المهرجان الخطابي لحزب المصباح بالرشيدية.. قراءة في المشهد

admin
2015-03-17T00:29:08+01:00
آخر الأخبارجهوية
admin16 مارس 2015
المهرجان الخطابي لحزب المصباح بالرشيدية.. قراءة في المشهد

بعد إغلاق صفحة الحراك الاجتماعي بالمغرب (حركة 20فبراير) من طرف الدولة العميقة، استبشر جل المغاربة خيرا بإعلان الملك محمد السادس في خطاب 09 مارس عن تغييرات واسعة داخل الوثيقة الدستورية تلعب فيه الأحزاب السياسية دورا مفصليا في تمثيل و تأطير المواطنين عبر أطر علمية و كفاءات سياسية قادرة على تحريك هذا الركود السياسي الذي يعاني منه المغرب منذ الاستقلال، و ببرامج حقيقية قادرة على إخراج المغرب من أزماته وحل مشاكله الاقتصادية و الاجتماعية .

بعد هذه المرحلة التي كانت بمثابة النواة الأولى لصعود الإسلاميين لقيادة التحالف الحكومي بالمغرب لا يختلف اثنان أن الأستاذ “عبد الإله بن كيران” يعتبر بلا شك رجل المرحلة والشخصية السياسية التي حضيت بالاهتمام الكبير من لدن العام والخاص في المغرب، وذلك لأسباب كثيرة يمكن أن نبدأها بالظروف التي جاءت فيها رئاسته للحكومة، وبكثرة خصوم وحلفاء الفكر الديني الذي يتبناه الرجل، وأيضا لطبيعة المرحلة التي تتسم بنوع من الانفتاح والحرية. ربما تعتبر هذه العوامل إذا ما تم استحضارها يمكن أن نفهم من خلالها تزايد الحشود والجماهير التي تأتي من كل حدب وصوب للاستماع لخطاباته، وهذا ما حاولت الوقوف عنده، في حضوري لأشغال المهرجان الخطابي الذي أطره رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية “عبد الإله بن كيران” بمدينة الرشيدية يوم الأحد 15 مارس 2014م، بمناسبة تنظيم الحزب للمؤتمر الجهوي الاستثنائي لجهة درعة تفيلالت تحت شعار: “الخيار الديمقراطي ضمان أساس للإنجاح الجهوية المتقدمة”، ومن هنا كان لزامًا أن أمارس نوعًا من النقد المحايد على  الحدث من جهة وعلى الرجل من جهة أخرى بتحليل خطابه تحليلًا يحاول أن ينحى منحى الحياد ويهرب من الانطباعية والذاتية ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

1ـ مشهد استقبال الإعلام الإلكتروني :

في الوقت الذي عرفت فيه المواقع والجرائد الإلكترونية انتشارا واسعا في العالم عموما وفي بلادنا خصوصا، متقدمة بذلك على كل أشكال وأنماط النشر التقليدي، وذلك لتصاعد مد ثورة المعلومات الرقمية، التي حلت محل أنماط النشر الإعلامي القديم، وفي الوقت الذي حقق فيه المغرب نقلة نوعية في مجال حرية التعبير والنشر والحق في الولوج إلى المعلومة، في هذا الوقت بالذات ما زالت الكثير من الهيئات والمؤسسات الخاصة والعمومية تساهم بشكل أو بآخر في عرقلة مسيرة الحرية الإعلامية، وخندقة الحق في الولوج إلى المعلومة، وفي هذا السياق لاحظنا أن اللجنة التنظيمية التي وكلت إليها مهام تنظيم المهرجان الخطابي “البنكراني” بالرشيدية اعتمدت أسلوبا ممنهجا من أجل إقصاء غالبية المواقع الإلكترونية التي قدمت إلى المهرجان مع احتفاظها ببعض المحظوظين، ويتمثل هذا النهج في منع الإعلاميين الإلكترونيين من الاقتراب من “منصة/حلبة الخطاب” والاكتفاء بوضعهم وراء الجمهور، تلك كانت الخطة المرسومة للجنة التنظيمية، لكن بعد تدخل مجموعة من الفاعلين السياسيين من داخل نفس الحزب، سمحت اللجنة بدخول الإعلام الإلكتروني، وهذا يؤكد أن هناك ارتجالية وتذبذب في مواقع مسؤولية المنظمين، يبقى مشهد الإقصاء مستمرا إذا علمنا أن الإخوان في الحزب يتعاملون مع الإعلاميين بمنطق الأمر والنهي، مما ساهم في حدوث بعض المناوشات والمجادلات الكلامية بين بعض الإعلاميين وإخوان الحزب. انتهت بإجبار الإعلاميين للجلوس على الأرض، فشكرا للبعض منكم على واجب الضيافة الكريمة.

2ـ مشهد استقبال أمين عام الحزب “عبد الإله بن كيران”:    

وقفت سيارة فخمة بالشارع الرئيسي مباشرة خلف المنصة المعدة للمهرجان الخطابي، خرج منها الأستاذ عبد الإله بن كيران رفقة حرسه الخاص، أولئك الذين تم تعيينهم بأمر من الملك محمد السادس لحماية الأمين العام لحزب المصباح.

 في طريقه إلى المنصة استقبلته طفلات الرشيدية بإلقاء الورود عليه وعلى موطئ أقدامه، ليتم بعدها نقر الطبول وضرب الدفوف من مختلق الفرق الفلكلورية المحلية والجهوية، فرحا بقدوم السيد رئيس الحكومة المغربية. فغنى السيد الرئيس ورقص وعزف، ثم جلس على كرسيه على المنصة هو وعلية القوم منتظرا انتهاء مراسيم الاحتفال وتقديم الولاء، ليقف منتصب القامة ليلقي خطابه التاريخي.

3ـ قراءة مقتضبة في الخطاب السياسي لبنكيران:

يمكن للمتأمل في خطاب السيد بن كيران أن يضعه في مستويات ثلاث، المستوى الأول خطاب عاطفي يستهدف الأتباع والمعجبين يستميل به أحاسيسهم ومشاعرهم لإضفاء الشرعية على الحدث، ثم خطاب عقلاني يعرض فيه رئيس الحكومة أهم المنجزات والمشاريع الكبرى التي ساهمت حكومته في معالجتها أو في طريق معالجتها، وعلى رأسها صندوق المقاصة وتعويض الأرامل والزيادة في المنح الجامعية والمازوت والإسانص والفيول، ثم خطاب استفزازي يستهدف قصف المعارضة “الباندية” وتعرية موقعها وبؤس خطابها.

 بعد كل هذا نخلص إلى ما  قاله الأستاذ ياسين كني أن المشهد السياسي المغربي بقيادة السيد بن كيران يعتبر ظاهرة كلامية بارزة لم يشهدها المغرب بهذه الحدة قبل الآن، فهي تسجل سجالا غير مسبوق بين الفرقاء السياسيين لكن يبقى الخطاب السياسي للسيد رئيس الحكومة الطاغي على المشهد باعتباره خطاب يزاوج بين العاطفية والعقلانية من جهة وبين الاستفزازية والديماغوجية من جهة أخرى، مما يجعل فهمه عصيًّا على الكل، ليس لعمقه بل لتعويمه وضبابيته التي تحيل على شيء من التخبط والانفعالية من لدن الرجل، دون إنكار أن هذا النوع من الخطاب هو صالح بامتياز لطبيعة المرحلة ، وما يشوبها من حرب كلامية بين الحكومة والمعارضات المتعددة تنقصها العقلانية والمنطق والنقد البناء، مما أحال النقاشات إلى كوميديا لدى العامة تراجيديًّا لدى الخاصة.

يبقى في الأخير أن نعلم أن المهرجان الخطابي الذي أطره الأمين العالم لحزب العدالة والتنمية “عبد الإله بن كيران” بالرشيدية لا يمكن فصله عن طبيعة الحراك السياسوي الأخير الذي تعرفه أقاليم الجهة، وذلك بقدوم العديد من القيادات الحزبية، تحالفية أو معارضة، قصد الترويج لذاتيتها واستقطاب الجماهير من أجل الاستحقاقات الانتخابية القادمة.

عبد الحكيم الصديقي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.