لحسن سويري
في تلك القرى المحاصرة بالثلوج..وفي تلك المنازل التي تعلوا جدرانها الطينية تشققات وشروخ عميقة طبعتها عليها زخات من أمطار هادئة لم تدم غير ساعات قليلة..وفي أولئك الرجال الذين يغادرون منازلهم منذ بزوغ الفجر ولا حق لهم في العودة حتى تعود العصافير إلى أوكارها..وفي تلك النسوة اللائي يحملن أثقالاً فوق ظهورهن حيث يكسو الإرهاق والتعب محياهن..صورة من معاناة المغرب المنسي.
في أولئك الأطفال الذين حرموا من حقهم في التعليم ومتابعة دراستهم..وفي ذالك الأستاذ الذي كره التدريس منذ تعيينه في جبال تكسوها الثلوج والمعاناة طوال السنة الدراسية..وفي تلك الأرجل السقيمة التي تقطع يومياً عشرات الكيلومترات لتصل إلى حجرات كئيبة تقتل أي تحفيز للتعلم.. وتبدأ كوابيس الموت مع أول رعد يضئ عرض الجبال..صورة من معاناة المغرب المنسي.
في ذالك المريض الذي يحتضر يومياً دون حضور مروحية لنقله إلى أقرب مستشفى قصد تلقي العلاج..وفي تلك الحوامل اللواتي لا يجِدن مكانا للوضع إلا فوق الحصان أو السيارة.. وإذا إشتد الوجع وتجاوز حدود التحمل تودع الحياة وتسلم الروح لبارئها..وفي تلك الساكنة التي تعاني في صمت..صورة من معاناة المغرب المنسي.
في ذالك البقال الذي منعته مياه الوادي من التسوق..وفي ذلك السائق و السائح اللذان جرفت مياه الفيضانات سياراتهما..وفي تلك البطون التي تنام خِمَاصاً و (المنظمة الدولية للتغذية والزراعة ) مهتمة بغيرها..وفي أولئك الأطفال الذين لم يتذوقوا أبداً ” نُوتِيلاَ”..وفي تلك النفوس التي تموت وتحيا كل يوم..صورة من معاناة المغرب المنسي.
في أولئك الرجال الذين إحتشدوا لإنقاذ رجل جرفته المياه دون أن ينتظروا الوقاية المدنية التي لن تأتي..في تلك البهائم التي تجوب الأرض بحثا عن مكان لم تغطيه الثلوج كي تقتات منه..في أولئك الرحَّال الذين فقدوا عشرات من رؤوس الأغنام لأسباب مختلفة ووزارة الفلاح لم تسمع عنهم أي خبر …صورة من المغرب المنسي
في تلك الروبورتجات التي أعدها صحافيين لم يتمكنوا من الوصول إلى الأماكن التي من المفروض أن يتواجدوا بها..إلا بعد مرور أيام أو ربما أسبوع من الزمن..في تلك القنوات التي تبث السهرات و الحفلات والكل يرقص فرحا وكأنهم في جنة قد فازوا بينما المغاربة يموتون من مشاكل متداخلة يتخبطون فيها يوميا، فيضانات، بطالة، مخدرات، جرائم…
ألبوم صور يتلون ويتعدد ويتداخل ويتشابك من معاناة المغرب المنسي في مدنه وقراه، ومن أقصاه إلى أدناه وشرقا وغربا ..
لحسن سويري
المصدر : https://tinghir.info/?p=5497