يتميز الجنوب الشرقي بالمغرب بالتعدد القبالي. فنجد قبائل تودغى، قبائل أيت عطا،قبائل أيت حددو، قبائل أيت مراد… التي كان لها دور كبير في تاريخ جنوب شرق المغرب على عدة مستويات…
إن العديد من المناطق في أرجاء العالم حالة بقايا التاريخ ، أعراف، تقاليد … دون زواجها أو ارتباطها مع مناطق أخرى إلى يومنا هذا .
فعند التطرق إلى هذا الموضوع لابد من استحضار قصة عشق عابرة للأزمان لدى الشعب الأمازيغي عنوانها” إسلي و تسليت” يقابلها في اللغة العربية ” العريس و العروسة ” في الجنوب الشرقي بضبط إملشيل وسط المغرب لتصبح فيما بعد ذكرى يحتفل بها سنويا محليا .
الشاب موحى من قبيلة أيت ابراهيم، وقع في حب حادة، تنتمي إلى قبيلة أيت اعزة، قبيلتا العاشقين تعيشان على عداء دائم منذ أن حلتا في المنطقة ، فهما جارتان تنتميان إلى قبائل أيت حديدو نواحي إملشيل.. الصراع بينهما لم يخط شيئا، الحدود ومنابع الماء والأراضي الزراعية وكل ما يستحق ولايستحق . ووسط هاته الأشواك من الكراهية و الحقد دبلت وردة العشق بين موحى وحادة، كان العاشقين يلتقيان خفية من أهل قريتيهما في أماكن بعيدة ، خطط موحى و حادة لزواج و إنهاء حبهما تحت سقف واحد، إلا أن القبيلتان معا رفضتا هذا الزواج بداعي و جود مشاكل بين القبيلتين ، حتى منعهما من لقاء بعض، لتتهدم كلمة الحب في رقعة العداء .. حبست حادة نفسها في غرفتها حزنا على فراق عاشيقها موحى، وكذلك فعل موحى ورفض الزواج بغير محبوبته الجميلة حادة. وعندما بدا لهما الزواج ببعض أشبه بحلم، أغرقت حادة نفسها في بحيرة، ومالبث أن سمع مو حى بخبر غرق حادة حتى أعرف نفسه في بحيرة أخرى جنب الأولى ، وهكذا كان ختام حب قتلته الكراهية…
مازالت هناك مجموعة الأعراف و التقاليد أحببت أن أطلق عليها “بقايا التاريخ” التي لم تستطيع العولمة بحمولتها المتعددة الأبعاد و قوتها الفكرية نزفها، أو كسرها في العالم بصفة عامة و المغرب بصفة خاصة إلى يومنا هذا، التي تعتبر عائق كبيرا أمام زواج العشاق .
في هذا المقال سوف نقتصر عن الحديث و التدقيق بالإعتماد على المصادر الشفاهية المحلية، على بعض قبائل مملكة تودغى التي تمتد على طول واحة تودغى تنغير لتشكل منطقة سياحة بامتياز، فهاته القبائل تختلف في العادات والتقاليد و الإعراف رغم انتمائها إلى منطقة واحدة .
قبيلة أيت لحسن وعلي Ayt lhcen u3li من أهم قبائل تودغى العليا تاريخيا ، لكن تاريخها لم يشفع لها .
أصبح الزواج من قبيلة “أيت لحسن وعلي ” منذ القديم إلى الآن، في مملكة تودغى لا يريده أحدا تحت ذريعة أن سكان تلك القبيلة بقايا من اليهود – أو ما يطلقو عليه باللغة المحلية ” udayn” الذين اسلموا فيما بعد.
ألا يمكن أن نعتبر هذا ، ضرب في الشريعة الإسلامية و في حق هاته القبيلة التى أصبحت اليوم مسلمة ،لأن مدينة تنغير عرفت منذ القديم تعايشا مع اليهود في مختلف المجالات خاصة التجارة …
قبيلة إخبا أمزاورو” ikhba amzawro” و قبيلة أيت إعلى ” Ayt Iala ” قبيلتان في تودغى السفلى نديرا ما ترى رجل يتقدم لخطبة إمرأه من قبيلة أيت إعلا و العكس صحيح . السبب حسب الرواية الشفهية المحلية أنه قديما قامت إحدى نساء “أيت إيعلا” التي تزوجت إلى القبيلة ” إخبا” بتنسيق مع إمرأة من قبيلة أيت إعلا لحضور حفل” التبوريدة” والذي كانت قبائل أمزاورو تنظمه قرب “الحاج عمرو” lhaj 3mru” حاليا و كان يطلق عيها أنداك ” أَصْبَاحَي ” نسبة الزمن الذي تقام فيه هاته العادة .
في غفلة من أهل القبيلة تسللت السيدة لرباط الخيل بعد أن سرحت ففكت أحزمة كل السرج .. لتحدث الكارثة أثناء التبرودة حيث قتل أزيد من أربيعين فارس، لتقرر قبيلة إخبا أمزاورو وضع ما يسمى باللغة الأمازيغية ” أموتل Amutl ” اللعنة ” لكل من يتزوج من قبيلة “أيت إيعلا ” حزنا على الفرسان الذين ماتوا في تلك الحادثة .
هناك رواية شفهية ثانية تقول، أن رجال قبيلة إخبا أمزاورو قديما خرجوا من أجل مواجهة المستعمر في تلك الفترة. ولم يبقى في “إغرم ” الذي كان كالقلعة إلا النساء و الشيوخ و الأطفال… نسَّقت إحدى النساء المتزوجات إلى قبيلة إخبا أمزاورو مع رجال أيت إيعلا من أجل سرقت إغرم و قامت بفتح لهم الباب، لدخول إلا أنهم لم يفلحوا في ذلك. بعد أن واصلوا رجال قبيلة إخبا في الوقت المناسب. لتطرد المرأة إلى قبيلتها بينما فر رجال أيت إيعلا.
أيت تدرين ” ayt tidrin ” أيت تنغير ” ( بعض قبائل وسط مدينة تنغير ) حسب الرواية الشفهية، فإن عدم الزواج بين الطرفين هو ما نسميه في اللغة الأمازيغية ” “Tata طاطا ” أو ” ؤطوط utut” أي أنهم إخواه في الرضاعة لذلك تم حظر الزواج بينهما إلا أن هذا الإعتقاد لم يعود قائما كليا بل بدأ بالتلاشي بين هاته القبائل .
قبيلتي أسفالو ” asfalo” و أيت تاريتان ” ayt taritan” من القبائل العريقة في تودغى العليا ، أصبح الزواج بين هاته القبيلتين من الممنوعات يحكى أنه جاءت عروس إلى أيت أريتان ومعهم ما يسمى في الثقافة الأمازيغية ” إسناين isnayn” ( الموكب الذي يمشي مع العروس ).وكان بعض معهم يهود الذين كانوا يقطنون في أسفالو ، كان من حضر من “أيت أريتان Ayt raritan “يعتبرون ذلك إهانة لهم وانتقاصا من شأنهم فقاموا بمنع الزواج من هذه القبيلة، التي أساءت الأدب معهم وفقا لما اعتقادوه في ذلك الوقت، ذلك أن “إسناين ” isnayn” تعبير عن احترام وإنزال الناس منازلهم، ثم أن اليهود كانوا مضطهدين رغم قصة التعايش المزعومة …بعد ذلك دعت قبيلة أيت أريتان على كل من يتزوج من أسفالو باللعنة أو ما يسمى في ثقافتنا الأمازيغية ” أموتل Amutl” أي اللعنة باللغة العربية.
غير أن هناك حالتي تزواج إلى حد الآن، حسب بعض أهالي القبيلتين .
وهناك قصة مضحكة متداولة في قبيلة أيت أريتان.
فبعد أن تزوج شاب من أيت أريتان فتاة من أسفالو، شاءت الأقدار أن يموت والده الذي كان معافا ولم يكن به علة بليغة، فقالت عجوز :
” أيدغ أتريت أفلان أليك تولت غ أسفالو” “Ayddv ad trit aflan allig tuwult g usfalu”
و في اعتقاد العريس و ساكنة أيت أريتان أن سبب وفاة والده هي زواجه من قبيلة أسفالو.
إن هاته الأساطير القبالية و البقايا التاريخية… التي لا تسمن ولا تغني من جوع . التي أصبحت أيضا حاجزا أمام زواج العشاق بين بعض قبائل تودغى بتنغير بصفة خاصة و الجنوب الشرقي بصفة عامة، آن الأوان أن يتخلص منها المجتمع التدغوي، من أجل بناء مجتمع متكامل و مترابط على مستوى عدة . فهاته البقايا التاريخية ضرب في شريعتنا الإسلامية فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الحكيم .( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات 13.
المصدر
-الرواية الشفاهية المحلية .
بقلم: ذ وعلي خالد
المصدر : https://tinghir.info/?p=54400