تمر الأيام والسنون فتتراكم أو تتناثر في اجواز السماء المليئ والفارغ في نفس الآن ويصنف البشر على سلّم مختلف متباين تتقاطع رؤاه وتتناسل قضاياه ويكون الوهم والحقيـــــقة متماهيان والثبات على الفكرة أو العقيدة أشد والتنازل قسوة وخيانة بل موت للضمير خصوصا حينما تكون العفوية والعناد هما المقود والقا ســــم إرادة الحيـــاة.
يقول أهل الإجتماع بإن الواقع من محددات الفكر والواقع هو ذلك العالم الذي نعيش فيه من أفكار وعادات وتقاليد ومؤسسات ونظم وفلســفات مما يعني أن الإنسان يعكس لوناً أو شكلاً من أشكال ذلك المجتمع األذي نعيش فيه، لكن منطق التاريخ أحيانا تستــهويه عوارض ومكائد كلها من نسج الإنسان.
هم أفواج وقطعان ستة ضما فوق منهم حليقي الرؤوس كما بيدو من مظهرهم يتجاذبون الحديث بصوت منهمر شاد عن هذا العالم الذي ينتمون إليه من حيث المولد والمنشئ تجعل نفسيــــتك في حالة إستنفار قصوى لأنك تدرك أن عوادي تصرفات هؤلاء تغدي نقم التنابر والنفور لا قيم التقارب، وما حرق المساجد والشعارات السياسية الخربشية وبروز اليمين المتطرف سوى صورة ساطعة على قتامة الوضع.
لهم من ظروف الرخاء وشروط النجاح ما كان لنا في الخيال أيام السنوات الجامعية ، ليت شعري كان حري بهم أن يتـبــــوؤ منازل الشرف ونحس كباقي شعوب الأرض بنصيبـــنا في الكبرياء الطبيعي حينما يوسموا بالشـــواهد والقــلائــد كنوبل وغيرهاا حينذاك سيحتضنون كرموز ومبدعيـــن وأطباء ومهندسون ، لا كحثالة دهماء وأغبياء أشرار كما يروج له الإعلام ويزكيه الواقع وما أنصع بيان هذا الأخير .
إن الركن اللعين في الإنتماء هو التطرف خصوصاَ حينما تنعدم سمات الوسط بتقبـــل الآخر المختلف وبالتالي تلك القيم الإنسانية العليا النبيلة التي تؤرق وتهذب السلوك البشري كي لا يسقط في منطق الإنسان ذئب لأخيه الإنسان بتعبير أحد الفلاسفة (سبينوزا إن لم تخني الذاكرة).
فمثلا في مدينة مونبوليي وهي غيض من فيض لهم سوق كعكاظ في الحديقة قبالة محطة القطارات تراهم شباب يافع في مقتبل العمر يمتهنــــون شر المهن من سرقة وبيع المخدرات … على مر مرآى الغادي والرائح ولو أني أخشى أن أنعت بالشوبنهاورية لتنبئات بمستقبل حالهــــم.
شدرات أحلام آبائهم لفظت أنفاسها وصعدت إلى الرفيــــق الأعلى وكأن حالهم لسانهم الندبة أما الإستغاثة فلمن حينما تفقد بوصلة الزمان والمكان.
في إحدى أيام الصيف الحارقة تجادبث أطراف الحديث المملول مع أحدهم على الرصيف في موقف القطـــارات ففاجئنــي بالسؤال من يكون داعش هل سوري أم عراقي ظانا أنه إسم لمؤسس التنظـــيم مما يعكس بجلاء إنعدام أي معرفة لهؤلاء مما يسهل من مأمـــورية الشحن والإستقطاب دون عناء.
أرقنـــي كثيــــراً كيف يتناسلون ويتكاثرون كالفطريات هم بحق مادة دسمة قابلة لكل شكل من الأشكال وما إرتداء الزي الخليجي والأفغانــــي كدليــــل صارخ على فقدانهم للذات والهوية ويقـــلدون كل ما يروق لشيوخهم متى وكيف شاؤا ذلك، نقم العولمة وضحايا الإعلام وبرائة غير مصانة في أيدي أباطرة الإتجار بالبشر عبر الحدود.
هل تدفع أموال طائلة لهم أو لدويهم ، لا أعتقد ذلك، هل يوعدون بالحريم والليالي الحمراء فوق أرضي الشام أيضا لا أظن ذلك، أم منهم المتلــددون بقطع رؤوس البشر كتــأشيرة إلى النعيم حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
منهم من ترك وراءه عوز العائلة والأهل وفاقة الحاجة والفقر وسكنته شياطيـــن الشر والإنتقام بقناع أسمى الديانات ليتوج بأعلى مراتب غول السفاحيـــن وأبشع الدجاليـــن لذبح الأبرياء وإخوتهم في الديــــن والإنسانية.
طبيعي لكل قلب ينبض بإرادة الحياة أن ينكسر أمام مشاهد الفيديو المروعة والسكاكين التي تلوح فوق الأجساد المنهكة لأبطال الكلمة الحرة العامليــــن وفق مبدأ “الخبر مقدس والتعليـــــق حر”.
في ظرف أسبوع ألقي القبض على فتاة عن عمر يناهز 14 سنة في جهة في أهبة الإستعداد لمغامرة العمر، وعشية الأسبوع نفسه تم إعتقال 17 شخصا مغاربيـــا ينوون الذهاب لسوريـــــا وكلهم من اليافعيــــن الذين شاهدنا فيديوهات يجرون فيها جتثا فوق الأرض للتعبير عن شيئ قد يستعصي على علم النفس التكويني المعاصر حل طلاسمه.
نخوة وكبرياء وعضلات مفتولة و إندفاعية لو أستغلت في عمل الصالح العام لمن عائلته في منائ عن كده وعرق جبيــــــنه لكنّا بحق مضرب الأمثال، لكن زلات القلوب الطائشة ودواهي العصر جعلت من الشباب أدوات للقتل والإنتقام والترهيب وتصفية الحسابات في معارك قذرة جعلت حتى من المؤسسات الدولية أندية غير نزيهة فاقدة للمصداقية هي أقرب للكوميديا في المسرح خصوصا حينما لا يكون الأمر غصة في عنق الكبار وما غزو العراق بحجة سلاح الدمار الشامل وتحدي الإعتراض “الفيتو” الروسي لدليــــل على ذلك.
فلو لم تتراكم جرائم بشار الأسد والتزم الحوار بدل الحل الأمني القمعي وتنازل الجميع لمصلحة الوطن ومستقبله لما أدرفت الدمــــــوع ولا تمزقت الأشلاء لأجندة شيطانية لا هدف ولا قيمة عليا من ورائها بعدما دمرت سوريــــا وهجّر شعبها وخسفت النجـــــوم في سمائها وهي كعبة للجـــــزاريــــــن في بلد المكـلــوميـــــــــن.
حسن برقــــــوش
المصدر : https://tinghir.info/?p=2947