بالرغم من كون المؤسسات العمومية والرسمية المغربية بجميع مَرافِقها، اشتغلت يوم الثلاثاء عبر مناطق المغرب في سير عاد لأجْواء العمل، ارتأى حميد شباط رفقة نواب الفريق الاستقلالي التعادلي، التوجه نحو أجدير قصد الاحتفال بالسَّنة الأمازيغية.
وتوعد الأمين العام لحزب الاستقلال، ومن معه، بخوض إضراب عام، من أجل ترسيخ جعل السنة الأمازيغية عيدا وطنيا لجميع المغاربة، واستفادة الموظفين والمستخدمين خلاله من يوم عطلة إدارية، مثل باقي العطل.
وإذا كانت الأعياد الوطنية المغربية المُعتمدة، والتي يتم خلالها اعتماد عطل رسمية، يبلغ عددها 12 عيدا، بين الدينية والوطنية، إلى جانب الأيام الوطنية، ومنها 10 أكتوبر كيوم وطني للمرأة سنة 2003 ، فإن آخرها كان 13 مارس للاحتفال بالمجتمع المدني، وذلك بتعليمات من الملك لرئيس الحكومة.
الاحتفال بالسنة الأمازيغية.. مطلب مُلِح
عبد الرحيم العلام، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، يرى أن القضية الأمازيغية هي قضية كل المغاربة، ولا يمكن أن يحتكرها أي طرف، كما لا يمكن أن يقصى من أي توجه، وهذا ما ينطبق على شباط وغيره.
وأكد الباحث، في تصريح لهسبريس، أن مسألة إخراج القانون الأساسي للأمازيغية، ومِنح عطلة سنوية بمناسبة فاتح السنة الأمازيغية، هي من الأمور المُلحة في مغرب اليوم، خاصة مع ترسيم اللغة الأمازيغية دستوريا.
وأفاد المتحدث أن بعض التصرفات السياسية قد تدخل في إطار المزايدات، سيَّما إذا جاءت من بعض الأعداء التاريخيين للمَطالب الأمازيغية، والذين شاركوا في السلطة منذ عقود، فهؤلاء من الوارد أن يضفوا طابعا كاريكاتوريا على المشهد”، وفق تعبيره.
وأوضح العلام، أن شباط إن رغب فعلا في تشريع قانون بموجبه يتم اعتبار فاتح السنة الأمازيغية يوما وطنيا، فكان عليه أن يسلك المساطر المتبعة في العمل السياسي، من قبيل الدعوة إلى مُناظرة وطنية، والتنسيق مع المعارضة في البرلمان، من أجل التقدم بمقترح قانون في الموضوع. ”
هكذا تُقرر الأعياد الوطنية
وبخصوص الجهة المخول لها إقرار عطلة رأس السنة الأمازيغية، فيوضح الباحث أنه غالبا ما كانت المؤسسة الملكية عبر توافقات شعبية مع أحزاب الحركة الوطنية، تدعو إلى اعتبار يوم مناسبة وطنية، الأمر الذي يأخذ مجاله للتنفيذ من خلال مشورات وزارة الوظيفة العمومية أو وزارة الأوقاف.
وأردف العلام أن الدستور الجديد يعطي الحكومة عدة صلاحيات، متسائلا إن كان من ضِمنها تشريع يوم وطني لأمازيغية، موضحا أن هناك طرحيْن للإجابة عن هذا السؤال، فإما أن تقترح الحكومة مشروعا على البرلمان يتم التصويت عليه، وإما يقترح البرلمان قانون يلزم الحكومة.
“هناك طرح آخر يتوجه نحو المؤسسة الملكية، فالملك هو الذي يسهر على الدستور، وهو أمير المؤمنين، وهو الذي يحافظ على وحدة الدولة، وبالتالي فهو الذي يمكنه أن يتخذ بعض القرارات التي تصب في صالح ما هو “هُوياتي”، يقول الباحث في القانون الدستوري.
وتابع بأنه “في هذا الإطار يأتي تشريع يوم وطني، يمكن للملك أن يصرح في خطاب أمام الشعب، يقر فيها فاتح السنة الأمازيغية يوما وطنيا، ويمكنه أن يناقش ذلك في المجلس الوزاري، ويعطي توجيها للحكومة من أجل إقرار عطلة بمناسبة هذه المناسبة”.
وأفاد العلام أن الحكومة ستصدر مرسوما في هذا الإطار، دون العودة إلى البرلمان، على أساس أن الحكومة مسؤولة عن السلطة التنظيمية التي تكفل لها تقليص مدة العطل، أو إحداث عطل جديدة أو إلغاء عطل قائمة.
“لكن هذا إذا كان ينطبق على العطل غير الدينية وغير الهوياتية، فإنه يصعب تنزيله على هذه الأخيرة، سيما بوجود بنكيران الذي يعتمد سياسة تفويت المواضيع ذات الطابع القومي والديني للملك” يؤكد العلام.
وخلص العلام إلى أن مسألة إخراج القانون الأساسي للأمازيغية وإحداث عطلة سنوية، هو ” شأن ملكي صرف يستقي مرجعيته من الدستور والمشروعية التاريخية، والأعراف الجاري به العمل في ظل الوضع القائم حاليا”..
وذهب المتحدث إلى أن إحداث عطلة بمناسبة رأس السنة الأمازيغية، قضية يتداخل فيها ما هو سياسي ودستوري قانوني، “فإذا كنّا نُعطّل أعمالنا بمناسبة فاتح السنتين الميلادية والهجرية، فمن باب أولى أن نأخذ عطلة احتفاء بالسنة الأمازيغية الجديدة، مادامت الأمازيغية جزءا أصيلا من الهوية المغربية”.
حملة انتخابية
خالد شيات، الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة، اعتبر أن دعوة شباط للاحتِفال بالسنة الأمازيغية في أجدير، دعوة “خارجة عن النَّسق”، باعتبار أن المغرب لم يُقرر أي عطلة للاحتفال بالسنة الأمازيغية”.
ووصف شيات ما جرى بأنه حملة انتخابية “غير سابقة لأوانها”، لاستِمالة بعض الأصوات الأمازيغية مثلا، أو المتعاطفة أو الداعية لهذا الطرح”، معتبرا أن القرار جاء خارج النسق السياسي للمغرب، مؤكدا على ضرورة انضباط الجميع للقرارات العامة المتوافق عليها وطنيا.
ووصف المتحدث، في تصريح لهسبريس، ذات الخطاب بـ ” الخطير بالمغرب” على اعتبار أنه بالقدر الذي يُعطي فيه بعض النتائج السياسية الإيجابية في المستوى الآني قد يُهدد الاستقرار العام على المستوى المتوسط والبعيد.
“على السياسي أن تكون له حسابات جيدة مستقبلا، خصوصا أن مثل هذه الطروحات مرتبطة بالأمازيغية وبالهوية المغربية، وهي مواضيع يُمكن لها أن تهدِّد استقرار المنتظم السياسي بالمغرب، ويلعب عليها السياسيون دون وَضع هذه الاعتبارات” يورد شيات.
وأفاد المحلل أن “أيام المغاربة الوطنية وأعيادهم معروفة، ومتى ما جاءت هذه القرارات فهي تكون على الأقل بتعليمات من القصر الملكي، وعلى الداعين إليها التأكد من توافُقها مع التوجهات الاجتماعية لدى جميع المغاربة، حتى لا نَقع في نوع من التَّنفير أو الفُرقة”.
واسترسل بالقول ” إن المغاربة جميعا يُريدون الاحتفال بالسنة الأمازيغية عَربا وأمازيغا، ولكن الفكرة يجب أن تطرح للنقاش، بعيدا عن الاستعمالات السياسية أو المؤقتة لهذه المناسبات” وفق تعبيره.
عن هسبريس – ماجدة أيت لكتاوي
المصدر : https://tinghir.info/?p=4119