وضع موظف شرطة يعمل بمنطقة أمن تاوريرت، مساء السبت المنصرم، حدا لحياته داخل مسكنه مستعملا حبلا بلاستيكيا للخنق نفسه، لينهي بذلك معاناته مع مرض عصبي كان يتلقى بشأنه العلاج بمستشفى الفارابي بمدينة وجدة.
الهالك، الذي يبلغ من العمر 53 سنة، كانت قد ظهرت عليه بوادر اكتئاب في الثلاثة أشهر الأخيرة مما دفع رؤسائه في العمل إلى إحالته على طبيب متخصص في جراحة الجهاز العصبي لتتبع حالته، خاصة وأن مردوديته المهنية عرفت تراجعا كبيرا، كما أن حالته الصحية بدا عليها تدهور مثير.
وقد تم الاحتفاظ بالهالك بقسم الأمراض النفسية والعقلية في أكثر من ثلاث مناسبات، كان يتلقى خلالها علاجا مكثفا، قبل أن يقرر الطاقم الطبي المشرف على حالته استئناف العلاج بمنزله بعدما ظهرت عليه علامات إيجابية ومحفزة، غير أن حالة اكتئاب شديدة أصابته ودفعته إلى الانتحار عن طريق شنق نفسه باستخدام حبل بلاستيكي. وطيلة مراحل الاستشفاء كان الهالك يستفيد من إجازات مرضية لتمكينه من العلاجات الضرورية.
وقد شكل حادث الانتحار مناسبة للبعض لتحريف الحقائق والمتاجرة بمعاناة عائلة هذا الشرطي، الذي انتقل إلى جوار ربه، بحيث قام مخزني سابق أصبح يمتهن الصحافة، من المهانة وليس المهنية، بتحرير عدة سطور لا ترقى لأن تكون مقالا أو خبرا يحمل فيها مسؤولية الانتحار لجهاز الأمن، مدفوعا في ذلك بحقد دفين تجاه الأجهزة الأمنية بعدما تم عزله في السابق من جهاز القوات المساعدة بسبب رفضه لضوابط الطاعة والانضباط، وكذا لاعتقاده بأنه سيلتحق بمجلس الثورة بعدما ظن أن ثورات العالم العربي زاحفة على المغرب.
الغريب أن هذا المخزني السابق لم يسبق أن طالب بإقالة وزير التعليم عندما انتحر معلم مؤخراً، كما لم يقم بالشيء نفسه عندما انتحرت طبيبة، وقاض قبل ذلك، كما لم يطالب بإقالة أمناء الحرف عندما ينتحر حداد أو نجار أو إسكافي أو لحام، وهي حالات تتكرر في العالم بأسره بسبب إكراهات الحياة وضغوطاتها.
وفي تعليق على هذا الموضوع، أكد مصدر أمني أن المديرية العامة للأمن الوطني تدرك جيدا صعوبات المهنة الشرطية، وتعي جيدا الضغوطات المرتبطة بها، وهذا ما دفعها إلى إحداث خلية لعلم النفس بالمصالح المركزية وخلايا جهوية بالمدن الكبرى، كما قامت بتوظيف أخصائيين في علم النفس لتأمين الدعم النفسي للموظفين الذين تظهر عليهم علامات اكتئاب أو أنطواء، وقد حققت هذه العملية نتائج إيجابية وساعدت على التخفيف من معاناة العديد من الموظفين.
وفي المقابل، يضيف ذات المصدر، أن تسجيل حالات انتحار معزولة لأشخاص يعانون من أمراض مزمنة لا يمكن تحميل المسؤولية فيها لجهاز الأمن، لان مثل هذا الكلام يبقى موسوما بالسطحية، ومطبوعا بالتسرع في التحليل، على اعتبار أن حالة موظف تاوريرت هي حالة نفسية حادة كانت سببا مباشرا في الانتحار.
المصدر : https://tinghir.info/?p=5614