ظاهرة الانتحار بتنغير، أو الطريق نحو المشنقة

admin
2021-12-25T21:40:31+01:00
آخر الأخباراقلام حرة
admin25 ديسمبر 2021
ظاهرة الانتحار بتنغير، أو الطريق نحو المشنقة
عبد الحكيم الصديقي

أضحى تزايد حالات الانتحار في إقليم تنغير يثير قلقا على نطاق واسع، وسط حديث عن ضغوط نفسية واضطرابات عقلية تدفع كثيرين إلى وضع حد لحياتهم بشكل مفاجئ.

ويبدو أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة والإحساس باليأس والتهميش، كلها عوامل ضاعفت من انتشار هذه الظاهرة التي لم يسلم منها حتى شباب في عمر الزهور، كان آخرهم شاب لم يتجاوز سن 17 سنة الذي وضع حدا لحياته شنقا بجماعة إميضر يوم أمس. وكلها عوامل (إلى جانب أخرى) ساهمت في تدمير نفسية إنسان الهامش، وجعلته عرضة للاكتئاب والاضطرابات النفسية، ومن ثم دفعت به إلى التفكير في الانتحار والانتحار.

هناك دراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط سنة 2020 تحدثت عن الصحة النفسية عموما، وعن تأثير جائحة كورونا على نفسية المواطنين، وأظهرت بأن هناك ارتفاعا كبيرا على مستوى اضطرابات كثيرة، منها الاكتئاب، والقلق، والوسواس القهري، ونوبات الهلع…، نفهم منها أن هناك معاناة نفسية ووضعية ضاغطة في فترة الحجر الصحي وهو ما ستترتب عنه نتائج وخيمة، وستجعل حالات الانتحار ترتفع. هذا على المستوى الوطني، فما بالك بمنطقة عانت من أوبئة التهميش والتفقير والتحقير على مدى أزمنة طويلة إذا أضيف إليها آثار وباء كرونا؟.

ولأن وضعية التهميش هي السمة البارزة للمنطقة فهي تفتقر في منظومتها الصحية إلى أدنى اهتمام بالصحة العقلية والنفسية لأبنائها، فلن تجد على مستوى الإقليم أي مصحة نفسية أو عيادة للطب النفسي أو أي طبيب أو معالج نفسي في أي مؤسسة من المؤسسات الاستشفائية التابعة للإقليم، وهو ما يؤخر تدخل المختصين والقيام بالتشخيص المبكر للاضطرابات النفسية التي يعاني منها المرضى من أبناء المنطقة، مما سيؤدي إلى مزيد من ارتفاع هذه الظاهرة بالإقليم. بمعنى آخر تمكن المرض النفسي، وتهديد حياة المرضى، وإضعاف المناعة النفسية، أي الزيادة في معدل ارتفاع المعاناة النفسية، والنتيجة المنطقية هي وضع حد للحياة عبر الانتحار. أي مزيد من المنتحرين.

وهنا يجب تصحيح مغالطة يتم تداولها بين الناس وهي أن الانتحار في اعتقادهم مسؤولية فردية تتعلق بشكل مباشر بالمنتحر، والصحيح أن الانتحار ظاهرة اجتماعية وسياسية تحضر فيها مسؤولية الدولة ومؤسساتها التي عليها البحث عن حلول لمسبباتها، ما دامت أن الصحة النفسية من مسؤوليتها أيضا. وهو ما يغيب بشكل لافت عن اهتمامات النخب السياسية بالإقليم، وبالتالي فالدولة ومؤسساتها والهيئات المنتخبة مسؤولة عن تفاقم هذه الظاهرة إلم تكن من أسبابها المباشرة، بوصف الظاهرة انعكاس لسياساتها وقراراتها وطريقة تدبيرها..

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.