فن “أحيدوس” بمختلف انماطه المنتشر بواحات اسامر وجبال الأطلس الكبير والمتوسط وسهولهما لم يسلم من جرافة العولمة ومن قسوة التحولات الاجتماعية.
في حوار شيق مع المبدعين “داوود نايت فاسكا و شكير” حول الوضعية المزرية التي وصل إليها فن احيدوس حيت أن نجمه لم يعد يسطع كما كان على حد قولهما فالاعراس كانت تنظم في الماضي في سبعة أيام تملؤها الأفراح والاحتفالات والزغاريد وكان الكل يتمتع بفن احيدوس بمختلف انماطه واجناسه من ” تكوري و ا زلان…. “
لكن مع مرور السنوات تم تقليص عدد أيام العرس إلى ثلاث ايام في أحسن الأحوال وفي السنوات الأخيرة هناك من يكتفي بتنظيم عرسه في قاعات مكيفة في زمن محدد قد يصل احيانا إلى ثلاث ساعات.
أمام هذا الأمر الواقع وأمام هذه التحولات الاجتماعية أصبح ممارسة فن احيدوس ضئيل جدا واضحى غريبا الا في بعض المداشر والقرى.
المبدعان والممارسان لفن احيدوس “داوود وشكير” بعد تشخيصهما للحالة المرضية التي يعيشها هذا الفن اشارا إلى بعض الأسباب التي كانت وراء ذلك :
ان من أسباب تراجع فن احيدوس حسب قولهما نجد تراجع منسوب الأخلاق لدى بعض الشباب، اي ان هناك من يستغل وجود عرس لكي يشرب خمرا ويعث فسادا وشغبا. أضف إلى ذلك دخول أساليب فنية اخرى مثل المجموعات الشعبية في تركيبة الأعراس هذه المجموعات التي تنحو إلى الرقص أكثر منه إلى الأبداع الشعري والجمالي للكلمة.
وعوامل أخرى منها عدم قدرة الفتيات على ترديد “ازلان” بسبب موجات التعريب وعدم إدماج هذه الفنون في المدرسة.
من بين الأسباب الأخري نجد العولمة التي تحارب الهويات وتنتصر لفون عالمية على حساب أخرى تقليدية.
بعد تشخيص بعض جوانب تراجع فن احيدوس اشار كل من الفنان داوود وشكير إلى ضرورة العودة لفن احيدوس، ضرورة العودة للصفاء والزغاريد ولكي يتأتى ذلك اقترحا أهمية تنظيم أعراس جماعية وبالتالي استثمار التراث التقليدي في الاحتفال بهذه الاعراس وان إدماج فن احيدوس كفن من فنون الفرجة في التعليم المدرسة المغربية مهم جدا لكي لا يندثر هذا ألموروث الثقافي العريق شأنه كباقي الفنون المغربية التقليدية.
عموما على عيون ووجوه المبدعين نستشف حنينا عميقا إلى زمن جميل، زمن الزغاريد المشجعة للكلمة الموزونة والجميلة، للخطاب العميق والمفيد، احيدوس مدرسة بكاملها، يستحق التوثيق والتدريس لأنه بكل بساطة مرآة لمجتمع أصيل وليس فلكلورا يمكن تأطيره في صور وتصنيفه من الماضي، بل هو اليوم والغد بل هو حياة وقيم، هو رقص وشعر وتقاسم وتسامح وجمال وعيش مشترك على واحات تنبض بالحياة.
المصدر : https://tinghir.info/?p=58801