كلنا نعلم أن الأحزاب السياسية بمدينة تنغير وكغيرها من المناطق المغربية تستعد من الآن لاستقبال المحفل الانتخابي الذي سيعقد سنة 2021م، ولا يعجز المتتبع للشأن السياسي المحلي أن يرصد تحركات هذه الأحزاب إن على مستوى خطاباتها أو إعادة هيكلة فروعها وهيئاتها وتأسيس مكاتبها التواصلية واستضافة قياداتها الحزبية، وكذلك تأجيج الصراعات الدونكيشوطية على المواقع الفايسبوكية .. وذلك في إطار السباقات السياسية وتفعيل استراتيجيات تنميط وتحنيط وعي القواعد الشعبية، فالأحزاب السياسية تُخرج من الآن أسودها من عرينها، وتتنمر نمورها مستجدية أصوات الشعب..
في هذا السياق سنحاول تسليط الضوء على أشياء ثلاثة، يحرم في الغالب التحدث عنها كلما اقتربت أي استحقاقات انتخابية بمدينة تنغير، باعتبارها – في نظري على الأقل – أهم المعوقات التي تقف أمام برامج التنمية المستدامة، بل هي أساس البلوكاج التنموي الذي تعرفه المنطقة.
ولعلنا باستصحاب الواقع الموضوعي للمحافل الانتخابية السابقة، يمكننا القول إن مجموع عناصرها تؤشر بقوة أن المال/الريع السياسي، والخطاب المؤدلج ديني/يسار ي/ليبرالي/أمازيغي…، وأيضا العزف على وتر الإثنيات أو العصبية القبلية والانتماء العرقي هي أهم الوسائل والأسس التي يقوم عليها اسعطاف واسقطاب واستمالة الأصوات الناخبة، وأرى أن هذه الأخيرة هي الركيزة الأساس التي تقوم عليها الوسائل الأخرى بل تدور عليها العملية السياسية بكاملها بالمنطقة، وفى ضوء معالجة هذا النسق السياسي القبلي، نرى أن القبائل عندنا غالبا ما تخضع لمعايير موروثة لاختيار المرشح ودعمه والإجماع عليه، والإجبار القبلي للتصويت لصالحه، وتكشف النتائج في الأخير أن القبيلة يمكن أن تتفق على مرشح ما قبل الدخول فى الانتخابات بغض النظر عن مسألة الكفاءة ومستوى الوعي الذي يلزم تحققه في المرشح، وهو الأمر الذي يعزز منطق الانتهازية والبراغماتية في اختيار اليافطة الحزبية التي سيترشح باسمها، وكذلك في التعامل مع القضايا ذات المصلحة العامة.
هذه الوسائل والأسس نرى أن لها دورا كبيرا في أي عملية انتخابية بمدينة تنغير، وهي بدورها أهم المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام إرساء البرامج الانتخابية وما يتفرع عنها بعد التموقع في تدبير الشأن المحلي من تنزيل المخططات الجماعية، أو البرامج التوافقية… إلخ، فلاشك أن هذه الأسس الثلاثة المال/الأيديولوجيا/العصبية القبلية هي التي تُفَرْمِل التنمية وتعمل على تبطيء وتيرة التحول نحو الإقلاع التنموي، وتحقيق القدر الأدنى من انتظارات المصوتين.
وكنتيجة أولية لما سبق نقول إن المصير السياسي لمدينة تنغير مازال محكوما بسلطة المال والجاه، والتسيير الأدواتي المقنع بالأيديوجيا، والارتباط اللاعقلاني بالانتماء القبلي، مما يؤثر سلبا على السلوك السياسي عامة، ويزيد من تعميق الأزمة التنموية خاصة، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول جدوائية الخطابات السياسية وفعالية آليات الضبط القانونية في مواجهة انحرافات السلوك السياسي والانتخابي لأطراف اللعبة …
(يتبع)
المصدر : https://tinghir.info/?p=36173