماضي، أشعر بارتباك اللحظة، صحيح أني أدرك أن ذلك كله ضمن مراتب الخيال وألاعيبه، لكن الشّخصيات القصصية لابد أن تعيش حياتها كاملة على النحو الذي تريد، وليس من حقي أن ألجم رغباتها أو أفكارها النشاز كيفما كانت. لكنها في وقت ما تنفلت من إسارها التخييلي فتعدُو مسرعة نحونا حتى تكاد تخرج إلى واقعنا الذي نعيشه، ثمة فقط، أدرك أن السّرد عملية خطيرة ومحفوفة بالمهالك. تلك أمور تتعلق بحبكة الحكاية ومسار الإبداع، أما ما يتعلق بالإخراج وتحديدا عملية الرقن على الحاسُوب فقد أضنتني كثيرا، فأنا من الجيل الذي عقد صفقة حنين جارف مع الكتابة على الورق والتدوين اليدوي، لذلك حينما أعُود إلى خلق النص الكترونيا على الحاسوب أتعب كثيرا. دون ذلك تبقى الأمُور سلسة ومطواعة بقدر ما نمنحها من اهتمام وتركيز.


السؤال الاخير : كيف تنظر للوضع الثقافي و الادبي بمنطقة درعة تافيلالت عموما و كلمة اخيرة للجمهور


في الحقيقة هذا السّؤال هو امتداد للسؤال السّابق حول التأليف، فمن يلقي نظرة بسيطة حول نسب ما يكتب في الجهة من مؤلفات ابداعية في مختلف المجالات، أو نسب القراءة، يُدرك بلا مراء أن وضعنا الثقافي يئن كثيرا، ولا نبالغ إذا قلنا إن الاهتمام بالشأن الثقافي الأدبي في جهة درعة تافيلالت يأتي في ذيل الاهتمامات من طرف الجميع، فلا المؤسّسات المعنية بالثقافة تحديدا تبدع في مشاريع الخروج من الأزمة، ولا الإدارات الترابية الشريكة ترصد اعتمادات لتشجيع هذا المجال وكل من يشتغل فيه إبداعا أو تدبيرا، ولا المتلقي القارئ بدوره واع بأهمية القراءة ودورها في الوصُول إلى التنمية الشاملة,، لذلك لزاما أن نقبل هذه الحقيقة المرة، التي للأسف يسْتلذها البعض ويصطاد من خلالها لمآرب أخرى غير ثقافية، علينا أن نسْعى جميعا إلى المصالحة مع الأطراف الهشة في الحقل الثقافي، ونمتلك الشّجاعة الكافية من باب النقد البناء أن نشير جهارا إلى مكامن الزلل لتقويمها وإصلاحها قبل فوات الأوان.


في الأخير لابد لجمهور هذه الجهة المعطوبة ثقافيا/تنمويا، أن يهتموا بالقراءة كبوابة للإنماء الثقافي بشكل عام، أكيد أن الاهتمام بالشيء مرحلة تالية لحبّه أولا، لذلك لابد للشباب أن يحبوا القراءة وما يرتبط بها من فهم وتأويل وإبداع. نحن لا يجب أن نقدم لهم نصائح جاهزة كالفقهاء الوعاظ، لكن لزاما أن نلهمهم المنهج وضوابط الفعل القرائي الهادف، وعندما يتمكنوا من أخذ المشعل فسيضيئون به دروبهم كما يشاؤون.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.