ارتبط الإنتاج الفلاحي المغربي في السنوات الأخيرة بدخول مخطط المغرب الأخضر حيز التنفيذ، المخطط الذي حظي بتشجيع دولي كبير، لأنه مقدم من طرف مكتب دراسات غربي غريب عن التركيبة الاجتماعية للشعب المغربي و غير ملم بالثقافة المتعصبة لأئمة الشأن العام إشرافهم على تطبيق المساطر القانونية والمقتضيات الدستورية.
مخطط المغرب الأخضر اعتمد على جمع ما تحقق في المغرب منذ الستينيات ووضع أرقاما خيالية، مضاعفة الأرقام الأصلية، دون الاعتماد على أي أساس معقول، وكمثال على ذلك خيار توزيع 800 ألف هكتار على المستثمرين في الفلاحة العصرية، وقد شمل الخيار 100 ألف هكتار من أراضي الدولة التي تم الشروع في توزيعها قبل انطلاق مخطط المغرب الأخضر، كما شمل أراضي الأحباس والأملاك المخزنية وأراضي الجموع دون مراعاة أن هذه الأراضي غير فارغة، أو أنها مصدر عيش الآلاف من الفلاحين الصغار، وأن ما هو غير صالح منها للزراعة يستغل كمراعي.
لقد تبين منذ البداية أن الهدف من المخطط كان هو الاستحواذ على الأراضي الذي بدأ بحرمان مستغلي الأراضي من الحصول على شهادات التصرف أو شهادات الاستمرار فيما يهم الأملاك الخاصة، ثم رفع دعاوي الإفراغ من طرف دائرة الأملاك المخزنية التي تشرف على ما تسميه ب”تصفية الاحتلال”، والغاية بالنسبة لمخطط المغرب الأخضر هي تطوير الضيعات الكبرى عبر الدعامة الأولى وعبر توفير الأراضي والتمويل وإيجاد السوق، وهنا تبرز الحاجة لمسلسل نضالي وطني لتوقيف هذا المسلسل المغلف بأهداف غير قابلة للتطبيق والذي يشكل مجالا من المجالات الصرفة لاقتصاد الريع.
نتج أيضا عن طبقية مخطط المغرب الأخضر واستهدافه لفئة أصحاب المشاريع الكبرى (اصحاب الشكارى)، ضرب حق الولوج للمعلومة، ف 99% من الفلاحين الصغار لا يعرفون سوى اسم البرنامج، حرمان الفلاحين الصغار من الدعم و الإعانات المخصصة للأغراض الفلاحية، وبالموازاة تستفيد مستغلة أو ضيعة واحدة على إعانة توازي الدعم المخصص لإقليم بأسره.
إن مخطط المغرب الأخضر لم يمر من مرحلة الهيكلة بقدر ما هو مهيكل من قبل وموجه لخدمة فئة معينة لها امتداد نفعي يستمد شرعيته من الغرب، وما يعيشه الفلاح المغربي من إقصاء وهشاشة وفقر هو نتاج سياسة القطاع الوصي الذي لم يفكر في سبل دعم ومواكبة الفلاحة الصغرى التي يتعاطاها حوالي 1,5 مليون فلاح يعيلون أسرا يتراوح مجموع أفرادها ما بين 11 و 12 مليون نسمة.
إن إعادة الاعتبار للتنمية الفلاحية يفرض التركيز على العنصر البشري عوض المنتوج عبر توفير التنمية القروية التي لا يمكنها أن تكتفي أو ترتكز على برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإنما على مقاربة علمية شمولية مؤسسة على:
تصفية العقار قانونيا.
تنمية الموارد المائية.
البحث الزراعي والإرشاد الفلاحي والتنظيم المهني.
تربية الماشية.
التمويل والاستثمار والتأمين الفلاحي.
وهي محاور لا يمكن أن تستقيم إلا اعتمادا على:
الانفتاح والاندماج والتعاون الاقتصادي مع فلاحي دول أخرى، خاصة بالمنطقة المغاربية، كمنطقة غنية وذات مؤهلات لتصبح قطبا اقتصاديا عالميا.
اعتماد الأعراف المغربية كقانون أول للحضارة المغربية.
إشراك المجتمع المدني في مسلسل إعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم السياسات والدعم الموجه لتنمية القطاع الفلاحي.
الطاهر أنسي
رئيس النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
المصدر : https://tinghir.info/?p=5346