حديثي عن التعليم اليوم هو في منطقة اللامفكر فيه، فمخطئ من يقول أنه لا استراتيجية في التعليم – لاصلاحه- على حد زعمهم منذ قرون. إننا نجهل حقيقة أساسية تكمن في كون التعليم محط أنظار عمداء البلد بله كل السياسيين الذين ينظرون إلى كل خطة في آفاق آلاف السنين.
إن النعت هنا غير تابع لمنعوته في هذه الأسطر. الناظر بكل تمعن يعرف ما يُحبك لنظامنا التعليمي من الداخل ومن الخارج ومن أبناء جلدتنا بل ومن ذوي القربى به.ولعل ناقوس الخطر اليوم يدق أكثر من أي وقت مضى.
لقد دخلنا بحرا عاتيا لا شاطئ له.
لقد جاءت الضربة وهذه المرة ستكون قاضية على التعليم العمومي وإننا في أعز فترات سكرات موته.وهذا بالذات ما أحس به.لقد سقطت الصومعة وعلقت الحجام وسقطت البقرة وكثرت السكاكين وبدا التعليم كجسم هجين لا يعجب الزراع ويغيض به الكارهين والحاقدين أصحاب الكروش المنتفحة والذين يتغدون ويمسحون أفواههم بمناديل عبارة عن قطع نقدية من فئة 200 درهم أو ربما 100 أورو.وتكمش في ثواني وترمى بينما الآخرون أقصد الشريحة العريضة الغيورة على التعليم تعيش الفقسة الكبرى.
النعت هو الإصلاح والجودة والارتقاء والنجاح وهلم جرا، التابع للمنعوت هو الاضعاف والتكريه والتخويف والتهميش والحكرة على رجال ونساء التعليم وعلى المتعلمين من الطبقة التي تلتحف السماء وتفترش الأرض.
ما لا يفكر فيه للتعليم هو استراتيجية خطيرة ومنظمة تنظيما محكما سأبينها في هذه الأسطر وأتمنى أن تكون أضغات أحلام.ما تخططه الدولة نصبت له كل جهود من أية ناحية فبالنظر إلى الدراسة الجامعية تبين أن ولوج الماستر أصبح بإجازات متعددة التخصصات ولو من تخصصات غير منسجمة.وليس نعته أن الباب والحظوظ مفتوحة في وجه العديد من الطلبة فلا عهدنا هذا من نظام لم يكلف نفسه عناء دعم المدرسة إلا شكلا وورقا ومن حيث لا يحبون.بل منعوته أن هؤلاء الطلبة سيصبحون عما قريب أساتذة ومن سلم ضعيف سيطالبون بعد سنوات بترقية بالشهادة لتحسين مستواهم وجيبهم المنهوك وبعد شد وجدب سيحقق الأمر لكن سيزداد الضغط على نساء ورجال المدرسة العمومية ويحاطون من كل جانب حتى يكرهو وظيفتهم وستلجأ الوزارة إلى فتح الباب لتغيير الوزارات في إطار التبادل أو الإدماج مع وزارات الأوقاف والشبيبة والرياضة وغيرها حسب الماستر المحصل عليه.راجين أن يجدوا الخلاص في هذا الهروب معتقدين أن العمل فيها أفضل بكثير من التعليم وجحيمه لكن هيهات هيهات أنى يوفكون.فيجدون جحيما أكبر. مما يجعلهم يطلبون التقاعد ولو بأجر هزيل.بعدها يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه للقضاء على الترسيم بصفة نهائية ومنه على الأسر المفقرة وكل مواطن ضعيف الجيب هزيل المكانة.
إن التحايل إن وجد والمؤامرة السرية على التعليم هي من ضعف النخبة المثقفة والابتعاد عن السكة الحقة وهي سكة الطريق العلمي والثقافي.ومن ثمة انحراف القطار الذي هو التعليم برمته بكل خنوع وترحيب وتهليل عبر فتح الباب على مصراعيه لكل فكر أجنبي يهم تقويض لب تقدم أي بلد.
المصدر : https://tinghir.info/?p=31257