جلسة صاخبة عاشتها المحكمة الابتدائية بفاس بعد زوال أول أمس الثلاثاء، في أول جلسة من محاكمة ابن القاضي المتقاعد، القابع بسجن عين قادوس، على خلفية اتهامه من قبل قاضي التحقيق من أجل «جنحتي دفن وإخفاء جثة عشيقته المغربية، الحاملة للجنسية الفرنسية، بالحديقة الخلفية لمنزل عائلته بحي واد فاس، وعدم تقديمه المساعدة لها وهي في حالة خطر»، وذلك بعد إعادة تكييف التهمة التي وجهها له الوكيل العام للملك بالاشتباه في ارتكابه لجناية القتل العمد، وإخفاء معالم الجريمة، حيث تحولت قضية الطالب بالمعهد العالي للهندسة التطبيقية من جناية إلى جنحة، وأحيل ملفه على المحكمة الابتدائية.
وقدم الشاب المعتقل، بعد مرور سبعة أشهر من اعتقاله، في أول ظهور علني له في جلسة محاكمته، للقاضي عز الدين حجار روايته لطريقة دفنه لعشيقته، حيث كشف خلال استنطاقه من قبل المحكمة أنه تعرف على الضحية من أصل مغربي، والحاملة للجنسية الفرنسية التي تكبره بـ11سنة عبر “الفيسبوك”، حيث توطدت علاقتهما على «الشات»، وأبديا إعجابهما ببعضهما البعض، ما دفعها إلى زيارة مدينة فاس منتصف ماي الماضي، فنزلت بفندق قريب من الحي الذي يقطن به المتهم، واتفقا على السهر سويا بفيلا عائلته، بعد أن تأكد من غياب أهله، إلا أنه عند اختلائه بعشيقته، فوجئ بتعرضها لتدهور صحي عقب شعورها بألم بالرأس وبالغثيان، ما دفعه إلى إقناعها بالعودة إلى الفندق، غير أن أهله باغتوهما بعودتهم إلى البيت مبكرا، فأُجبر على الاحتفاظ بعشيقته بغرفة نومه، على أساس أن تتسلل باكرا من البيت وتعود إلى الفندق.
ظن الشاب أن عشيقته تعاني من آلام بالمعدة، فحاول التخفيف من آلامها عبر تزويدها بدواء مضاد للتقيؤ، وأقراص لمعالجة التهاب المعدة، ثم خلدا للنوم، “قبل أن أستيقظ” يقول الشاب المعتقل في روايته أمام المحكمة، “على أنين الشابة مع الساعات الأولى من الفجر، حيث بدا عليها العياء وعدم قدرتها على المشي”، ما صعب عملية انسلالها من الفيلا والعودة إلى الفندق قبل أن يفتضح أمرهما أمام عائلة الشاب، الذي أرغم على ترك عشيقته ممدودة على فراشه بغرفته، التي أغلقها بإحكام، واتجه إلى المعهد الذي يتابع به دراسته لحضور حصته الصباحية. وفي المساء، عاد إلى البيت، فوجد الحالة الصحية لعشيقته قد ازدادت سوءا، فحار في أمرها، ولم يقو على إخبار عائلته بوجودها بغرفته.
وأردف الشاب، وهو يقف بقفص الاتهام، والكلمات تخرج من فمه بصعوبة، أنه بعد أن أُجبر على إبقاء عشيقته لليلة ثانية بغرفته وهي في حالة صحية جد متدهورة، اكتفى بمساعدتها على شرب دواء للمعدة جلبه معه من الصيدلية، ظنا منه أنها أصيبت بالتهاب حاد بمعدتها نتيجة الأطعمة التي جلبها من خارج البيت، وظل بجوارها إلى أن غفت عيونها وغطت في نوم عميق، ثم نام هو بعدها.
وفي الصباح مباشرة، وبعد استيقاظه، حاول أن يطمئن على حالتها، لكنه وجدها جثة هامدة. هنا تدخل القاضي ووجه للشاب المتهم سؤالا، “ماذا فعلت بالجثة؟” سكت الشاب قليلا وأجاب “أصبت حينها بارتباك كبير، أبقيت الجثة بغرفتي، ثم غادرت إلى الدراسة، وعند انتهائي من الحصة المسائية، عدت إلى البيت، وقررت التخلص من الجثة بدفنها بالحديقة الخلفية لـ»الفيلا»، حيث انتظرت حلول الظلام، وحفرت حفرة، ودفنتها فيها بعد أن جردتها من ثيابها، حتى لا تطفو ملابسها فوق التراب، لأن الحفرة لم تكن عميقة بما يكفي لإخفاء الجثة جيدا”، يقول الشاب وهو يروي قصته مع جثة عشيقته أمام المحكمة.
ونفى الشاب ممارسته الجنس على عشيقته، وهو ما أكدته الخبرتان المنجزتان من طرف المختبر الوطني للشرطة العلمية بالدار البيضاء، حيث أظهرت العينات المأخوذة من جثة الضحية عدم وجود السائل المنوي بفرجها أو دبرها وكذا تبانها، فيما اتهم والد الشابة المقيم بفرنسا عشيقها المعتقل باحتجازها بغرفته، وعدم تقديم مساعدة لها، وتركها تحتضر أمام أعينه، خصوصا أنها تعاني من داء السكري، ومن ارتفاع ضغط دمها، مشددا في تصريحاته أمام المحققين على أنه لم يكن يعلم بسفر ابنته من فرنسا إلى فاس.
من جهته، أجهش أب الشاب بالبكاء و هو يرافع عن ابنه المعتقل، ويلتمس من المحكمة الحكم ببراءته من المنسوب إليه، مؤكدا أنه كان قاضيا قبل أن يمتهن مهنة المحاماة بعد تقاعده، وطلب من القاضي أن يرحم ابنه من السجن.
المصدر : https://tinghir.info/?p=3251