القصور التقليدية بجهة درعة تافيلالت لها أشكال عمرانية متفردة ميزتها عن باقي أشكال العمران المغربي ،كما ميزت ساكنتها أيضا على مر الدهور والأعوام ، ألعاب أطفالها بسيطة من مشغولات يدوية أو من صنع جريد النخيل ،او من” علف ” التمر او اشكال اخرى انقرضت او في طريق الانقراض ولم تعد الا ذكرى حربية بين التذكر والنسيان .
الطريق نحو المدارس تحسنت كثيرا والمدرسون بدورهم تغيروا ، والمواقف بدورها تغيرت ، والعطاء بين الحسن والأحسن، والتقييم والتقويم تبدلا وكل الأشياء تحولت، وذاك أمر طبيعي رغم الحنين الذي يشد المنحدرين من تلك القصور للماضي في كل المواقف التي غيرتها طبيعة الأحوال.
العطل المدرسية بالواحات وبالقصور القديمة تمر كما تطير العصافير، وكما يمر شذى ألحان الطفولة يقضيها أطفال المدرسة أسفل الأسوار العالية تحت أشعة الشمس صباحا ،وباللعب مساء بكرة بلاستيكية، او مصنوعة من القش في جو حميمي تنافسي او في مساعدة الأب ،او الاخ الاكبر في حفر ” لَمْصَارْف ” ممر الماء ،او تقليم ” النخيل ” او جمع ” المغصوب ” الجريد اليابس للنخيل من اجل التدفئة، او في نقل روث الدواب ،او روث الانسان نفسه ،على ظهور الحمير بعد امتلاء ” المِيحاط ” الطواليط حاليا” او” شيخ الدار ” وطريقة إخراج روثه وافراغه يصعب شرحها للذين لم يسكنوا القصور القديمة، وقد تُقضى العطلة بكاملها في الحفر او في ” حش الفصة ” او بيع بعض منتوج الواحة حسب الفصول.
المحفظة مغلقة او معلقة او بين المتاع البسيط ،وقد يعيش بين جنباتها الفأر اللعين او بعض الخنافس الكبيرة الحجم والحُبلى والتي لا تظهر الا في فصل الشتاء، وفي تصريح للفلاح” طاسيل ” من ساكنة قصور مزكيدة بالريصاني حول عطل ابنائه قال ” الأبناء هم سواعد الاباء في قصورنا ننتظر عطلهم من اجل مساعدتنا حتى تقترب الدراسة ،وقد تعودنا ذلك ، رغم انها فترة الراحة اللهم العمل في الحقل معنا وبجانبنا أو تعلم اشياء مضرة ” وفي نفس السياق قال الفلاح “العمراوي سعيد ” من ساكنة سيدي بوبكر بقصور مزكيدة ” نحن نتعاون في الواحة سواء في العطلة او في غير العطلة ،ويجب ان نعلم الابناء الاعتماد على انفسهم وتعويدهم على العمل، فاذا حصلوا على مستقبل فذاك جيد وان لم يحصلوا عليه فانهم تعودوا على العمل والاعتماد على النفس بدل السرقة او اشياء اخرى “.
العطلة في القصور التقليدية تمر مر البرق وهي جميلة ايضا وذات نكهة عجيبة حيث يأتي اطفال المدن البعيدة لزيارة اجدادهم او اعمامهم او عماتهم أو خالاتهم …ولهم رغبة كبيرة في تمرير رسائل ” التقوليب ” والشطارة التي تعلموها في مدنهم ، ويتلفظون بكلام غريب يخدش الحياء، فنمقتهم و”نتغامز” عليهم ومن خلفهم لكن لا نتشاجر معهم لأنهم من منا ومن جلدتنا بل نتبادل الخبرات ونغنى التجارب بالتلاحق، وذاك نمط عيش وتنشئة اجتماعية متفردة ،اما العطل في المدن فتلك قصة اخرى حيث يستعمر الاطفال البيوت والاباء والامهات في العمل ويقضون وقتا طويلا في الشوارع ،حتى وقت متأخر من النهار والليل وقد يأكلون او لا يأكلون وذاك قد لا يهم كثيرا وتنفلت العديد من الامور التربوية من الاسر لان معظمهم يفكر في بناء المشاريع الذاتية وتنميتها بدل التفكير بجد في اتمام بناء الاطفال في العطل.
المصدر : https://tinghir.info/?p=32703