Ad Space

في الذکری السادسة لرحیله، تنغیر أنفو تنفرد بحوار حصري مع علبة أسرار الدکتور المهدي المنجرة

admin
2020-06-17T12:05:43+01:00
آخر الأخبار
admin17 يونيو 2020
في الذکری السادسة لرحیله، تنغیر أنفو تنفرد بحوار حصري مع علبة أسرار الدکتور المهدي المنجرة
حاوره خالد حالمي

مرحبا أستاذ عبد الحمید بناني ضیفا علی تنغیر انفو للحدیث عن الدکتور المهدي المنجرة المفکر و الانسان.

 بدایة لنعود لبدایات علاقتک بالدکتور المنجرة کیف کان اللقاء الاول به و کیف وجدته کمفکر و انسان

أود في البداية أن أتقدم بخالص شكري و عميق امتناني لهذا المنبر القيم الذي ابى إلا يشارك في تخليد الذكرى السادسة لوفاة الدكتور المهدي المنجرة، رحمه الله،

تعود معرفتي بالبروفسور المهدي المنجرة، رحمه الله، بصفة غير مباشرة لأواخر ستينيات القرن الماضي خلال مشاركاتي في الحوارات التي كانت تنظم كل أسبوع سواء في بيتنا أو في بيوت أحد أقاربي و  أصدقاء والدي، رحمه الله، و التي كانت  تتمحور حول المقاومة و جيش التحرير  و تقييم مرحلة ما بعد الاستقلال.  و خلال هذه الحوارات و النقاشات أثار انتباهي مدى التقدير و الاحترام الذي يحظى به المهدي المنجرة من طرف كل الحاضرين دون استثناء لدرجة أن جل الحاضرين كانوا يرفضون مقارنته بأية شخصية أخرى و كانوا يعتبرون المهدي المنجرة شخصية استثنائية بكل المقاييس. من هنا ترسخ في ذهني كقدوة و كبرت رغبتي في تقصي أخباره  و البحث عن مقالاته و كتبه بشغف كبير إلى أن سنحت لي الفرصة للقائه و معرفته عن قرب سنة 1983 و ظلت هذه العلاقة مستمرة دون انقطاع حتى مماته.

خلال سنة 1983

أخبرني المدير بأن المهدي المنجرة اتصل به و طلب منه أن يخبرني بأنه يريد مقابلتي على عجل على الساعة الثانية عشرة قرب مقر جامعة محمد الخامس للعلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بأكدال. انتقلت على عجل الى المكان المحدد و وجدت الدكتور المهدي المنجرة في انتظاري، سلمت عليه باحترام كبير فقال لي:”السي عبد الحميد”، فأجبت “نعم سيدي المهدي المنجرة” ، فقال: “أنا فخور بك و أحييك على مواقفك اتجاه أصدقائك و صمودك للاكراهات التي تعرضت لها دون أن تستسلم”. أشار  لي بالصعود الى سيارته و طلب مني أن أروي له تفاصيل قضيتي و القضية باختصار شديد تتمثل في المبادرة التي اتخذها بجمع الأموال لمساعدة أصدقائي، مناضلين من المستوى الرفيع، الذين تعرضوا للحبس التعسفي من طرف القوى القمعية و كان من بينهم الأخ العزيز و المناضل الفذ محمد السكتاوي مدير منظمة العفو  الدولية فرع المغرب حاليا و الأخ العزيز حيدر ادريس رئيسها. و انتقلنا بعد ذلك للحديث حول اختصاصاتي و اهتماماتي حيث كنت أشغل آنذاك منصب رئيس مركز التوثيق و المعلومات و مكلف كذلك برصد و جمع و معالجة المعطيات الاحصائية و البيانات و المؤشرات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و المجالية لمركز الدراسات و الأبحاث للتهيئة و التعمير  و منذ ذلك الحين أشركني في أبحاثه و دراساته الى أن غادرنا الى دار البقاء.

  السٶال الثاني: کیف عشت الایام الاخیرة مع الدکتور المنجرة و لحظة رحیله عن الحیاة

لقد عشت أصعب مرحلة في حياتي منذ أن علمت بأن حالته الصحية جد متدهورة و ذلك من خلال الأطباء و بعض أفراد عائلته فقمت بمبادرة إنشاء تجمع محبي المهدي المنجرة و دعوت الى تكثيف جهود مبادرات مماثلة و دعوات  لإطلاق حملة “معا من أجل تكريم الدكتور المهدي المنجرة” للتعبير من خلالها على مدى التقدير و الاحترام الذي نكنه لأستاذنا الجليل و قد تم انتخابي بالإجماع  منسقا عاما لهده الحملة القيمة و المباركة. لقد كنا مقتنعين بمقولة “وردة في حياته خير من إكليل من الورود على قبره”.،  و قمنا بعدة مبادرات في هذا الصدد كتأسيسي مجموعة من التنسيقيات في عدة مدن مغربية و حتى في بعض البلدان المغاربية و العربية و الأوروبية… لا زالت قائمة ليومنا هذا. كما اخترت اسم المهدي لابني تكريما للدكتور المهدي المنجرة، رحمه الله.

و يوم الاعلان على مماته كنت في طريقي لمدينة طنجة لتأسيس تنسيقية طنجة و انتخاب مكتبها التنفيذي حيث نزل الخبر كالصاعقة و لم أتقبل الأمر إلا بصعوبة شديدة بعد أن تعرضت لصدمة حقيقية و شرود متواصل دام لأزيد من شهر . توصلت مباشرة بعد الاعلان عن الوفاة بالعديد من الفضائيات المشهورة و المنابر الاعلامية و الصحف و الجرائد من عدة دول و لكنني لم أقوى على الادلاء بأي تصريح لأي كان نظرا للحالة الصحية الدقيقة و حتى خلال الجنازة لم أقوى على مغادرة بيته و مرافقته الى مثواه الأخير. 

السٶال الثالت: لنفتح صفحات الدکتور المهدي المفکر لایصال فکرره باختصار للجیل الحالي حدثنا عن تصور المنجرة لمواضیع تنمیة لصراع الحضارات لمغرب المستقبل للشباب

المنجرة مفكر استثنائي بكل المقاييس يتمرد على أي تصنيف أو تنميط، و يمكن اعتباره  كرافد من روافد الانسانية… تحول من ذات عالمة الى مؤسسة علمية قائمة بذاتها و من عالم الى ملتقى عوالم.. كما أنه المفرد بصيغة الجمع حيث تجسد من خلاله العالم المستقبلي و الأستاذ و الباحث الجامعي و الدبلوماسي المحنك و الخبير الدولي و الكاتب والمثقف الاستثنائي … بل هو كذلك العضو الأبرز في الحركة الوطنية و المناضل الفذ و الناشط الحقوقي و المقاوم من أجل تحرير فلسطين و كل الشعوب العربية و الاسلامية و باقي دول العالم الثالث،

و لكي نتمكن من استيعاب المشروع المجتمعي التحرري الذي كان أن دعى إليه المهدي المنجرة لا مناص من التركيز على مساره الزاخر مع استحضار مجموعة من الخصال البارزة التي ميزت شخصيته.  فقد كان منظومة قائمة بذاتها كرست وبشكل مثير التجانس الكبير بين أفكاره ومواقفه ومبادئه من جهة، وبين سلوكاته وتصرفاته، من جهة أخرى. لم يكتفي بتجسيد المثقف العضوي “الذي يتحسس آلام شعبه” فحسب بل أضاف له “آلام كل الشعوب”  خصوصا المستضعفين منهم. كما برز و بشكل مثير من خلال نضاله الأسطوري ضد الاستعمار و الإمبريالية و الميغاامبريالية كحركات مناهضة لحق الشعوب في تقرير مصيرها، وللصهيونية كحركة عنصرية، استعمارية و عدوانية. كما امتاز بتصديه المستميت للعولمة الليبرالية المتوحشة و التي رفضها لحمولتها الاستعمارية و لبعدها الاقتصادي الإقصائي و لمرجعيتها المسيحية اليهودية و لرفضها للتعدد و التنوع الذي لا مستقبل للانسانية من دونهما.

لم يكن باحثا ومفكرا عربيا وإسلاميا فحسب وإنما ارتقى إلى العالمـــية وأصبح مفكرا كونيا إنسانيا رصد و ركز بدقة مثيرة على المشاكل والتحديات التي نواجهها على الصعيد الدولي و العربي والإسلامي و باقي دول العالم الثالث. كما  استشرف وأصاب في مقارباته للتحولات الكبرى والعميقة التي سيواجهها العالم إذا لم تغير الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين من استراتيجياتهم و مخططاتهم الجهنمية المبنية أساسا على تكريس هيمنة القيم المسيحية اليهودية على باقي القيم الحضارية الأخرى تمهيدا لسيناريوهات إعادة تقسيم المنطقة العربية على أسس دينية عرقية طائفية و التي أضحت بوادرها بادية للعيان في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا بعد أن تمكنوا من تقسيم السودان سابقا.

لقد كان هذا العالم المستقبلي و الخبير الدوليسباقا إلى طرح مفهوم “الحرب الحضارية” وهو مصطلح من المصطلحات الفكرية التي أضحت حاضرة بكثافة في كتـاباته ومحاضراته ومؤلفاته وأبحاثه. و على خلاف موقف صامويل هنتنغتون، فإن مقاربة المنجرة كانت وقائية تحذيرية، ترمي إلى تبني حوار حضاري بين دول الشمال ودول الجنوب لتفادي الصدام الحضاري و لكنه مع كامل الأسف لم يجد آذانا صاغية.  أما صامويل هنتنغتون فكانت أفكاره توجيهية وخطة إستراتيجية في خدمة صناع القرار الأمريكي، حيث لم يكن هدفه إيجاد الحلول بقدر ما كانت نظرته عنصرية، استعلائية و مستفزة. ولذلك كان يعتبر أن “كل ما هو غير يهودي مسيحي سيكون مصدر خطر و يجب ان نحضر انفسنا لذلك …”    وأن نكون مستعدين لمواجهته، إما أن يصبحوا مثلنا أو نحاربهم.



aid

من  البديهي أن “طرح المهدي المنجرة كان من شأنه أنه فضح النوايا الحقيقية لأمريكا التي بدت عاجزة على دحض الحجج الدامغة التي كان قد أسس عليها مقاربته التي جاءت من القوة بحيث لم يكن من اليسير تفنيدها حتى من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية الذي يرأسه هينتغتون بجامعة “هارفارد” و الذي كان يشتغل ك”علبة أفكار” لحساب البنتاغون و الخارجية و المخابرات الأمريكية”. لم يكتفي المنجرة بتنبيهاته و تحذيراته و استشرافاته القيمة بل اقترح الحلول الناجعة لتفادي “الحروب الحضارية” حيت دعى في هذا الصدد  إلى تبني  الحوار و التواصل بين الشمال والجنوب و خصص له جائزة منذ سنة 1991 مولها من خلال مداخيل كتبه ومؤلفاته. ولكن بعد مرور أزيد من عشر سنوات، خاب ظنه في دول الشمال اللذين لم يبدوا أية أهمية لهذا الحوار ليتبنى في الأخير الانتفاضة كما صرح بذلك خلال الحفل الذي أقيم في بيته لتسليم جائزة الكرامة “لا أخفيكم أنني أمنح هذه الجائزة منذ ما يزيد عن عشر سنوات، لكن أملي خاب في الشمال الذي لم يبرهن يوما على استعداده للتواصل مع الجنوب، والجنوب نفسه لم يعد لنخبه الثقافية و السياسية من مقاصد ورؤية للمستقبل”. من البديهي ان الكرامة الانسانية و حتمية الدفاع عنها ظلت حاضرة بقوة في فكر البروفسور المنجرة وذلك منذ طفولته ويتجلى ذلك من خلال مقولته الشهيرة التي كان يرددها باستمرار و بنبرة من التحدي:” أنا إنسان تربيت في جو الكرامة و سأموت في  جو كريم، ولا أحد يمكنه أن يقفل فمي أو يكسر قلمي مهما كانت سلطته”،

أما بالنسبة للتنمية فقد كان البروفسور المنجرة يولي أهمية جوهرية للعلاقة بين العلم و الثقافة و مدى ارتباطهما بالتنمية لدرجة أنه اعتبر بأن التنمية الحقيقية تتم عندما يعترف العلم بكونه جزء لا يتجزأ من الثقافة. و قد كان يعتبر، في هذا الصدد، بأن أحسن تحديد للتنمية  هو ذاك الذي قدمه “روني ماهو” حين اعتبر بأن “التنمية تتم حينما يصبح العلم ثقافة”.

كما تصدى و بقوة لكل من كان يدعو الى الربط بين الحداثة و الغربنة  و بأن دول العالم الثالث ملزمة بأن تمر من نفس المراحل التي مرت منها الدول الغربية خلال الثورة الصناعية  و ليست هنالك من وسيلة أخرى لتحقيق التنمية الشاملة غير التقليد. وقد صرح في هذا الصدد ما يلي: “أقول إن هذا جهل، هذا هو عدم الفهم لدور القيم و دور الحضارة والثقافة في عملية البناء، بناء الترتيب العقلاني، بناء أهم شيء و هو الابداع. و ليس هناك إبداع بالتقليد، وليس هناك بحث علمي بالتقليد، إلا إذا كان هناك مركب نقص”.

لقد استشرف البروفسور المهدي المنجرة فشل النماذج التنموية المبنية على إملاءات القوى الاستعمارية و تعليمات البنك و صندوق النقد الدوليين منذ أزيد من ثلاثة عقود و لكنه لم يجد آذانا صاغية في وطنه بينما استفادت من مقارباته الرائدة و تحاليله العلمية و حلوله العملية جل الدول المتقدمة. و اليوم نقر بفشل النموذج التنموي الذي تم اعتماده و بالتالي نعترف بأن المهدي المنجرة كان على صواب. و يرتكز  النموذج التنموي الذي اقترحه على ثمانية محاور أساسية:

  • القضاء على الأمية والجهل
  • القضاء على الفقر  وردم الهوة الساحقة بين من يملكون الثروات و من لا يحصلون على لقمة العيش اليومية؛
  • بناء ديمقراطية حقيقية من شأنها رفع مستوى مشاركة السكان في تحديد نموذج التنمية الذي يريدون، و الذي تحدد معالمه حاليا مجموعة من البيروقراطيين الداخليين بدعم من “الخبراء” الدوليين”؛
  • تشجيع تنمية اللغة الوطنية و الرفع من شأن اللغات الجهوية الأصلية؛
  • الاعتماد على الذات و تقليص حجم “المساعدات” التي تثقل كاهل المواطنين؛
  • إيلاء الاعتبار للقيم السوسيو ثقافية كمفتاح لنموذج التنمية؛
  • تقييم البحث العلمي و تشجيع الابتكار و الإبداع؛
  • احترام حرية الأشخاص و الجماعات.

السٶال الرابع : لنفتح باب علبة اسرار الدکتور كیف عاش او تعایش المنجرة مع التضییق و وصایاه للشباب.

لقد تعرض المهدي المنجرة طيلة حياته لحملات ممنهجة للمنع و التضييق و التنكيل أفضت في نهاية المطاف الى حصار دائم لأنشطته و كل تحركاته و منعه من التواصل مع جمهوره العريض و لكنه لم يكن يقوم بأي رد فعل بل ظل شامخا كما عهدناه يكتفي بشكر المنظمين و بتثمين مبادرة تنظيم الندوة أو  المحاضرة أو اللقاء و بإبداء رأيه حول الموضوع المقترح قبل المغادرة.  و تجدر الاشارة هنا بأن المنجرة لم يتلقى الأمر بمنع محاضراته و ندواته بشكل مباشر حيث لم يتجرأ أحد على ذلك يوما بل كانوا يتواصلون في هذا الصدد مع المنظمين و بإبلاغهم بقرار المنع شفويا. 

و لا زلت أذكر  عندما تمكننا من تنظيم محاضرة بالرباط سنة 1996  بعد أن تجاهلنا  قرار المنع الذي توصلنا به شفويا  و لذلك اقترحت عليه إلقاء محاضرته و هذا ما حصل بالفعل و دون أدنى تردد و لكنها لم تسلم من تشويش.  كما يجب التذكير في هذا الصدد بالمنع الذي تعرض له من إلقاء محاضرة في مدينة تطوان كان موضوعها:”الديمقراطية و حقوق الانسان بالمغرب”.، حيث سجلنا أول رد فعل للمنجرة عندما صرخ و بأعلى صوته “باركا” بمعنى “كفى”، و مع ذلك تمكن من إلقاء محاضرته في مقهى حمادي بدلا من قاعة دار الثقافة التي كانت مقررة سالفا.

السٶال الاخیر الان ونحن في ذکری وفاته کیف تری تصورات المنجرة في مغرب التعایش مع کورونا

و لت إن الوتيرة المتسارعة لانتشار فيروس كورونا زمنيًّا و  امتداده جغرافيا، و خطورة تداعياته و تشعبها لمن شأنهم أن يُشكلوا تهديدا مباشرا للحياة البشرية، بل و التأثير على كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ دفعت بالعديد من المؤسسات البحثية إلى محاولة وضع سيناريوهات لاستشراف أهم التطورات المحتملة لانتشار الفيروس والتداعيات المترتبة عليها، و المساهمة في بلورة أهم ملامح الاستعداد المسبق من جانب الدول والحكومات.

أما المقاربة الاستشرافية التي كان المنجرة يعتمد عليها فلا تنتظر حدوث الأزمات لصياغة الاستراتيجيات بل كان يتوقع حدوثها لمدة لا تقل على عشرين سنة و  يقوم بصياغة السيناريوهات الممكنة و تحديد خطط عمل استباقية  و  توفير الوسائل و الامكانيات الضرورية لمواجهتها عكس ما حصل في المغرب الذي اضطر  لمواجهة جائحة كوفيد-19 بمختبرين فقط أحدهما مختبر عسكري دون إغفال ضعف البنيات الأساسية كالمستشفيات و المختبرات و الافتقار الى أبسط التجهيزات الطبية الضرورية و نقص في الأطقم الطبية التي تحول دون توفير العناية الصحية اللازمة للمواطنين حتى في الظروف العادية و التي أفضت الى حراك شعبي في الريف و جرادة و مناطق أخرى.

من البديهي أن ما بعد هذه الجائحة التي حلت علينا دون سابق إنذار لن تعود الأمور الى سابق عهدها ليس على الصعيد الوطني فحسب بل ستشمل كل دول العالم دون استثناء. فبعد تحديد الحصيلة النهائية للضحايا و تقييم الأوضاع سيضطر المغرب لوضع حد للخطابات الرنانة و ممارسة التضليل و التطبيل و  التهليل للمنجزات التي لا نسمع عنها الى في وسائل الاعلام الرسمية و لا يتم الترويج لها إلا من خلال الأقلام المأجورة بدلا من الاستفادة من روح التضامن التي برزت خلال الجائحة حيث أضحى المواطن و صحته محور اهتمامات النظام و الحكومة و باقي المؤسسات الرسمية. لكن الفرصة السانحة التي أفرزتها الجائحة لم يتم استغلالها بعقلانية لإعادة و لو جزء بسيط من الثقة المفقودة بين المواطن و المؤسسات خصوصا عندما تم استغلال هذه الجائحة و بأبشع الطرق لتمرير الأجندات النظامية كمحاولة تمرير مشروع قانون 22.20 الهادف أساسا الى تكميم الأفواه و المساس بحرية التعبير و استهداف المعارضين للنظام و باقي الفعاليات الحقوقية و الجمعوية الجادة دون إغفال الممارسات القمعية لبعض رجال السلطة و الشطط في استعمالها و الجشع اللامحدود للمدارس الخصوصية و المصحات الخاصة و  مناورات لوبيات الأدوية …

کلمة أخیرة

نحن اليوم بصدد تخليد الذكرى السادسة لوفاة الدكتور المهدي المنجرة، رحمه الله، فلنجعل من رحيله عنا مناسبة لنغير من طريقة تفكيرنا و من مقارباتنا للأشياء بشكل أبعد و أوسع و أعمق، لنبتعد عن لغو السياسيين و حساباتهم الضيقة و قصر نظرتهم التي ما فتأت تجعلنا ننسى أن المستقبل هو الزمن الوحيد الذي يمكننا ان نتحكم فيه و نصنعه ونحتاط مما يحاك ضدنا من خلال المخططات الصهيونية الأمريكية الغربية الهادفة الى إعادة تقسيم المنطقة العربية على أسس عرقية دينية طائفية. 

و لهذه الغاية تم إنشاء  مؤسسة المهدي المنجرة للفكر و الإبداع من أجل إحداث ثورة فكرية و ثقافية حقيقية تتخذ من الشباب الفئة المستهدفة و تستمد جدورها و مرجعيتها من الموروث العلمي و الثقافي الرائد لهذا المفكر الاستثنائي و من الرسالة الانسانية النبيلة التي تبناها و من مشروعه المجتمعي التحرري الواضح المعالم و المقاصد. من البديهي أن هذا المشروع المجتمعي تبلور  من خلال القيمة الاستثنائية المشهود بها كونيا  لهذا العالم الموسوعي و بمقارباته للقضايا المصيرية المطروحة ليس على الصعيد الوطني و المغاربي فحسب بل كذلك على الصعيد العربي و العالمي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.