موانعُ التغيير السّياسي في دْرَا تافيلالت (ج2)

admin
2021-08-19T15:29:58+01:00
آخر الأخباراقلام حرة
admin19 أغسطس 2021
موانعُ التغيير السّياسي في دْرَا تافيلالت (ج2)
محمد بوطاهر

ها قد انكشف جزء كبيرٌ من فشل التغيير المزعُوم والأماني الباطلة، ولم نبلغ بعدُ ضُحى موْعد الزينة الانتخابية، بل إن الأيام القادمة ستزيد – لا مَحالة- من تكريس هذا العَوَر السّياسي والاحتفاء بالفشل الذي توجّسْنا منه خيفة منذ البداية كعنوان عريض للمشرُوع التنموي لجهة قرعا تافيلالت. لذلك وجب على كل الضمائر العالِمة العاملة أن تنأى بنفسها عن براثن هذا اللعب “دْرَاري” والمبتدئين” و”مراهقي السّياسة الشيوخ”، قبل أن تصْبح هذه الجهة الثكلى نمُوذجا للفشل السّياسي/ الانتخابي السّمين، ويُدرَّسُ للأجيال المُستقبلية كمُعطى تاريخي للاعقلانية وسِيادة الأنا والمصْلحة. 

من خلال هذا الواقع الضنك، لن نسْعى في هذا الجزء الثاني التكميلي من المقال إلى تأنيب “شباب التغيير” على جعْجعتهم البدائية وبيان المزيد من مظاهر قصُور أضغاثهم، لأن ذلك قد تكفل به واقع حالهم وما آلت إليه أمور حركتهم (الخارقة )، بل سنبئر كلامنا تحديدا نحو مسائل خطيرة ومنزلقات قاتلة يُمهدون لها هؤلاء الإخوة المغيرون وأضرابهم من الباحثين عن “التزكيات و” التبرهيش السّياسي” ورعاع آخرون هم تبع للنوعين الأولين دون فهم وادراك؛ مُريدون مُخلصُون تسْري في دمائهم القبلية والعرقية وأشياء أخرى يشتركونها في الخمارات وبيوت مُتعددة التخصّصات. 

واذا كانت بلاغة الكلام تقتضي منا الاقتصار المُفيد خلافا للسّياسيين المُطنبين في خطاباتهم المحْشوة بالبهتان، فنحن لا نبتغي غير الإصلاح قدر ما استطعنا بعيدا عن الذاتية والزلفى، وتلك فارقة نحسبها مِنة بإذن الله، لذلك سنوجز هذه النقاط في ما يلي: 

– يُسجل المتتبع للشأن السّياسي والاجتماعي في الجهة خفوت رحَى التغيير فيها واقترابها من الموت، بل هناك تشابه بين صور ما قبل الانتخابات 2015 وبين التي يجري الاسْتعداد لها الآن. 

– قبل نحو ثلاثة أيام دعا واحد من شباب التغيير إلى إمكانية التحالف مع حزب العدالة والتنمية  ومُداعبة رئيس الجهة بكلام عاطفي  يبعُد 180 درجة عن “التسْنطيحة ” الأولى للحركة، الذي اسْتعْدوا فيه هذا الحزب- دون غيره من الأحزاب المتحالفة المتواطئة – ووصفوه بالظلامي وسبب تردي الواقع في الجهة والبلد كله، وتلك قصّة لنقاش آخر، سنحتكم في تقويمها لأطنان من العبث والجنون حتى نفهم قليلا “البْسَالة السّياسية ديَال هاذ النوع الجديد من الشباب”. 

– منطق السّياسة يقتضي الابتعاد عن العاطفة والاحتكام للسّنن الديمقراطي، وهو ما يفتقد إليه “شباب التغيير” حتى وصلوا إلى مُمارسة سياسَوية هجينة يغلب عليها المصْلحة الذاتية وحفظ ماء وجه الأشخاص قبل البرامج، لذاك فقد أفسدوا المشهد وجعلوا أهل هذه الجهة يُعانون أضْعاف ما كان عليه حالهم قبل نزوتهم. ثم إنهم بعد ذلك أشد ثقلا على مٌصْلحي الشأن السّياسي الجهوي قبل الانتخابات القادمة. 

– جهة درعة تافيلالت من خلال تجربتها السّياسية التدبيرية الأولى، لا تحتاج إلى”براهش السّياسة ” المُحبّين للظهور في نوافذ المواقع الاجتماعية واسْتجداء “الجيمات ” ومجاملات النسوان، ولا إلى “كهول السّياسة ” النخرة عقولهم المتمسّكين بالكراسي والمصالح  الخاصة أكثر من البرامج وهُموم الناس، فكلِا الصّنفين كان مقتا كبيرا عند أهل الجهة وأبعد عن تحقيق آمالهم، وما وجُودهم  في السّاحة واستمرارهم فيها إلا ضريبة على الناس وابتلاء نسأل الله أن يجُبّه أجرُ هذا الصّبر والاحتساب . 

– الجهة تحتاج إلى عُقول مُتزنة متقدة وهّاجة بحُب أهلها، لا تخوض السّياسة من أجل مآرب أخرى ولا تحت الوصاية من جهات كبرى، وهذا الصّنف لن تجده متهافتا نحو تقديم نفسه في المجالس وعبر حشر منخاره في “مُباشرات” مواقع التواصل الاجتماعي كطقس يومي شبيه بزينة النساء، إن هذا الصّنف كالدرر المدفونة في الأعماق لا بُد أن نغُوص بجُهد جبّار لنسْتخرجها ونعرّي بريقها وجمالها، فهي جواهر لا تذروها الرّياح يمينا ويسارا كطفيليات السّياسة وأكياس البلاستيك المُمزقة المستعملة. 

– قبل الانتخابات -تماما كالوقت الذي نحن فيه الآن-  لا بد من اللغط والغوغاء، لأن ذلك من جنس فعل السّياسة كفن للكذب، ولا بد من ظهور كائنات المرحلة ذات الوجُوه المُتعددة التي تدور لكل الجهات بفعل جاذبية الأوراق النقدية والملفات “الخانزة ” القديمة ، لكن ليْس من المعقول أن  نفقد في كل ذلك الصّدق السّياسي و النخوة الأخلاقية عند المُرافعات والسّجالات السّياسية، لنصل إلى العبث السفسطائي الذي لا يشبه السّياسة ولا كلام المجانين، تماما كما يقع الآن من الترحال والتزكيات واعتبار هذه الأخيرة قيمة فضلى ومزية لزاما أن يفتخر بها الإنسان أمام الجماهير، متناسين أن بعض الأحزاب من شدة رُكود مائها السّياسي وبوار أمرها، يمكن أن تزكي الحمير والبغال وحتى الزواحف السّامة إن ضفروها في الطريق.  

 خلاصة القول، هي إن السّياسيين في جهتنا لن يخلصوا في خدمة الشعب إلا بعد أن ينسوا أنفسهم  والحميّة المصلحية لأهلهم وآل بيتهم،  وأن الأمور غير المنطقية في مجال السّياسة لا ينبغي أن تشكل عقبة ( نابليون )، لذلك وجب على مُفكري جهة درعة تافيلالت أن يبذلوا قصارى جهدهم في تعقيل أهل السّاسة وتبصيرهم لعيوبهم  ولملمة ما صنعوه في أهل الجهة من جراح  عميقة ، وذلك عن طرق بث ريح الصّفح وتجاوز النّعرات والقبلية والسّعي نحو دفع القُدوات السّياسية إلى تحمّل زمام التدبير واقتحام المجال، حتى يكونوا مناط الهام للشباب والناشئة، فقد صح في الأثر أن التغيير لا يأتي بغتة ،  فلكل شيء مخاضه العسير، وان الأوغاد لا يمكننا أن ندحرَهم بسُرعة في كل انتخابات، لأننا في الأصل لم ننتخبهم أصْلا. (تشومسكي). 

……… 

 (محمد بوطاهر – 10 غشت 2021 (

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.