طفت على السطح مجددا ظاهرة الهروب والاختفاء القسري للمرشحين والمرشحات وهي ظاهرة كانت تعشعش في الخفاء لسنين طويلة بُعيد الاستحقاقات قبل أن تظهر للعلن وهذه المرة بنتائج مخيبة ومتباينة بين مندد ومستنكر للواقع الذي تفرزه الانتخابات وبين سخرية البعض من الوضع الذي يعيشه ممثلو الساكنة داخل المجالس والمؤسسات.
ظهور بعض الممارسات القديمة الجديدة مباشرة بعد الاعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات الأخيرة خاصة ما أفرزته جماعة تنغير وبعض الجماعات التي وصلتنا أصداؤها وبعض المدن ويكشف عن ظاهرة خطيرة لازالت متغلغلة داخل المجتمع وأبطالها ليسوا سوى بعض الفاعلين والسياسيين والمنتخبين.
ظاهرة “اختطاف” و”تهريب” مجموعة من المنتخبين والمنتخبات إلى مدن وقرى بعيدة واحتجازهم في الفنادق والمؤسسات السياحية والمنازل إلى حين موعد انتخاب المكاتب وتوزيع مناصب المسؤولية. هي سلوكات خفية وكواليس سرية اعتاد عدد من “سماسرة” الانتخابات على القيام بها لحماية مصالحهم وكذا الحفاظ على منتخبيهم وتحصينهم من الاغراءات و المال ومن الانضمام او السقوط في تحالفات مع أحزاب اخرى وربما منافسة.
بعض من شباب جماعة تنغير الفائزين والفائزات بمقاعد بذات الجماعة قدموا لنا دروسا وعبرا رائعة لعل الجميع سيقتدي بها وخلدوها بمداد من ذهب. إذ جسدوا وأسسوا لمرحلة جديدة فيها قطيعة مع عدد من الممارسات السلبية و غير السوية التي كانت ولا زالت تمارس الى اليوم بين عدد من الاحزاب والمنتخبين.
فأن يتجول المرشحون والمرشحات بكل حرية ودون قيود بين المقاهي وفي الاسواق بعد فوزهم بمقاعد يعتبر انجازا تاريخيا وفريدا وهو من مكاسب نجاح الشباب بتنغير.
فالشباب قدموا لنا تجربة وملحمة لأشخاص سلاحهم الوحيد قناعاتهم التي لا تهددها الاغراءات ويصعب اقناعها من قبل السماسرة سواء بتغيير القميص او بعض الاموال للانجرار خلف المصالح الخفية. وهذا هو المنتخب الواعي والمثقف الذي يستحق التحية والتقدير وجدير بالمسؤولية والتشريف.
ومن جانب آخر تظل ظاهرة الهروب أو الاختباء أحد ابرز الظواهر السلبية التي نتمنى أن تنتهي يوما ما من المشهد بتنغير عامة، حيث لا يرجى الخير من أناس لا يملكون مصيرهم فكيف يملكون مصير آلاف الأفراد داخل المجتمع.
وبالواضح لا خير يرجى في منتخبين يمثلون الامة وصوت لصالحهم عشرات ومئات المواطنون و يُهربون كما تهرب المخدرات والمحظورات وتسلب هواتفهم وحرياتهم ويسيرون وفق أجندات معينة وعائلاتهم تعيش الرعب والخوف الذي يلازمهم.
فالأكيد أن اشخاصا لا يملكون الحق في تقرير مصيرهم لا يحق لهم التقرير في مصير غيرهم ! ولا يمكن باي حال من الأحوال التحكم في مصير 42 الف نسمة مثلا من قبل افراد سلبت هواتفهم وحرياتهم ورسمت حتى حدود تدخلاتهم وتحركاتهم ويطلبون الإذن حتى لقضاء حوائجهم بشكل قسري !! ونحن ننشد التغيير والحقوق والتنمية وغيرها.
تحصين المناضلين والمرشحين يتم بالعلم والمعرفة وبالقناعات وبالتكوين، ويتم بالتحفيز على البقاء مع الأصلح والانتصار للحق أينما وجد. فالخوف من فقدان الكراسي او الخوف من التواجد في المعارضة او الأغلبية ليست ضرورة حتمية لصراع أزلي فرضته الديموقراطية الانتخابية او العددية و لا تفرض بالضرورة الاصطفاف الى جانب الظلم والقهر والاذلال والاحتقار وكل السلوكات الحاطة من كرامة الانسان.
فبقدر ما تعاني المنطقة من هشاشة معظم الاحزاب على مستوى تأطير المواطنين لدخول غمار السياسة، نجد هشاشة كبيرة على مستوى النخب التي تدبر شؤون الاحزاب والتي غالبا ما تلجأ للمال وأساليب غير مشروعة ويعاقب عليها القانون لتحقيق المكاسب والمناصب وإخفاء عيوبها وإخفاقاتها في المساهمة في تخليق الحياة وتأطير وتكوين المواطنين والمرشحين وجعل التنمية الرهان المنشود داخل المجتمع.
المصدر : https://tinghir.info/?p=60175