في مثل هذه المُناسبات الاحتفائية الخاصّة بالهُوية الأمازيغية، غالبا ما تنشر أفكار عرْجَاء ينفث سُمومَها أهل الجماجم المعتلة والكراسي المُهترئة، الذين لا يفقهون حديثا في عالم الأمازيغية الهُويّاتي، ومع ذلك يطيلون ألسنتهم الحربائية، طمعا في شهرة يصيبُونها أو استجابة لمكبوتات معرفية تهزهم هزا فلا يستطعُون لها دفعا، وهم في ذلك كمن يلبس ثوبا ظاهره هندام وقبله غرْبال مكشُوف مفضُوح !!
لذلك وجب علينا كفرض عين أن ننبّه بأدب جم هؤلاء وأضرابهم أن الاحتفال برأس السّنة الأمازيغية 2970 ليس مُناسبة روتينية للعب “أحدُوس” أو مُغازلة “الزّي الأمازيغي الأنثوي الأخاذ” أو التباهي بالنصرة الكيدية للجمال الأمازيغي في تجلياته كلها، وإنما هي مناسبة تاريخية للإقرار بالحق المغتصب والواجب المطلوب تحقيقه، من أجل انصَاف الانسان الأمازيغي في تراثه، فليس قمينا بهؤلاء المتحذلقين على هوامش الندوات والأمسيات أن يتكلمُوا بلسان الأمازيغي الحرّ ولا كناية عنه، فمثل هذه المناسبات تتجاوز أقدارهم الوضيعة التي يملؤها الكبت وحميّة القرم باشتهاء بهيمي لا يتصور. فكل من يواكب مسار هذه العينات لا يظفر في الأخير إلا بوابل من المصْلحية والزبونية وأشياء أخرى نترفع عن ذكرها احتراما للقارئ.(أفُولُوسْ نْكْرْ ْتْكمَا ؤُرِيري مَاِني).
الهُوية الأمازيغية بشكل عام تأبى قبول هذه الفعال الدخيلة، حتى ولو صدرت من بعض أهلها؛ الناطقين بالأمازيغية أو المكتويين بنار تهميشها وتبعات ذلك، فمثل هؤلاء أيضا صنف ثان، قد يسيئون أكثر مما يحسنون. فليس الاحتفال بالحدث كامِنا في البهرجة والامْساك بالمكروفونات وتهييج مشاعر المتلقي والتفوه بالتفاهات والأكاذيب نحو الثقافة الأمازيغية، في حين ان غالبيتهم – لحفظ ماء الوجه لم نقل جلهم على الاطلاق- لا يستطيعون تأليف مقالة علمية محكمة، يدافعون فيها عن أحقية الأمازيغية في العيش دون مُضايقات “عروبية ” “داعشية”، واذا فتشت في زادهم العِلمي خاب ظنك فيهم ، ولن تعثر الا على نزر قليل من حُروف مرتبة وجمل محفوظة يلوكونها في كل المواعيد بلا خجل.
اقرار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة اسوة بالسنة الميلادية، تحصيل حاصل، وأمر لا يستحق كل هذه المُمانعة المريضة، وقد نتفهم مُماطلة الدولة في مثل هذه الأمور سِياسيا لحسابات آنية ومستقبلية، وأيضا عداء البعض من المتعرّبين الذين يرون الذود عن اللغة العربية مثلا خلاصًا لهم من جهنم وصًكوك غفران مدفوع الأجر نحو الجنة مباشرة، لكن الأدهى منهما معا، أن نفتح الباب لصِناعة التفاهة الأمازيغية وتكريس معياريتها للأجيال القادمة. وندعّم الناشئة على الفهم الخاطِئ تجاه مثل هذه المناسبات، فمثل هذا اليوم ، يقتضي من الأحرار أنّى كانوا الوقوف أمام زحف التفاهة و “البْسَلالة الثقافية” ، وليَسْعوا جُهدهم إلى تنوير المَسار بأطرُوحات فكرية رادعة، تعصِف برواسب الفكر الدخيل؛ فكرٌ لا يرى الأمازيغية إلا حفل واحتفال ووشم ونساء، ولواعج أخرى تتخيل له من تلقاء مكبُوتاته الدفينة.
إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، لهو احتفاء بالأرض والخصْب والعطاء، بعيدا عن الاحتفالات الأخرى المعهُودة ذات الطابع الديني، تلكم التي تحنط تحرير الانسان وتقيد افق علاقته بالطبيعة ، لذلك فالعناية به واجبة والفرح فيه أوجبُ. وقد يحق لنا الجزم من خلال هذا المُعطى أن من يُعادي هذا الاحتفال (أمثال بعض دجالي العصر الاسْلامي/ الجاهلي)، إنما يُعادي كينونته ووجوده ، فالأرض جزء منا، ومصائرنا اليها عالقة وعائدة لا محالة ، فكيف لشخص عاقل أن يُعادي بعضه وهو فيه كائن، أو كيف له أن يكون في افراده متعددا لا حصر له!!، فافرح بإقبال الحياة و لا تكن إمعة في كل حي تزمّر. اسْكاس نلمَان دْ لهنا دْ تايْري إغُودِان اكُولْ إيمَازيغن ومْدْن ن أمَطال كُلشِي.
………….
(محمد بوطاهر- 12 يناير 2020/ ناير2970)
المصدر : https://tinghir.info/?p=40358