Ad Space

“تنغیر انفو” تنفرد بحوار مع الدکتور المصطفی بوجعبوط متخصص في قضایا العدالة الانتتقالیة ….

admin
2020-05-25T11:14:27+01:00
آخر الأخبار
admin25 مايو 2020
“تنغیر انفو” تنفرد بحوار مع الدکتور المصطفی بوجعبوط متخصص في قضایا العدالة الانتتقالیة ….
خالد حالمي - تنغير أنفو

تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب مميزة ولكن لم تنتهي من الطي النهائي

السٶال 1: عمل المغرب علی تجربة للإنصاف و المصالحة کیف تقرٶون هذه التجربة .

المصطفى بوجعبوط (*)

     دعني في البداية أن أقدم جزيل الشكر لموقعكم الالكتروني لإثارته موضوع الحوار في شأن منظومة العدالة الانتقالية، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل بالنسبة لي لهامش الحرية في مناقشة أحد المواضيع التي كانت إلى نحو قريب من الاشكاليات الحقوقية المرتبطة بالنظام السياسي المغربي.

أولا، لا يمكن أن أختزل تجربة هيأة الإنصاف والمصالحة في حوار لكون موضوع التجربة كبير ومهم، ولكن بصفحة عامة يجب أن نعي أن المغرب الدولة الوحيدة في شمال أفريقيا التي خاضت آليات العدالة الانتقالية داخل نفس النظام السياسي بخصوصياتها الخاصة ولكنها تعد ضمن  40 تجربة عالمية التي اشتهرت في معالجتها لملف الانتهاكات والنزاعات والصراعات والحروب الأهلية في تفكيك منظومة السلطوية. إلى جانب تجربة تونس بعد الربيع العربي.

ثانيا، فالتجربة المغربية استطاعت بشكل عام تفكيك السلطوية وبناء مقاربة مؤسساتية وقانونية بشكل فعال لما تضمنته توصيات هيأة الانصاف والمصالحة ضمن الوثيقة الدستورية 2011، أي الانتقال من دستور فصل السلط إلى دستور صك الحقوق والحريات، هذه تعد مداخل منظومة العدالة الانتقالية

السٶال 2 : برزت اراء بعد تجربة ادریس بنزکري أن المغرب لم یتصالح مع الماضي بل قام بطي صفحته دون قراءة سطور دروس هذا الماضي من زاویتک کأکادیمي، کیف تری هذه النظرة لاعمال اللجنة و طريقة طي صفحة الماضي؟ .

لاحظ معي، لا توجد أي تجربة نموذجية على مستوى العالم، بما فيها تجربة جنوب أفريقيا، لكل تجربة خصوصيات وتراكمات سياسية وثقافية واجتماعية، هذه الخصوصيات تتحكم في متغيرات وطنية ودولية. وعلى هذا الأساس، فإني أعتبر التجربة المغربية في قراءتها على مستوى الوطني  تُعد تجربة مميزة بغض النظر عن التحديات التي عرفتها، لأنها استطاعت الخوض في ملفات ورفعت عنها الحجر سواء في التداول أو النقاش العمومي لها.

وإذا تم تدقيق عمل الهيأة في مقاربة منظومة العدالة الانتقالية الدولية، فإن التجربة كما هو الشأن لمعظم التجارب، لم يتم معالجة جل الملفات والقضايا وفق تلك المنظومة سواء في مجال كشف الحقيقة أو معرفتها وفي مجال حفظ الذاكرة الجماعية للضحايا وللمجتمع وجبر أضرارهم، أو استخراج رفات الضحايا وفق مقاربة علمية التي تتعلق بالتحاليل الجينية لمختلف المقابر التي تم الوقوف عن وفاتها.

وحينما نتحدث عن الطي النهائي، فإننا نتحدث عن المعالجة النهائية لجميع الملفات و ليست استقصائية والنموذجية. أولا، الخوض في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان هو ورش مفتوح ليس له نهاية في مقاربة الضحايا ونهائي في مقاربة الدولة.

    فبالرغم من تتبع تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة من لدن المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلا وأن الملف لازال يراود مكانه بشكل ضعيف في الجانب الذي يتعلق بكشف الحقيقة واستخراج الرفاة وحفظ الذاكرة والتسوية الادارية والمالية والادماج الاجتماعي… إلخ.



aid

السٶال 3: هل التعویض المادي رکن اساسي للمصالحة في نظرکم حسب تجارب العدالة الانتقالية؟.

يستحسن أن يطرح السؤال بصيغة أكثر تدقيقا، هل استطاعت مقاربة جبر الضرر من تعميق المصالحة الوطنية؟ للإجابة على السؤال الذي طرحته، فإن التعويض هو ركيزة أساسية لمنظومة العدالة الانتقالية وركنها الأساسي، بالرغم من أن التعويض لن يعيد لك فرصة العمر التي ضاعت للضحايا أو استرجاع حجم الخسارة المادية والمعنوية ولكنها تبقى مقاربة لأجل معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وربطها بالآليات القانونية والمؤسساتية الأخرى لأجل عدم تكرار الانتهاكات وحفظ الذاكرة….

السٶال 4: حدثنا دکتور عن سر نجاح تجارب العدالة الانتقالية العالمیة هل الامر مرتبط بالإرادة الشعبیة ام قوة الارادة العلیا للدول؟

يجب أن نعي أن الفترة الماضية بعد سقوط جدار برلين، كانت تتسم بالديكتاتورية والسلطوية المفرطة في مجموعة من الدول خصوصا في دول أمريكا اللاتينية ودول جنوب شرق آسيا وشرق أوربا وأفريقيا، غير أن بعض هذه الدول اختارت مسار الديمقراطية ونهج خطاب حقوق الإنسان في مطلع العقد التسعينيات. فهذا الاختيار كان إلى حد كبير القطع مع الأنظمة الاستبدادية من خلال مدخل العدالة الانتقالية كنهج ارشادية للانتقال الديمقراطي وكبديل للعدالة التقليدية التي كانت ضعيفة في معظم تلك الدول بعد انهيار أنظمتها السياسية بعد الثورات أو الانقلابات أو وصول الحكومات المدنية عن طريق صناديق الاقتراع.

فلا يمكن أن نعتبر أن جل تجارب لجان الحقيقة قد نجحت، لا توجد أي تجربة يمكن أن نعتبرها نموذجية أو وصلت درجت الكمالية، لأن منظومة العدالة الانتقالية ماهي إلا بداية لمسار طويل من المأسسة، أعي أن تأسيس لجان الحقيقة ناتجة عن إرادة مكونات المجتمع المدني بالدرجة الأولى  وأحيانا إدارة الأمم المتحدة في استثبات الأمن والسلم بين الحركات التمردية، كما هو الشأن في تيمور الشرقية والسلفادور وغواتيمالا…، وتبقى الأنظمة السياسية الجديدة الناتجة عن الانتخابات أو إثر الثورات دور مهم كذلك في رسم مسار الانتقال الديمقراطية من خلال  التوافقات السياسية بين مختلف الفرقاء قصد بناء منظومة العدالة التأسيسية للجان أو الهيئات الحقيقة. فإن لم يتم التفاعل بين المنظومتين الاجتماعية والسياسية فإن فرضية الرجوع إلى الانتهاكات وعدم اقرار السلم والاستقرار سيكون مطروحا بالدرجة الأولى وسيعرقل عمل لجنة أو هيأة الحقيقة في مسار قراءة وكشف الانتهاكات السابقة.

فالفاعل السياسي له دور كما للفاعل المجتمعي كذلك، فنجاح المسار الانتقالي وإقرار تفكيك منظومة الفساد والمسؤولين عن الانتهاكات مرتبط بالتفاعلات بين الفاعلين وإرادتهم السياسية في تتبع تفعيل توصيات لجان وهيئات الحقيقة.

فقد كان للتجربة المغربية بالرغم أنها انتقلت من داخل نفس النظام دورا رياديا في تقييم ذاته، فهذه التجربة تختلف عن التجارب الدولية المقارنة، لذا لعب السلطات العليا دورا مهما في تسهيل عمل الهيأة، كما للفاعل السياسي والمدني كذلك دورا في قيادة ومواكبة عمل الهيأة، وتفعيل شتى التوصيات المتعلقة بالتشريع وإحداث المؤسسات المرتبطة بالنهوض  وحماية حقوق الإنسان. غير أنه لازالت بعض الملفات أو التوصيات لم يتم استكمالها بعد، أو التي تم تفعيلها لم تؤدي إلى نتائج متوافق عليها.

 السٶال 5: لو وضعنا تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب تحت مجهر ما نعیشه حالیا هل استفاذ المغرب من دروس الماضي في المجال الحقوقي من وجهتکم الاکادیمیة؟

     بالنسبة للجيل الجديد المرتبط بالمتغيرات التكنولوجية وفضاءات التواصل المعلوماتي العابرة للقارات، يقر البعض منهم أننا لم نستفذ من الماضي، ولكن الذي عايش بعينه فترة الماضي من “سنوات الرصاص” ويقارنها بالمنظومة التشريعية والمؤسساتية وهامش الحرية ستكون له وجهة نظر مختلفة.

هذه المقاربتين صعبة شيئا ما، حينما نقرأ انتهاك وقع ويتم إصدار حكم عام عن وضعية حقوق الإنسان، تكون بذلك مقاربات مختلفة، الفرد يتحمل قسط من المسؤولية ومن التجاوز أحيانا، كما تتحملها الدولة في بعض التجاوزات. فالدرس الحقوقي أصبح واضحا واستفاد المغرب من دروس الماضي فهو فخر للمجتمع المغربي، ولكن لا يجب أن نصاب بالغرور لأن منظومة حقوق الإنسان مرتبطة بمختلف المجالات والقطاعات العمومية والتفاعلات الاجتماعية ومتغيرات دولية. ويمكن إعادة قراءة التجربة قراءة علمية من مختلف الزوايا وبمختلف الفاعلين.

(*) مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.