كورونا ومطلب الخلاص الجماعي….
د.رشيد إخلق
بينما العالم في غفلة من أمره وفي صراع مع الزمن نحو المزيد من التسلح وغزو الفضاء والعبث في مقدرات الشعوب وخيراتها والدوس على الأخضر واليابس على وجه هذه الأرض التي هي بيت للجميع، غير آبه بالتحولات الكبرى على وجه البسيطة و منتشيا بالتقدم العلمي والتطور المتسارع والمخيف في الآن نفسه لشبح العولمة التي ألغت كل جميل في هذا الإنسان وأظهرت الوجه البشع واللا إنساني لعالم الألفية الثالثة عالم التقدم والتكنولوجيا والبحث العلمي، وفي زحمة كل هذا وخلاله باغث العالم كائن مجهري قلب الدنيا رأسا على عقب وحير العلماء وغير مجرى حياة الشعوب غير آبه بحدود أو بقوة اقتصادية أو عسكرية أو علمية أو بعرق أو بمنصب اجتماعي أو جاه أو فقر، قلب الطاولة على كبريات الدول وأنهك أعتى الأنظمة الصحية العالمية، فيروس لم يستأذن أحدا وتصدر المشهد بدون منازع.
فيروس كورونا المستجد أعاد أولويات الشعوب إلى مكانها الطبيعي وألغى الكثير من الأمور التي طالما شغلت بتفاهتها البشرية لعقود وعلَّمنا أن الحياة أبسط مما كنا نتوقع. عاد العالم وأطر الصحة والأمن وعمال النظافة ليتصدوا المشهد بعد طول غياب. عودة نتمنى أن يكون لها أثرها البليغ في زمن ما بعد الكورونا.
فيروس أظهر كذلك أنانية العالم في وقت تتعالى فيه كل الصيحات لضرورة الخلاص الجماعي الذي لا مفر منه في ظل تفشي الوباء بشكل أرعب الجميع لم يترك الوقت حتى لإعداد الخطط والبدائل حينا بحين. خلاص لكل الوطن ولا يكفي خلاص الفرد لنقول إننا انتصارنا على أضعف خلق الله، بل يتَّحِد الجميع ويتضامن الجميع ويهتم الجميع فهي سفينة مشتركة إن أوتينا من مكان فيها غرق الجميع لا قدر الله.
فيروس أحيى في الناس معادن الخير والوفاء والبذل والعطاء، كلها قيم غطاءها واقع المادة وزحمة الأحداث. أتى ليعلمنا التكافؤ الإنساني والتعاون الآدمي وسؤال البحث عن الأخلاق الكوكبية ما دمنا نقتسم نفس البيت وهي الأرض . بيت لابد أن نتعاون كي نحميه ونوليه من العناية و الإهتمام ما هو أهل به فهناك ألف واجب لا زال لم ينجز على وجه هاته الأرض، لازال هناك جوعى ومجتمعات لم تجد حظها من التعليم والصحة وأمراض لم تعالج ودماء تسيل ومظالم تقع.. إنه عالم ظهر فساده في بحره وبره من جراء سوء تدبير موارده…
كورونا على صغرها وضآلة حجمها قد ترد العالم إلى حقيقة أن الأرض بيت للجميع ومن الحمق تدمير البيت وتبديد تروثه…
المصدر : https://tinghir.info/?p=44851