Ad Space

فداحة العطالة : ” مأزق الجامعة أم عجز صناع القرار ؟

admin
اقلام حرة
admin30 سبتمبر 2017
فداحة العطالة : ” مأزق الجامعة أم عجز صناع القرار ؟
جمال احسيني

يعد التعليم بصفة عامة الوسيلة الفعالة الكفيلة بتحقيق التنمية في كل بلد عبر مختلف المستويات ، و ذلك من خلال محاربة الجهل و الأمية و نــشر العلم و المعرفة .. ، و الرفع من مستوى القدرات و الكفاءات في كل مجتمع ، و لذلك فالتعليم ظل دوما مقياس يقاس من خلاله مدى تقدم الشعوب و الأمم و مدى تأخرها و تخلفها في عالم اليوم الذي لم تعد فيه التربية و التعليم مجرد خدمة استهلاكية بل استثمار في الرأسمال البشري.

أمام هذه المؤشرات حظيت الجامعة باهتمام واسع في جل أرجاء العالم ، باعتبارها القيمة الثابتة في صيرورة تاريخ تطور للدول ، و ذلك لأن البناء الحق للدولة يبدأ من الجامعة كما أكد ذلك ( ماكس فيبر / دراسات في المنهج العلمي 1921 ) ” تعتبر المختبر الحقيقي لتوليد المعرفة فضلا عن رعايتها و تنميتها و تعميمها لتخدم واقع و حقيقة تنمية الشعوب ” .

و هنا يجب أن نقف وقفة تأمل بإعتبار الجامعة جهازا مجتمعيا يتحرك و يحرك ، هل فعلا هذه الحركية تنطبق على الجامعة المغربية لتواكب و تخدم متطلبات سوق الشغل الوطنية من أطــر و قيادات و طاقات بشرية مبدعة ؟ للإجابة عن هذه التساؤلات يجرنا الحديث إلى التطرق إلى الإمكانيات المادية للجامعة ، و لن نأتي بجديد إذا قلنا أن أمام جامعتنا طريق طويل و شاق قبل أن تلحق بمثيلاتها في الغرب ، هذه الأخيرة التي تخرج منها معظم الكوادر و القيادات التي تتحكم بزمام الامور مما يؤكد عن فقدان الثقة بما تنتجه الجامعة المغربية .



aid

إن جامعتنا تجعل الطالب يساق كالأعمى لتأخذه عصا الأستاذ ، و الأعمى لا يقاد به بعيدا عكس الجامعة الغربية التي تعمل على تنمية ذاتية و شخصية للطالب ، و إذا بك في الجامعة المغربية يرادفك أن تكون تلميذا كبيرا لا طالبا ،تقتت من محاضرات و كتب مترجمة و مقالات .. ، تصطدم أحيانا مع من ليس لديهم من الكفاءة و المهارة ما يكفي من الأساتذة ، مما يجعل العملية التعليمة تعاني الكثير من جوانب الضعف تحول الحرم الجامعي الى مكتب إصدار الشواهد بعد ثلاث سنوات أو أربع ، و التي لم تعد تضمن للشباب مستقبله و لا ترقى الى مستوى تطلعات سوق الشغل كذلك .

هذا الاخير يخرج من الجامعة مجازا الى الحياة العامة محمل و مثقل بنظريات محضة و كثيرا ما يدفعه الغرور للاصطدام بواقع مر ، حينما يتصور أن الحياة ستذلل و ستخضع له بالإجازة ، فالأرقام و الإحصائيات تكشف نسب مهولة من عدد العاطلين الحاملين لشواهد و دبلومات جامعية ، تكشف الستار عن حقيقة عجز صناع القرار عن القضاء أو حتى التخفيف من هذه النسب ، ملايين الشباب حاملين لشواهد في شتى التخصصات من مختلف الجامعات المغربية لا تسمن و لا تغني من جوع ، فلا يكــاد يمر علينا حول و لا تعقب علينا حكومة إلا و ينتظر الشباب مقاربة و نظرة جديدة تحررهم من براثين و مستنقعات العطالة ، خصوصا و أننا نعاني من أزمة جذرية نبحث عن ذاتيتنا في عالم يصنعه الغير و يحياه الغير و يبدله و يتصرف فيه الغير ، و كل ما يطلب من جامعتنا هو ان تخرج بنا الى المجابهة العنيفة لعلنا نتكيف مع واقع عصرنا ( عصر التقنيات و التصميم و التصنيع ..) ، فالهواة اليوم سحيقة بين ما تقدمه الجامعة من تكوين و تأطير و توجيه.. ، و بين ما يتطلبه عالم التصنيع و بالتالي فانه بات من الواجب عليها ان تسلك بنا الطريق المستقيم نحو تحقيق نمو و تقدم و تنمية شاملة .

فقد أبانت الارقام و الاحصائيات و المؤشرات عن قصورها في بلوغ الاهداف المنشودة و هو ما يستلزم على المشرعين إعادة النظر في كيــان الجامعة . إن كانت الجامعة تعرف ارتجال و محسوبية و تغاضي و تهاون…، فكيف يمكن لها أن تسهم بنزاهة في فهم و إفهام مشكلات المجتمع المغربي و معضلاته ؟ و إذا كانت خطواتها غير تابثة فكيف لها أن تكون القائدة في ميدان المثل و المعايير و الجدية ؟ و كيف لها أن تشكل قنطرة عبور نحو مستقبل راسخ لأبناء هذا الوطن و للوطن ذاته ؟

المصدرجمال احسيني

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.