و اليوم،وقد هممت بنشر هذه المقالة حول قارورة الماء المعدني التي رأيتها في مجلس الجهة وقد كادت تمر عليها دورة كاملة وتدخل عليها دورة جديدة،داهمتنا أخبار سيئة من المجلس الموقر لجهة درعة تافيلالت في دورته الأخيرة 02 أكتوبر 2017،تقول أن تلك القارورة من الماء المعدني الصافي التي كانت ترصع كل الطاولات أكثر من الميكروفونات قد أصبحت من الحجم الكبير كبر الدلاء والبراميل والعيون والشلالات والفياضانات،ولكنها اليوم مملوءة بمياه عكرة غير صافية وقد سقطت المسكينة أو أسقطوها فوق الطاولات،وتدفق ماؤها الأجاج فبلل ستائرها وكاد وحله الرجراج يفسد هواتفها المحمولة ويطلي ملفاتها المنشورة،فاندلع هرج ومرج في المجلس لم يخمد صخبه وضجره إلا بتطاير المياه والأوحال زمزم وعاشوراء بين الأعضاء والعضوات؟؟.سقطت الميزانية الخاصة بالتسيير والتجهيز والشراكات في مجلس الجهة وتقدر بحوالي 52 مليار لسنة 2018،منها 48 مليار للتجهيز والمشاريع،فغضب الغاضبون وانتشى المنتشون،لتذهب مصالح الجهة إلى الجحيم ويتعطل قطار تنميتها المتعثر فداء الخصومة السياسية الشرسة بين الأغلبية والمعارضة وكليهما في ورطة حقيقية؟؟.
سقطت الأغلبية جراء الحسابات الضيقة و الأنانيات الاعتبارية المزعومة والانسجام المشروط،ولا ندري هل تصويت بعض أعضائها مع المعارضة سيعيد لهم بعض ما يدعون وإليه يطمحون،وما دخل الساكنة في تلك الصراعات،أليس الأمر مجرد قصر في النظر وتقصير في المسؤولية أو قد يكون ورائه من الكيد والتحكم المغلف ما ورائه؟؟،وقبلها سقطت المعارضة في مفهومها الجديد والآسن للمعارضة،والمتمثل في المعارضة من أجل المعارضة ومن أجل الأشخاص رغم مشروعيتهم الشعبية وسلطتهم القانونية،ولم تخجل هذه المعارضة المفلسة من التصويت بالموافقة على المشاريع والشراكات المزمع إنجازها والتصويت بالمعارضة على ميزانية أجرأتها،وهذا تناقض صارخ وإن كان ذلك من المعروف على مثل هذه المعارضة ومن مهامها(طلع تاكل الكرموس ..اهبط شكون قالها لك)؟؟،وتبقى ميزانية الجهة الضخمة ومشاريعها العامة رغم كل شيء فلم يسبق للتاريخ التنموي بالجهة أن عرف مثيلا مشرفا لها؟؟.سقطت الجهوية الموسعة وما كان يؤمل فيها من تحريك مسلسل التنمية وسياسة القرب والنخب المحلية في الجهات،لما أصبح يعرقل هذه الجهات أو على الأصح بعض الجهات بعينها وخاصة تلك التي يسيرها حزب لا زال التشويش والتحكم ومعاقبة المصوتين عليه له بالمرصاد؟؟.سقطت الخرافة الحزبية كوسيط تقليدي بين الدولة والشعب،هذا الوسيط الذي طالما نجح في معارك تعبئة الشعب لخدمة الدولة وسياساتها التقشفية وأصبح اليوم يفشل فشلا ذريعا في معارك حمل الدولة على خدمة الشعب وضمان الحقوق؟؟.
سقطت البدائل الأخرى وعلى رأسها البدائل المدنية،فلم تتحرك النخب والهيئات المدنية المعتبرة لتعبئة الساكنة للدفاع عن مصالحها وما ورد في الميزانية المسقطة من مشاريع تنموية حقيقية و غير مسبوقة بالجهة،ونظرا لطابعها الاجتماعي بالأساس فقد لا يرى فيها البعض غير كسب انتخابي محسوم قبل الأوان،طرقات قروية لفك العزلة ب 24 مليار ودعم النقل المدرسي ب 100 حافلة،وتعميم المنحة الجامعية على أزيد من 1200 طالب وطالبة،و مليار لدعم الصحة وبناء المداري،ومليار و 600 مليون لدعم 180 جمعية ثقافية ورياضية تستثمر في بناء الإنسان،و 2 مليار لدعم تزويد السكان القرويين بالماء الصالح للشرب في الجهة حتى لا يبقى حكرا على السادة أعضاء المجلس وقاروراتهم ورضاعاتهم؟؟.ويمكن الاطلاع على تفاصيل الميزانية المسقطة على الرابط: https://draanews.ma/?p=3881
وأخيرا،أرجو أن يكون هذا مجرد تعثر،وأن أمر هذا العطب سيتم إصلاحه في دورة استثنائية ولاشك أو تدخل مصالح عليا تحرص على سمعة البلاد ومصالح العباد،ولكن من أجل تفادي تكرار ما وقع و حفاظ المجلس على مكتسب استقلالية رأيه و قراره،أرجو كفاعل مدني أن يعاد النظر في توفير بعض لوازم السير العادي و الطبيعي للمجلس وعلى رأسها بالإضافة إلى ما سبق ذكره في عرض المقالة،أهمس في أذن الجميع أن ركزوا حفظكم الله ورعاكم على الإنجاز والتراكم،على العدالة المجالية والإنصاف،على الانفتاح والتشارك المحلي والوطني قبل الدولي؟؟،دعوا عنكم حكاية استفراد الرئاسة بالتسيير والتدبير فهي فرية لا يصدقها أحد،وكيف نصدق أنه وفي الألفية الثالثة لا زال هناك من يعتقد أن الجهة بقدها وقديدها مزرعة له وإرث خاص ويمكن أن يستفرد فيه بكل شيء وأنى له القدرة على ذلك؟؟،ثم أين هو هذا الاستفراد وأنتم أعضاء في اللجن الوظيفية وتحضرونها ولا يقرر ولا يبرمج في الدورات إلا ما قررته اللجن بالأغلبية وبالإجماع،اللهم إذا كنتم لا تحضرون وهذه مسؤوليتكم وإشكال آخر ينبغي أن تحاسبوا عليه أنتم بدل أن تحاسبوا عليه غيركم من الحاضرين؟؟،وأين هو هذا الاستفراد وكل الدورات العادية والاستثنائية تنعقد بشكل قانوني على قدم وساق،وما شهدنا فيها غير الحرص الشديد على حق الجميع في الإدلاء برأيه والتصويت على القرارات كما يشاء،حتى صوت بعض أعضاء الأغلبية مع المعارضة وأسقطوا ميزانية الجهة لسنة 2018 بقدر 52 مليار، و لا ندري لو ترك هؤلاء لعبقريتهم هل يستطيعون الحصول ولو على عشر معشارها؟؟،دعوا عنكم الحمق السياسوي وافتحوا أبواب مجلسكم ونوافذ تواصلكم بينكم أكثر ومع الفاعلين المدنيين فهي لازالت موصدة،ليس هناك إلى حد الآن أي فضاء ولا إطار للتواصل والنقاش السياسي والتنموي لا قبل الدورات ولا بعدها؟؟،أين هو مخططكم التنموي وما هي رؤيتكم إلى هذه الجهة الفتية؟؟،أين هي مراكز البحث والدراسات في الشأن التنموي المحلي والجهوي،وماذا تدرون عن مخططات ورؤى الساكنة ومجهودات الآخرين؟؟،ولماذا انطلقت السفينة بدون هذا التعاون والتعبئة رغم ما أوجبه الدستور من حق التعاون والتشارك في السياسات العمومية تشخيصا وضعا مواكبة وتنفيذا تقييما وتطويرا؟؟،هل بعد كل هذا تعتقدون بأن السياسي والإداري وحدهما من ينبغي أن يستأثرا ويستمرا في تدبير الشأن العمومي لا لشيء إلا لأنهما قد مكنا من سلطة الإمكانيات المادية الهائلة،ليبقى غيره من المدنيين في مواجهة المشاكل الحقيقية والضخمة واليومية والمستفحلة للمواطنين ودون إمكانيات إلا ما تسولوه من هنا وهناك؟؟.
استثمروا في التكوين وفي تقوية القدرات مختلف القدرات لكل أبناء وهيئات الجهة؟؟،زاوجوا بين الرهان والقدرة على التشارك والرهان والقدرة على الترافع في مجلسكم،فهناك من يقول أن مجلسكم مجرد جمعية ولازال يشتغل بمنطق جمعيات وديان وسهول جديدة،وقد يكون جزء من هذا حقيقة لما في المجلس من الطاقات الجمعوية أولا، ثم لأن هذا الجانب الترافعي الأخير لازال متواضعا في مجلسكم رغم ما يحققه من مصلحة أكيدة للجهة قد لا تطالها مصلحة؟؟،…وجميل ما دأبتم عليه من الإعداد والعمل المسبق في اللجن لو تستطيعون دائما توفير نصابها وحضور أعضائها،لا تضيعوا أوقاتكم ولا تفسدوا علاقاتكم وأنتم في نفس السفينة الجهوية نجاحها أو إخفاقها لا قدر الله يحسب عليكم جميعا أغلبية ومعارضة،لا تتركوا أحدا يتفرد باستمرار سيرها في الصحاري السفسطائية ولا فوق الرمال السجالية الفارغة وهي ككل السفن في العالم تشرئب إلى السير في البحار وفوق المياه الإقليمية والجهوية،الجهة كما تعلمون في حاجة إلى كل شيء،والعبرة بما ينجز على أرض الواقع،وأينما زرعتم اليوم درهما سينبت إن شاء الله بمزيد من الحكمة والحكامة والرعاية دينارات ودولارات وطاقات وإنجازات تكون بلسما للجميع، ومرة أخرى تحية للعديد من الشرفاء الذين لا زال يتشرف المجلس بالعديد من تضحياتهم وتفانيهم في خدمة مصالح العباد وسمعة البلاد،وكل دورة وقارورة الماء المعدني والعصير والحلويات والتعويضات لكل من حضر بما في ذلك المواطن يحضر مساندة أو معارضة أو مجرد فرجة ومشاهدة،وإيصال ذلك إليهم أيسر عليكم ألف مرة ومرة من إيصال الميزانية وملاييرها بالعشرات وبالمئات،وعلى كل من أراد حقه من سكان الجهة عصيرا وحلويات أو مشاريع وميزانيات أن يحضر لحمايته مع الحماة وانتزاعه ولو بالنيابة وأنا له بذلك زعيم،وعلى من أراد ممارسة السياسة على قواعدها عليه بشراء الحوت في البحر و تعلم كيفية اصطياده؟؟.
المصدر : https://tinghir.info/?p=31371