عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، صدرت للدكتور سعيد كريمي دراسة نقدية لمسرحية ” وقاد النار ” من تأليف إيميلي نوثومب وترجمة محمد ماشتي ومراجعة احمد الويزي.
تحاول هذه الدراسات النقدية الوقوف عند المشروع المسرحي للمبدعة إيميلي نوثومب لقيمته الفنية والجمالية والفلسفية ، الأمر الذي حفّز الأستاذ كريمي لدراسة هذه التجربة الإبداعية المتفردة في مسرحية “وقاد” التي تقذف بالقارئ غير العادي، وسط بحر من الأسئلة المقلقة والمحيرة التي تنتظر إجابات، لوضع يدها على الكثير من بؤر التوتر والجراحات الغائرة التي تدمي جسد الإنسانية. وهي أيضا صيحة مدوية لإعادة النظر في وحشية وحيوانية الإنسان، ودعوة صريحة للمصالحة مع الأدب، وقيم الحب والجمال.
وحسب ما ورد في مقدمة المسرحية أنها ” تندرج في إطار التراجيديات المعاصرة التي تنهل من الرؤية المأساوية للواقع الذي تعيشه الإنسانية في نهاية القرن العشرين، حيث انتشرت الحروب الطائفية والعرقية، وشهد العالم بأسره، فظاعة أمة البوسنة والهرسك وهي تذبح، وشعبها يباد بطرق همجية ممنهجة. وما عانت منه الشخصيات ليس سوى غيض من فيض مما عاناه هذا الشعب الأعزل، وسط تواطؤ مكشوف للأنظمة الغربية، وصمت غير مبرر للأنظمة العربية والإسلامية.”
وتعتبر إيميلي نوثومب أبرز الأقلام الصاعدة التي طبعت المنجز الأدبي والفني المكتوب بالفرنسية في العقدين الأخيرين،وقد رأت النور في 13 أغسطس 1967 بمدينة كوبي اليابانية، وهي ابنة الدبلوماسي باتريك نوثومب، المنحدر من عائلة أرستقراطية تهوى الأدب، والسياسة،والفن.
قضت المؤلفة السنوات الخمس الأولى من طفولتها في اليابان، لتتنقل بعد ذلك بين نيويورك، وبكين، وطوكيو، وبورما، ولاوس، وبنغلادش… تبعا للالتزامات المهنية لوالدها. وفي عام 1984، عادت الكاتبة إلى بلجيكا لدراسة فقه اللغة في جامعة بروكسيل، وتعمقت أيضا في دراسة الأعمال الكاملة للفيلسوف الألماني فريديريك نيتشه، والروائي الفرنسي جورج برنانوس. وتختلف نوثومب عن زملائها الغربيين، من خلال ماضيها المتعدد الثقافات الذي يضفي على أعمالها نكهة خاصة. وبالتوازي مع دراستها، كرست نفسها لشغف الكتابة، حيث تعد من أبرز الأدباء الغربيين المعاصرين غزارة في الإنتاج والنشر، حيث ناهزت أعمالها السبعين إصدارا، دون احتساب المخطوطات الجاهزة التي هي قيد النشر.
يقول الأستاذ كريمي “ما أثارني في مؤلفة المسرحية أنها أعمالها السردية تتراوح بين نمطين من الكتابة: الرواية الخيالية، والسيرة الذاتية والمزاوجة بين الكتابة السيرذاتية والخيالية، وتؤكد على ضرورة تطعيم حياتنا بنوع الخيال الطفولي الذي انعكاسات هائلة على حياة البشر. ” .وأضاف ” أهم ما يطبع الكتابة عندها هو الاختلاف الثقافي، والتعدد الهوياتي الذي اكتسبته من احتكاكها بمختلف الثقافات والأجناس، والأديان واللغات، واقتناعها الراسخ بعدم مركزية الثقافة الغربية، والمثاقفة المتكافِئـة التي تصل حد التناسخ الثقافي ومنجزها الإبداعي يعد بحق جسرا بين الشرق والغرب، وتثمينا، ورسملة للثقافة الشرقية بمختلف ضروبها الأنتربولوجية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ. إلا أن هناك من يتذكر هذه المرحلة، ومن ينساها.”
في مسرحية ” وقاد النار ” السؤال المركزي الذي ظل يحاصر الشخصيات: هل يمكنها أن تعيش بالأدب، أم أنها ملزمة بحرق الأدب لكي تعيش؟ فالكتابة عند المؤلفة كطقوس ممارسة اليوغا التي تشبعت بها إبان تواجدها بالصين واليابان، ومن أهم وظائف الكتابة بالنسبة إليها، تشخيص الواقع لابتكار الحلول القمينة بمعالجة وضعياته المعقدة ومعضلاته.
الدكتور سعيد كريمي، أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، ورئيس فرع لاتحاد كتاب المغرب بالرشيدية ، ناقد ومترجم وفاعل جمعوي وثقافي وفني مرموق بالمنطقة والوطن والعالم العربي ككل بالتوفيق له في كل اعماله الفنية والسردية.
المصدر : https://tinghir.info/?p=41551