وأخيرا زال عنا المثال الأمازيغي القائل
(afus ur itturun aDar ag yamu)
مع توالي السنوات ارتفعت وازدادت وثيرة الإصدارات العلمية المرتبطة بالعلوم الانسانية والاجتماعية وخاصة في حقل التاريخ، بمنطقة الجنوب الشرقي المغربي، وإن دل هذا على شيء وإنما يدل على العيانة الكبرى التي أولها الأساتذة والطلبة الباحثين لهذه الرقعة الجغرافية الشاسعة التي عاشت فترات طويلة في الظل والهامش وظلت مغمورة من حيث البحث العلمي الأكاديمي رغم، أنها تساهم بشكل فعال وكبير في تنشيط ديناميكية الأحدث التاريخية للمغرب عبر العصور، و كان الفضل للأول للكتابات الفرنسية التي أولت أهمية قصوى لهذا المجال الصحراوي إبان اخضاع المغرب، أو ما يعرف بسياسة “التهدئة الباسيفيكاسيون”، قبل وبعد الحملة العسكرية الفرنسية أنجزت مجموعة من الدراسات والتقارير العسكرية من طرف مجموعة المغامرين مختلفي الجنسيات الذي غامرو بأرواحهم لقطع الفيافي والصحاري والوهاد قصد تقديم خدمة جليلة لدول، الذين اعتمدوا على العلم أولا قبل الآلة العسكرية، الشيء الذي أدى بهم إلى بعض الالمام وتكوين فكرة واضحة المعالم حول نقط قوة وضعف القبائل، لاستغلالها إبان الغزو العسكري، وقد خلف الاستعمار الفرنسي إثر هائلا لا يستهان به يضم الغث والسمين.
لتعرف ذلك المنطقة – أي أسامر المغرب العميق- كما يحلو للأستاذ الدكتور آمحمد أن يسميه في أحد مؤلفاته، نوعا من الجمود منذ 1936م، إلى غاية حدود 1987، حيث صدر أول عمل مونوغرافي حول منطقة تافيلالت الذي ألفه المرحوم العربي مزين، والذي كان فاتح خير ومنطلق لأعمال أخرى بعد ذلك، في جميع التخصصات من علم الاجتماع والجغرافيا والأمازيغية، والتراث…
لكن ما يهمنا في كل هذا ليس بسرد كرونولوجي مفصل حول جميع الاصدارات والمؤلفات التي انجزت هذا الموضوع، لكن لا ننسى أن ننوه بالعمل الجاد والجبار الذي أنجزه سعيد واحيحي، والذي وسمه ب ” تافيلالت الكبرى: مقاربة بيبلوغرافية، والذي استطاع أن يقوم بجرد تفصيلي حول كل ما كتب وألف بالمنطقة المشار إليها على قدر استطاعته، ريثما تأتي دراسة أخرى أكثر تعميقا وشمولية تغطي جميع تراب المغرب العميق، أو جهة درا تافيلالت بالتقسيم الجهوي الجديد.
وقد خصص أساتذة جامعيين وأخرين كل أوقاتهم وعيناتهم الكبرى للاهتمام بمنطقة أسامر، وذلك من خلال التأليف وترجمة الأعمال التي خلفتها فترة الاحتلال، ومنهم بالخصوص الدكتور آمحمد احدى الذي لا يكل ولا يمل في عمله، وأستطاع إخراج ترجمة القبطان جورج (سبيلمان)، أيت عطا الصحراء وتهدئة درعة العليا، [ترجمة وتقديم آمحمد احدى]، أﮔادير: نشر بدعم من جامعة ابن زهر، الطبعة الثانية، 2011،
وكذا الملازم (بوبير)، تودغى تقرير تمهيدي حول أودية تودغى وإميضر وشرق جبل صاغرو، عن مصلحة الشؤون الأهلية بالمغرب، [ترجمة وتقديم آمحمد احدى]، أﮔـادير: منشورات مطبعة طباعة ونشر سوس، الطبعة الأولى، 2016،
ويواصل الآن في ترجمة كتاب،
Goerges (Spilmann), Ville et Tribus du Maroc districts et tribus
de la haute vallée du Dra, du service des affaires indigènes du Maroc, 1931
وحسب ما اطلعنا إليه إلى حدود الساعة فقد قام كل من محمد (أغزاف) وأبراهيم (بووماي) بترجمة هذا الأخير ووسموه ب: جورج (سبيلمان)، ليوتنان (بوربير)، دوائر وقبائل وادي درعة العليا، ومذكرة مؤقتة حول أودية تودغة وإميضر وصاغرو الشرقية، [ترجمة محمد أغزاف وإبراهيم بووماي]، الرباط: منشورات مطبعة إدكل برانت للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 2016.
هو كتاب من الحجم المتوسط يقع في 234 صفحة، مقسوم إلى شقين أساسيين، الأول لصاحبه جورج (سبيلمان)، دوائر وقبائل وادي درعة العليا، والثاني لليوتنان (بوربير)، مذكرة حول أودية تودغة وأميضر وصاغرو الشرقية.
ليأتي بعد ذلك عمل أخر جاد ذو أهمية كبرى حول منطقة نائية يطغى على الجفاف ويتيمة على مستوى البحث العلمي، وهي واحة تازراين نأيت عطا التي خصص لها الأستاذ الدكتور الباحث حسن أميلي، كل عنايته وأخرجها أخيرا من الظلام إلى النور بعمله عنونه، حسن (أميلي)، تازارين أيت عطا مسار واحة مروضة، الرباط: منشورات مطبعة أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 2017. وبهذا العمل الرصين تخرج منطقة المعيدر إلى الوجود وتبشر بأعمال أخرى قد تغطى المنطقة المجاورة، سيرا على نهجه أحمد البوزيدي الذي خصص جل أعماله لخدمة حاضرة، درا أي –درعة- وبالتالي يتبلور في أسامر مشروع متكامل مع توالي السنوات.
نتوخى فقط من هذا المقال أن نعرف بهذه الإصدارات الرصينة ونخبر القراء بما وصل إلينا أخيرا حول ما كتب الجنوب الشرقي المغربي ولا ندعي الالمام بكل صغيرة وكبيرة وإنما يصب في توجيهاتنا واهتماماتنا في البحث الذي نشتغله عليه، ريتم تسمح الفرصة بتقديم قراءة شاملة حول مضامين ومواضيع هذه الإصدارات والمؤلفات.
بقلم الطالب الباحث في التاريخ الجهوي للجنوب المغربي كمال محمد في أمكناس 12- 10- 2017/ 30-09-2967.
المصدر : https://tinghir.info/?p=31339