أكد وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، اليوم الأربعاء بالرباط، الحاجة إلى إعادة النظر في بعض المقتضيات القانونية المؤطرة للتشغيل المؤقت.
ولاحظ أمكراز، في كلمة بمناسبة انعقاد الاجتماع الثامن للجنة ثلاثية التركيب المكلفة بتتبع التطبيق السليم للأحكام المتعلقة بمقاولات التشغيل المؤقت، وجود نوع من عدم التلاؤم بين الممارسة والواقع التشريعي في مجال التشغيل المؤقت، إذ تجاوزت هذه الممارسة التشريع المؤطر لها، مبرزا الحاجة الحقيقية إلى إعادة النظر في بعض المقتضيات القانونية المؤطرة للتشغيل المؤقت، بما يمكن من تكريس حقوق الأجراء وتوفير حماية أكبر لهم من جهة، وتلبية حاجيات المقاولات التي تشتغل في هذا المجال من جهة ثانية.
ولفت الوزير إلى أن التوازن في هذه المعادلة يبدو صعبا وتحديا كبيرا لكل الأطراف المعنية، سواء بالنسبة لممثلي العمال والأجراء أو ممثلي المقاولات والقطاعات الحكومية، لكن، بحسبه، يظل إيجاد التوازن اللازم في هذه المعادلة ضروريا وملزما.
وأضاف المسؤول الحكومي أن الواقع العملي بالمملكة أفرز بعض الممارسات غير القانونية، سواء من قبل مقاولات التشغيل المؤقت أو من طرف الشركات المستعملة، مما يؤكد عدم الاستيعاب الجيد لغرض المشرع وللماهية والفلسفة التي قام عليها مفهوم وفضاء التشغيل المؤقت، والمتمثلة في إتاحة الفرصة للمقاولات المستعملة بتدبير جيد لمواردها البشرية، في ظل مرونة متوازنة تمكن الباحثين عن عمل والذين لا يتوفرون على تجربة مهنية من ولوج سوق الشغل، مما سيفتح أمامهم آفاقا أكبر من أجل الحصول على عمل مستقر.
وأردف قائلا إن سوء الفهم والممارسات غير القانونية من شأنها أن تهدم هذه الفلسفة، لذا توجب العمل على معالجة الإشكاليات التي رصدها أعضاء هذه اللجنة مع العمل على إيجاد حلول لها، مؤكدا في هذا الصدد، على أن الوزارة لن تدخر أي جهد للعمل على تجاوز هذه الإشكاليات، مع العمل على تكثيف جهود أجهزة المراقبة للتصدي للممارسات اللاقانونية.
وأضاف أن أجهزة المراقبة حرصت على إيلاء عناية خاصة لمقاولات التشغيل المؤقت، وذلك من خلال إدراجها ضمن الأولويات الوطنية للبرنامج الوطني لتفتيش الشغل لعدة مرات، كاشفا عن إعداد مطبقة إلكترونية لتجميع واستغلال ونشر مختلف المعلومات حول الأنشطة التي تقوم بها وكالات التشغيل المؤقت، في إطار المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، والتي سينطلق العمل بها خلال الأشهر المقبلة، بغية مواكبة هذا القطاع.
من جهة أخرى، اعتبر الوزير أن عقد هذا الاجتماع يكرس التزام الوزارة وحرصها على العمل على انتظامية عقد الهيئات الاستشارية ثلاثية التركيب المنصوص عليها في مدونة الشغل، إيمانا منها بالأهمية البالغة للنهوض بآليات التشاور والتفاوض بغية الارتقاء بالعلاقات الشغيلة وتذليل جميع الصعوبات التي تعترض النصوص القانونية ذات الصلة بتشريع الشغل.
وقال إن الوزارة، بمعية الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين الأعضاء في هذه اللجنة، ومنذ إحداثها لأول مرة سنة 2008، لم تدخر جهدا من أجل تحصين الإطار القانوني المنظم لمقاولات التشغيل المؤقت، من خلال الإجراءات التي أمكن اتخاذها لضمان حسن تطبيق المقتضيات المتعلقة بمقاولات التشغيل المؤقت.
من جانبه، أكد ممثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، علي سرحاني، في تصريح للصحافة، أن الاجتماع يشكل فرصة لإثارة العديد من النقاط المتعلقة بالتشغيل المؤقت، وكذا المشاكل ذات الصلة بقانون الشغل، واقتراح الحلول الكفيلة بتجاوزها.
وأشار إلى أن الاجتماع يناقش، أيضا، مشروع تعديل منشور الوزير الأول رقم 2011/02، الذي من شأنه التمييز بين شركات التوظيف التي تحترم قانون الشغل وتصرح بأجرائها لدى صندوق الضمان الاجتماعي، وشركات التشغيل المؤقت التي لا تصرح بأجرائها وتشتغل خارج القوانين المؤطرة لمدونة الشغل.
وأضاف أن الاجتماع، الذي يعد تتويجا لاجتماعات عديدة تمت خلال هذه السنة، يندرج في إطار سيرورة الحوار الاجتماعي ومناسبة لتبادل الآراء ومختلف الحلول التي تقترحها الهيئات الاستشارية ثلاثية التركيب، لتجاوز الاشكاليات المرتبطة بالتشغيل المؤقت سواء بالنسبة للأجراء أو المقاولات.
بدوره أشار ممثل الاتحاد المغربي للشغل، عبد اللطيف سطيح، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن التشغيل المؤقت يعرف إكراهات ومشاكل مرتبطة في مجملها بعدم التطبيق السليم لمدونة الشغل، لافتا إلى أن الاشكالات التي يعرفها مستخدمو قطاع التشغيل المؤقت تتمثل في عدم تطبيق مقتضيات المادة 496 المؤطرة لهذا النمط من التشغيل.
وسجل المتحدث أن تناول هذا الموضوع يصطدم دائما بالخلط الحاصل في الواقع بين التشغيل الذاتي والمناولة، مما ينعكس سلبا على حقوق الأجراء سواء بسبب الجهل بمقتضيات القانون أو الرفض الصريح لأرباب العمل في تطبيق مدونة الشغل، مؤكدا أن الاجتماع يسعى بالأساس إلى توضيح الرؤية والتمييز بين التشغيل المؤقت وباقي أنماط الشغل الأخرى، للحفاظ على حقوق الأجراء واستقرارهم في جميع القطاعات والسيرورة الدائمة للتشغيل، وبالتالي تحقيق تنمية مستدامة.
أما ممثلة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، سعيدة بن الطاهر، فاعتبرت بدورها، أن مقاولات التشغيل المؤقت لا تحترم القانون وتساهم بشكل كبير في تكريس الهشاشة وعدم احترام الحد الأدنى للأجر ولمقتضيات المنصوص عليها في مدونة الشغل المتعلقة بخلق مقاولات التشغيل المؤقت.
وأبرزت في هذا الصدد، أن شروط إحداث هذه المقاولات واضحة في مدونة الشغل، مستطردة “للأسف نلاحظ عدم احترام هذه القوانين بشكل صارخ على أرض الواقع”، إذ يعاني الأجراء في إطار هذه المقاولات التي لا تملك أحيانا ترخيصا أو عنوانا لمقر نشاطها، مشددة على ضرورة مراعاة قانون الشغل واحترامه لتشجيع هذه المقاولات.
وتضمن هذا الاجتماع جلستين، همت الأولى تقديم عروض تناولت على الخصوص “الكفالة في معايير العمل الدولية والقانون المقارن”، والنظام المعلوماتي الخاص بتتبع نشاط وكالات التشغيل الخصوصية، فيما تمحورت الجلسة الثانية حول دراسة ومناقشة والمصادقة على مقترحات همت مشروع تعديل منشور الوزير الأول رقم 2011/02، ومشروع مذكرة توضيحية حول التشغيل المؤقت وباقي الأنماط المشابهة.
المصدر : https://tinghir.info/?p=54521