ترى جمعية الشباب المواطن للتنمية البشرية أن الاختلاف من أسس البناء القوي للمجتمع. لكن تدبير الاختلافات، بشتى أنواعها وصورها وأشكالها، أمر صعب في مجتمع يسجل فيه الباحثون والملاحظون ضعفاً في الإيمان بالاختلاف، وما يرتبط به من تنوع وتعددية وتميز، وصعوبات قَبوله. لهذا ارتأت أن تخصص الحلقة الأولى من مشروعها الفكري والثقافي AGORA N TINGHIR ، لمناقشة هذا الموضوع الشائك والمركب، تحت عنوان: “الاختلاف أساس التنمية”، فدعت الشباب، وكافة المهتمات والمهتمين بالفكر والثقافة، لحضور النقاش، والانخراط فيه، في حقول “خْبَّاب”، في مدينة تنغير، حيث التقى المستجيبون-ات لدعوة “أجي تفكر معانا” قرب “قنطرة خبَّاب”، ابتداء من الساعة الخامسة والربع مساءً، ولم ينطلق النقاش في الموضوع إلا مع الساعة الخامسة وخمس وخمسين دقيقةً.
وافتتحت هذه الفسحةُ الفكرية بكلمة كاتب الجمعية نافع أبو عبد الله، مسيِّراً، فقدم نبذة سريعة عن “أكورا” التي كانت عبارة عن ساحة تجمع التجار والعمال والفلاحين، ورجال السياسة والمسرحيين والمهرجين، وغيرهم. وكان الفلاسفة من الذين يرتادون هذه الساحة، ويقال إن سقراط طرحه سؤاله عن معنى الحياة والوجود على زوارها؛ فصارت رمزا لتلاقح الأفكار، وتأسيس الحوارات الفلسفية لاحقاً، وميلاد الديمقراطية، في اليونان.
وعرج المسير على الحديث عن سبب اختيار الجمعية لهذا المشروع بهذا الاسم والشكل والإخراج، فذكر من أهدافه:
- تنمية الحس النقدي لدى الشباب؛
- تطوير مهاراتهم-ن التواصلية؛
- تقوية قدراتهم-ن على إبداء الرأي؛
- تمهيرهم-ن على الدفاع عن الموقف الشخصي بالحجج؛
- تثمين الفضاءات العمومية، وفضاءات واحة تودغى، بحسن استثمارها في خلق تلاقح فكري وثقافي بين الأنا والآخر الذي تجمعهما علاقة الانتماء لنفس الوسط.
وذكر المسيِّر محاور الموضوع الثلاثة، المعلن عنها سابقاً، في وسائل تواصل الجمعية مع الرأي العام:
١. تحديد معنى الاختلاف؛
٢. قبول الآخر المختلف عنا؛
٣. الاختلاف ودوره في التنمية.
وطرح جملة من الأسئلة، تحت كل محور، لتحفيز الجميع على المشاركة في إبداء الرأي، من قبيل: ماذا يعني لكم الاختلاف؟ هل تعتبرون أنفسكم مختلفين عن الآخرين؟ ما الذي تعتقد أنه يميزك؟ هل تمارسون الاختلاف في حياتكم اليومية؟ أين يتجلى لكم ذلك؟ كيف حدد الفلاسفة هذا المفهوم؟ هل يمكنك أن تقبل(ي) الآخر المختلف عنك (دينياً وعرقياً وثقافياً)، وتتعايش(ين) معه؟ وهل تشجعنا ثقافتنا على قبول الآخر، والانفتاح عليه، أم العكس؟ كيف يمكن للاختلاف أن يكون قنطرة نحو التنمية، في شتى مجالاتها؟
وتفاعل الحاضرات والحاضرون مع هذه التساؤلات المؤرقة والمزعجة، مبدين أراءهم، ووجهات نظرهم، في كل جزء من الموضوع.
وختمت الحلقة الأولى من “أكورا نْ تِنْغير” بتقديم مسيرها خلاصات لما عُبِّر عنه، فذكر أن “الاختلاف ثقافة وسلوك مهميْن في بناء مجتمع متماسك ومتعايش، يتعاون كل أفراده في وضع لبناته باختلافاتهم، دون إقصاء للمختلف، ولا تصنيفه بالنظر لمعتقده، أو لغته، أو عِرقه، أو أصله، أو انتمائه، أو اديولوجيته، ما دام المشترك هو الصالح العام الذي يضمن للجميع العيش في سلام، ذلك أن الاختلاف حالة متقدمةٌ للوعي والنضج في المجتمعات، إذ هي مظهر للتحضر، وهو خطوة بالغة الأهمية في ترسيخ ثقافة إيجابية في مدينة تنغير التي يرى غالبية الشباب الحاضر أنها ما تزال تفتقد إليها”.
والتمس الشباب من جمعية AJCDH تكثيف نقاشات عمومية مثل هذه، لحاجة المجتمع إليها، ليشترك الجميع في خلق دينامية فكرية وثقافية في المنطقة، فتم الترحيب بهم لحضور اجتماع ستعقده الجمعية، في الأيام القليلة المقبلة، لمناقشة أمور تنظيمية، في سبيل سعيها لمأسسة عملها، وعرض بعض المستجدات المتعلقة بلجانها، وطرق تفعيل كل واحدة لبرنامجها بشكل محترف.
وانتهت أكورا بصورة تذكارية جماعية، على الساعة السابعة وثلاثة وعشرين دقيقةً.
سليمان محمود
منسق لجنة الإعلام والتواصل والتوثيق
المصدر : https://tinghir.info/?p=60830