من كان يتصور أن اقتناء خروف العيد ممكن بنقرة واحدة عبر الانترنت، وأن التنقل وإمضاء الساعات الطوال في السوق وتحمل مساومات “الشناقة” والوسطاء لم يعد بالأمر الضروري، حيث يسعك القيام بهذه العملية من خلال الولوج إلى مواقع الانترنت المخصصة لاقتناء الأضاحي.
وقد بدا واضحا أن هذا الإقبال على التجارة الالكترونية التي تشكل ثورة على مستوى أساليب الشراء عند المغاربة، المتعلقين بطقوس عيد الأضحى، عرف منحى تزايديا هذه السنة أكثر من أي وقت مضى بفعل السياق الاستثنائي الذي تحل فيه هذه المناسبة الدينية، والذي يطبعه انتشار جائحة كورونا الذي أثر بشكل كبير على عادات المستهلكين.
وهكذا، ازداد عدد الأشخاص الذي يعتمدون على الانترنت للقيام بأنشطتهم التسوقية، بما في ذلك عملية اقتناء الخروف.
وتبعا للتوجه القائم على التجارة الالكترونية، أخذت العديد من المواقع الالكترونية تعرض قوائم عريضة من الاختيارات تقدم للزبون سلالة الخروف (الصردي، البركي..)، وزنه، سنه، وثمنه، مرفقة بصور ومقاطع مصورة لإبراز مميزات المنتوج وضمان جودته ومصداقيته لدى الزبون.
علاوة على ذلك، وبغية تيسير عملية الاقتناء، تقترح هذه المواقع توصيل الخراف إلى محلات الإقامة وفقا للتاريخ الذي يختاره الزبون. أما عملية الأداء، فتتم عبر الانترنت، أو أثناء تسليم الخروف، أو في عين المكان بالنسبة للراغبين في الحضور بأنفسهم لتسلم الخروف. يؤكد عمر الشافعي، مسير ضيعة “الشريفة” المتخصصة في الفلاحة وتربية الخراف (الخروف الصردي) والأبقار، وتعرض خدمة اختيار وطلب الخروف عبر الانترنت من خلال موقعها على الأنترنت، في حديث لمجلة (باب)، أنه ” منذ إحداث الموقع الالكتروني، سجلنا إقبالا متزايدا على الاقتناء عبر الانترنت”، مشيرا إلى أن “البداية كانت محتشمة غير أن العملية تطورت مع توالي السنوات”.
وأبرز أنه ” بات بعض الزبناء يأتون إلينا مع اقتراب كل عيد لاقتناء الخروف، وأنه بفضل الجودة التي تتسم بها منتجاتنا والخدمة التي نقدمها، نشأت علاقة ثقة متميزة بيننا وبين زبنائنا”.
وتابع “خرفان سلالة الصردي التي ننتجها تحظى بتغذية طبيعية قوامها الشعير والعلف… كما أنها تخضع للمراقبة الطبية طوال السنة، مع تناسب الجودة والثمن على نحو جيد”. وسجل صاحب ضيعة “الشريفة” أن الطلب عرف زيادة هذه السنة بفعل جائحة (كوفيد-19)، لافتا إلى أن الاقتناء عبر الانترنت يظل أفضل الطرق البديلة لتلافي التقارب الجسدي والتنقل اللذين قد يعرضان المواطن لخطر العدوى.
كما أشار إلى أنه تم اتخاذ كافة التدابير الوقائية لضمان السلامة الصحية للقطيع والزبناء في آن واحد، من خلال الاحترام الصارم لتعليمات السلطات العمومية.
وأضاف أنه بالرغم من التحديات الراهنة المرتبطة بالجفاف، والجائحة، وارتفاع أثمنة العلف، يظل سوق الخراف في وضعية جيدة.
وتابع عمر الشافعي أن الشراء عبر الإنترنت يوفر الكثير من الوقت والطاقة، بحيث لا يضطر المرء للتنقل يمينا وشمالا بحثا عن الخروف، مشيرا إلى أن “فكرة موقع بيع الأغنام تتوخى تجنيب الزبناء مشقة الذهاب للأسواق وإهدار الوقت والطاقة”. وأضاف أن “الشراء عبر الإنترنت يوفر على الزبون المساومات غير الضرورية في الأسواق والمشاكل التي ترافقها، بما في ذلك مضاربات (الشناقة)، والتدافع وحتى السرقة. فهدفنا الرئيسي هو كسب ثقة الزبناء لكي يعودوا في كل عيد”.
وبسبب ضيق الوقت وتزايد الانشغالات اليومية للمواطنين، بات كثيرون يلتجؤون لشراء الأغنام عبر الإنترنت. وهذا هو حال هشام، إطار في مقاولة، الذي جرب تجربة التسوق عبر الإنترنت ولم يندم عليها. وقال في هذا الصدد “نصحني أحد الأصدقاء بذلك. وبالنظر إلى طبيعة عملي الذي يتطلب السفر باستمرار ولفترة طويلة، لم أكن أجد متسعا من الوقت لشراء الخروف على الطريقة +المغربية+”.
وأضاف “صحيح أنه في بادئ الأمر راودتني شكوك كثيرة بسبب انتشار عمليات النصب والاحتيال على الإنترنت”، داعيا للتحقق من صحة وموثوقية التاجر الرقمي قبل إتمام أي طلبية.
من جهة أخرى، يعد توصيل الطلبات للمنازل أحد مفاتيح نجاح التسوق عن بعد. ففي حين يمكن للبعض الذهاب إلى عين المكان لاختيار خرفانهم، يتعذر على البعض الآخر التنقل بسبب ضيق الوقت، أو بعد المسافة، أو بسبب الظروف الصحية.
وبالتالي، فإن خدمة التوصيل التي يقدمها التسويق الإلكتروني لبيع الأغنام يسهل الأمر على العديد من شرائح المجتمع، خاصة الكبار في السن، وأولئك الذين يعيشون في شقة صغيرة وليس لديهم مساحة كافية لاقتناء خروفهم قبل أيام من العيد، إضافة إلى الأشخاص المشغولين جدا… وفي هذا الصدد، قال عمر الشافعي “بمجرد اختيار الخروف وحجزه، يتم تسليمه مجانا في التاريخ الذي يحدده الزبون، إما قبل يومين من العيد أو عشية العيد”.
وأوضح أن “المزرعة التي تقع في سيدي حجاج (سطات) على بعد 90 كيلومترا من الدار البيضاء، توفر خدمة التوصيل فقط إلى جهتي الرباط والدار البيضاء، لكنها تعتزم توسيع شبكتها لتغطي جهات أخرى”..
ولهذا السبب، يلتجئ يوسف، وهو مغربي مقيم في الخارج، لخدمة الشراء عبر الإنترنت، رغم أنه للأسف لن يتمكن من الاحتفال بالعيد مع عائلته هذه السنة، بسبب الظروف التي أملتها جائحة فيروس كورونا.
حيث أكد قائلا “بالنسبة لهذا العام، طلبت خروف العيد عبر الإنترنت لأن والداي الكبيرين في السن واللذين يعانيان من أمراض مزمنة لا يمكنهما التنقل إلى الأسواق. وهكذا فإن التوصيل إلى المنزل عشية العيد شجعني أكثر على اتخاذ هذا القرار”.
وأضاف “هذه تجربة جديدة بالنسبة لأسرتي. وبالنظر للظروف الصعبة والخاصة التي تسم عيد الأضحى هذا العام، فإن التسوق عبر الإنترنت يبدو الحل الأفضل”.
للتسوق عبر الإنترنت مزايا ومساوئ في الوقت نفسه. ولتفادي الوقوع في فخ النصب والاحتيال، يجب التأكد من موثوقية الموقع الإلكتروني الذي تودون الاقتناء منه، والتحقق من سمعته، وإعطاء الأولوية للأداء عند التسليم. فهل تغريكم إذن فكرة اقتناء خروف العيد عبر الإنترنت !؟
المصدر : https://tinghir.info/?p=48412