عثمان عوي-تنغير انفو
تعبر قيادة امسمرير من المناطق الغنية بثروتها البشرية التي تخطت كل الصعاب وقاومت كل معالم الاقصاء و التهميش فساهمت بسواعد شبابها وشيوخها في بناء مغرب اليوم منذ زمان حمل السلاح ضد المستعمر الى فترة الذكاء الاصطناعي والكفاءة المهنية في جميع المجالات ومرورا باسترجاع الصحراء المغربية دون خوف أو تردد.
هذا الرقعة الجرافية كما يعلم الكثير تضم جماعتين ترابيتين هما تلمي و امسمرير تستوطنهما قبائل ايت حديدوا، ايت مرغاد وايت عطا وفق تناسل دواويرها على جنبات وادي بويقولا.
هذا المجال الغني / الفقير لم يُكتب له بعد أن يدخل نطاق التنمية ومسايرة عصر السرعة وضمان العيش الكريم للمواطنات والمواطنين رغم المجهودات المتواضعة للجماعتين المحليتين وبعض المصالح اللاممركزة للدولة ، فمعالم البؤس والتهميش والحرمان مرسومة على وجه المنطقة وسكانها إذ لا تبادل اطراف الحديث مع الصغير او الكبير حتى يرسم لك خريطة مظلمة لمستقبل مجهول زادت حدتها مع فيروس كورونا، حيث قال أحدهم : ” إن زلزالا أصاب العالم ، إهتز الكون ولن يعود أبدا الى ما كان عليه ” ، ثم أضاف وبلغة حرفته ” لقد هاجم الذئب القطيع ، أكل ما أكل و أخاف ما تبقى، فلن يذوق طعم الراحة والاستقرار مدى الحياة “.
إن كل القطاعات تعرف نقصا حادا بهذه المناطق لكن ما أثار انتباهي أكثر هو طريقة التعامل مع فك العزلة عنها وربطها بمناطق أخرى من أرض الوطن ، هذه الطريق التي تربطها بمركز بومالن دادس على الخصوص ، طريق لا تفكرني الا بلباس اليتيم المقهور الذي لا يجد قميصا حتى يتقطع السروال ، يتيم لا يلبس الا الأسمال وكلما تحرك انكشفت عورته ، فهل لا يحق له أن يلبس ثوبا جديدا متكاملا ولو مرة واحدة في حياته فيرى العيد كما يراه الآخرون؟
أنا أكتب وفي قلبي حيرة وحسرة عندما أرى ما يُفرغ من الاسفلت / الكودرون النيلو في كل المناطق المحظوظة وكيفية بناء طريق المعاناة و الحرمان بالمغرب العميق ( لم يكن الاحساس حقدا وانما غيرة )، هذا التعامل الذي لا أفهم منه الا ذر الرماد في العيون واللعب على الوقت والتمادي في التسويف و التضليل بابتكار اساليب الترقيع وفتح أوراش محتشمة في أماكن متعددة ( تسطرين، ايت سدرات، اغيال، …) تجعلك تظن أن باب التنمية مفتوحا لكن يعيدك في النهاية الى الثوب المرقع بكل الألوان.
ألم يكن من حق هذه المناطق المغلوبة على أمرها أن تنعم يوما بمشروع مندمج ومتكامل يجمع بومالن دادس ببني ملال ويفك العزلة بالمعني الحقيقي إذ سيربط الجنوب الشرقي بكل المدن الداخلية للمغرب.
إن انتظارات المواطنات والمواطنين بهذه المناطق كبيرة ومتعددة لكن تبقى الطريق مدخلا أساسيا للتنشيط المجالي وخلق الثروة وانعاش الاقتصاد المحلي فهل من أذن صاغية؟
وذرءا للتأويلات السياساوية الفارغة فانني أؤكد أن المسؤولية في مثل هذه المشاريع لا تقتصر على شخص دون آخر أومسؤول وحيد، بل هي مسؤولية يتقاسهما الجميع وعلى صعيد كل الجماعات الترابية من بومالن دادس الى املشيل: (مواطنون، منتخبون، فاعلون مدنيون، شباب، خبراء، …) كل في مجال اختصاصه من أجل ملف مطلبي متكامل و برنامج ترافعي منسق يحمله المنتخب ووراءه الفاعل المدني لطرق أبواب تنغير والراشدية والرباط.
لقد طال الليل فهل من ضوء في الأفق لننعم بشيء من الحياة؟
المصدر : https://tinghir.info/?p=49069