إرهاب جبان، ذلك الذي أراد تحدي الشعب المغربي. ولا محالة نهايته وشيكة ما بعد كورونا.

admin
2020-09-16T09:30:09+01:00
آخر الأخباراقلام حرة
admin16 سبتمبر 2020
إرهاب جبان، ذلك الذي أراد تحدي الشعب المغربي. ولا محالة نهايته وشيكة ما بعد كورونا.
عبد الوافي الحراق

أفشل الأمن المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني مخططا إرهابيا لخلايا نائمة، تنشط بكل من مدن تمارة الصخيرات وتيفلت وطنجة، كانت تعتزم القيام بمجموعة من التفجيرات الإرهابية لترهيب الشعب المغربي. لولا ألطاف الله العلي القدير ويقظة رجال الأمن الوطني، لتحولت هذه المدن إلى مسرح للجرائم الإرهابية. وحسب الأبحاث القضائية الجارية، فإن الإرهابيين المشتبه بهم، كانوا يخططون لتنفيذ تفجيراتهم خلال يوم او يومين، أو لربما كانت ساعات قليلة تفصلهم على إنجاز فعلتهم الإجرامية، قبل مداهمتهم من طرف رجال الأمن والقبض عليهم.

وأهم ما ميز هذه المداهمات الأمنية الناجحة هو دقة المعلومات الاستخباراتية، وتوقيت الإحاطة الأمنية، وسرعة تنفيذ عمليات المداهمة، بالرغم من تباعد مواقع الأحداث، وصعوبة التدخل في توقيت واحد. مما يعكس بحق قوة اليقظة الأمنية المغربية، وما أصبحت تتمتع به من احترافية عالية وتقنيات عالمية. وقد تمت هذه المداهمات الأمنية بحضور وازن لمدير الأمن الوطني السيد عبد اللطيف الحموشي.

والواقع أن هذه الجهود الجبارة وسلسلة الانتصارات لرجال الأمن الوطني على الإرهاب، أصبحت روتينية واعتيادية بالنسبة للشعب المغربي. وذلك بفضل صحوة مديريات الأمن وفرق الشرطة القضائية والاستخباراتية، وإدارات أمن الحدود والتراب الوطني، من جهة ومن جهة أخرى، بسبب الفشل الذريع والاخفاق المطرد للمحاولات الإرهابية الجبانة، التي استعصى عليها النفوذ إلى أمن واستقرار المملكة المغربية. وهو ما جعلنا نطمئن على أمننا واستقرارنا، ونحن مرتاحون في أمان واطمئنان داخل وطننا.

ولكن لا بأس من سبر غور الجبن والفشل والإحباط الذي آلت إليه عقلية مناصري العدمية والظلامية، والوقوف على طبيعة هذه العمليات الإرهابية، التي تم افشالها ليلة أمس على يد الأمن الوطني. لخلخلة الدوافع النفسية والسياسية والاجتماعية المحيطة بها، واستثارة التساؤلات حول التوقيت والمناسبة، والظرفية وخلفية ملابساتها.

الدوافع النفسية والسياسية والاجتماعية

إن أحداث 11 شتنبر 2001 الإرهابية بأمريكا، التي نفذها تنظيم القاعدة لأسامة بن لادن، وما أحدثته الدولة الإسلامية داعش بالعراق بزعامة المدعو البغدادي، من جرائم إنسانية تقشعر لها الأبدان. جعلت الإرهاب متيقنا أشد اليقين من كسب معركته ضد الغرب والعرب والإسلام. حتى أن الطريقة التي تم بها إحراق الطيار الأردني، والتقنيات السمعية البصرية المستعملة في تسجيل الشريط الفيديو، لتوثيق عملية الإعدام بالحرق. كان الهدف منها استعراض العضالات الإجرامية وإرهاب العالم، وإثبات معادلتهم الصعبة، المتمثلة في استغلال الدروع البشرية المدنية كثكنات عسكرية، وانعدام المواجهة وفق القواعد الحربية، واعتماد منهجية حرب العصابات عن طريق الكر والفر والمباغتة. وتوظيف القنابل البشرية الذكية، والتفجيرات الرقمية المتحكم فيها عن بعد. هذا علاوة على الدعم المادي واللوجستيكي، الذي تتلقاه هذه الجماعات المتطرفة على ايدي الدول والأحزاب الداعمة للإرهاب، وفي مقدمتهم إيران وحزب الله. كل هذه العوامل السياسية والاجتماعية والنفسية ساهمت في تضليل إيمان الإرهابيين بقدرتهم على مواجهة العالم باسره، وزادت في جرعة ثقتهم الزائفة، باستغلال العنف والإجرام لترهيب المنتظم الدولي.

وبفضل التنسيق الأمني الدولي، الذي يعد المغرب أحد أقطابه الأساسية في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود. وفي سياق التدابير السياسية والاقتصادية التي اتخذها المنتظم الدولي، لتجميد أرصدة الإرهاب المالية، ومنابعه اللوجستيكية. سواء عن طريق الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المتطرف، أو المؤسسات التجارية والخدماتية المشبوهة، التي ترعى هذه الحركات الإجرامية وتشجع فكرها الظلامي. وهو ما ساعد على محاصرة تنظيم القاعدة وداعش والدولة الإسلامية، وتدمير أوكارها، وملاحقة خفافيشها التي لجأت معظمها إلى مغارات أطراف الصحاري، وغياهب أفنية الحدود الدولية. مما جعلها تعيش في حالة شتات وعزلة وفرار. الشيء الذي ساهم في تقليص أنشطتها الدموية، وتقييد تحركاتها الإرهابية. وإصابتها باليأس والانحسار، والاضطراب وفقدان التركيز. حتى أن تفجيراتها المنعزلة في السنوات الأخيرة، غالبا ما كانت تبوء بالفشل والإخفاق، دون تحقيق أهدافها الإجرامية.

والمغرب يعتبر من بين الدول الرائدة، من حيث حضوره الأمني في مواجهة الإرهاب، إذ تمكنت منظومته الأمنية، الإقليمية والدولية، من محاصرة حركة الدولة الإسلامية بشمال إفريقيا، ودول الساحل والصحراء. التي كانت تنتعش على التجارة الغير المشروعة للمخدرات والأسلحة والبترول، والتنسيق مع المنظمات الإجرامية العابرة للحدود، لا سيما منها المتخصصة في الاتجار بالبشر. وهو ما جعل الإرهاب الإقليمي يعيش في عزلة واضطراب وانكماش.

محاولة استغلال التوقيت والمناسبة

تولي تحركات الجماعات الإرهابية اهتماما بالغا للتوقيت والمناسبة، ومن بين أبرز المناسبات لديها، التي توثر استغلالها لإبراز قوتها الإجرامية، هي مناسبة 11 شتنبر. لما لهذه الذكرى العالمية الأليمة، من إحساس بالنسبة لهم، بعظمة الشر والعدوانية، ونشوة العنف والتطرف الذي تنزغ به سيكولوجيتهم الظلامية. في اعتقاد منهم أن الإطاحة بمركز التجار العالمي في نيويورك، وضرب البنتاغون في عقر داره، وما خلفه من دمار وقتل للأبرياء، يعد انتصارا أزليا لن تنتهي انتشائية بطولته. وأن هذا الشهر من كل سنة، أصبح كابوسا وشبحا مخيفا لكافة دول العالم، وفي مقدمتها أمريكا وحلفاءها. وما يزيد في تنامي نشوة وحشية هذا الاعتقاد لدى الإرهابيين، أن غالبية دول العالم خلال هذه المناسبة، كانت تصاب بالرهاب والهوس في أخذ الحيطة والحذر واليقظة. وهذا في حد ذاته يعتبره الإرهابيون انتصارا معنويا لتاريخهم الدموي. ولما لا، وهم قوم ماضويون، يعيشون على ماضي الذاكرة المنحلة والفكر المزيف، وشبهات التاريخ المحرف.

كما ان الإرهابيين الذين تم القبض عليهم مؤخرا، بعدما كانوا يرغبون بالقيام بسلسلة من التفجيرات الإرهابية، تستهدف بعض المدن المغربية، كان هدفهم بث الرعب الدموي وقتل الأبرياء، وفي نفس الوقت إحالة المغاربة على اليوم المشؤوم الذي هز مدينة الدار البيضاء 16 ماي 2003.

ولكن السياسة الأمنية التي انتهجها المنتظم الدولي، والتنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية والتحالفات العسكرية، كسرت شوكة هذا الرياء الإرهابي والانتشاء الإجرامي بأحداث 11 شتنبر أو بغيرها، لدى هؤلاء الارهابيين. حيث تمت محاصرة مبيض حسهم، وتقييد دينامية تحركاتهم في الأقطار العربية والإسلامية والغربية. فلم يعد يسمع لهم ركزا أو همسا، اللهم بعض الشطحات الفاشلة المنعزلة. التي تنم عن حالتهم الصحية والنفسية المصابة بداء الباركنسون أوالبارانويا، وتعكس بحق ما آلت إليه تنظيماتهم من ضعف وهون وجبن. ولأدل على ذلك تلك الضربة الإرهابية العشوائية والمبعثرة، التي استهدفت تونس مؤخرا، ولم تسفر عن تحقيق أي هدف من أهدافهم الإجرامية. وكذلك يقظة السلطات الأمنية المغربية وإفشالها لمخطط التفجيرات، الذي كان ينوي الإرهابيون تنفيذه بكل من مدن : طنجة، تمارة، تيفلت والصخيرات.

الظرفية الصحية والإرهاب الجبان

تتجلى أوجه سمات الجبن والسذاجة، والوهن والسماجة، في كون العقلية الإرهابية متحجرة وسخيفة، ومحدودة الفكر والمعرفة، ذات رؤية منغلقة، لا تتسع إلا للعنف والقتل والدماء المهرقة. تعيش في مياه راكدة ثابتة، لا تقبل الجريان والتغيير والحداثة. بينما إقبالها على تنفيذ عملياتها الإرهابية في هذه الظرفية، التي يعيش فيها العالم بما فيه المغرب، أزمات صحية بسبب فيروس كورونا. الذي أصاب الملايين من البشر وفتك بآلاف الأرواح، يعد عملا متهورا وفعلا جبنا. لأن الناس منهمكة فيما هو أقوى وأشد من هذا الإرهاب الجبان، تصارع بتحد وقوة المرض والموت في كل مكان. غير أبهة بحركات هذه الشرذمة المكونة من عفن المخلوقات الوحشية، وخمج الخفافيش الظلامية. وكأن ما أقدمت عليه، من تفجيرات بتونس الأخيرة، وما حاولت القيام به في المغرب من عمليات إجرامية، أمام هول جائحة فيروس كوفيد 19، يشبه كمن حاول اغتيال الموتى أو محاربة الطواحين الهوائية. على اعتبار أن مصير البشرية جمعاء، بمن فيهم هؤلاء الوحوش ومن في الأرض جميعا، لازال مجهولا. بسبب الارتفاع المهول لعدد المصابين بالفيروس، وغياب اية محاولة حقيقية لإيجاد اللقاح في الأفق القريب. فما أقبلت عليه هذه الحركات الإرهابية في هذه الظرفية بالذات، لا يمكن توصيفه إلا بالإرهاب الجبان، والمختل عقليا.

إذ بالرغم من معضلة هذا الوباء وقوة انتشاره، وما خلفه من خسائر في الأرواح، وأضرار اقتصادية تقدر بالتريليونات ومليارات الدولارات. فإن المنتظم الدولي مازال صامدا وقويا ومتماسكا في مواجهة هذه الجائحة الوبائية. فكيف بجماعة مختبئة تحت عباءة ولحية، قد أخذ منها الوهن والمذلة مأخذ المهانة والعلة، أن تصيب شبرا من حجر، او جدعا من شجر، أو جرحا في جسم بشر، فتعده من الفخر واعتزازا بالنصر. ويستنتج من هذا السلوك الأرعن للجماعات الإرهابية في زمن كورونا، على أن أحلامها تبخرت، وتهديداتها تقلصت، وخابت مساعيها وعزائمها. حيث لم تستطع أن تجلب لها أدنى التفاتة أو اهتمام في يومها العالمي الدموي 11 شتنبر، أو تحتل قبسا من حيز انشغالات الأمم والشعوب مع كورونا. مما يوحي أن نهايتها أشرفت على الأفول والانقراض، لا محالة فيما بعد كورونا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.