» لم الصمت أيها الفقهاء [ الآمازيغ المُعَرْبَبين ] حيال قضايا تهمكم !؟ »
(جورجيو أگامبين : » حالة الإستثناء » ، ص:1 ).
» سيأتي يوم يلعب فيه الإنسان بالقانون مثل أطفال يلعبون بأشياء متعطلة ومهملة
ليس بغرض إعادتها الى استخدامها التقليدي بل من أجل تحريرها نهائيا من هذا
الإستخدام »
( نفس المصدر: ص 64 )
على ضوء القراءة الأولية لبعض مؤلفات الفيلسوف الإيطالي جورجيو أگامبين ( بالخصوص: » حالة الإستثناء » و » الهمو ساكر » ) – ومن هذاالمفهوم الأخير ثم استلهام موضوع و » كثافة » اُسلوب هذا المقال لإجراء مقارنة تفكيكية بين حياة ذلك » الإنسان المُقدَّس » عند الرومان القدماء وبين حياة ما سأسميه » الهومو – أسامر » في ظل سيادة حكومات بيو- سياسية – إسلاموية في المغرب – ؛ وبالنظرالى الغضب والحراك الشعبيين في « إسُمَّار-ن-إمازيغن » ( جمع أسامر ) ، مند الأغتيال السياسي لعمر خالق » إزم « ، كضحية -وكعدوسياسي – لتيار « عروبي » يهدد أمن وبقاء ما تبقى من المناضلين الأمازيغ ، مرورا ب »الإفراج » – (ليس بصيغة عفوٍ لمالايقبل العفو بل بصيغة عفوٍلا يستحق العفو ) – عن المعتقلين السياسيين (أسايا واعضوش ) و فقط كتدابيراستعجالية لخلق نوع من » مخيمات التمركز » كصيغة جديدة ليس فقط لإحتواء الغضب الأمازيغي بل ايضا لِ »صناعة زعامة نرجسية مضادة » الى حد ان النتاج الرمزي لهذه » الزعامة » لا يختلف كثير عن الخطاب السياسي للنخب الأمازيغية « المُدْمجة » ( حزب « تمونت » كمثال ) (و كما سنوضح لاحقا فكلاهما امتداد لصناعة » ثقافة مضادة » (la contre- culture) وبآليات مخزنية لإحتواء الوعي الأمازيغي )… وقبل ذالك مرورا بإنتاج حياة عارية » اسامرية » ، » مُسيَّسة » وبالتالي قابلة للتفقير والتهميش مازال يجسدها وبإمتياز مخيم « ألبَّان « …او ايضا بإنتاج حياة عارية- بيلوجية (غير سياسية ) مُعرَّضة – وبشكل فظيع- » للطَّحن » او القتل المُتَعمَّد( في حالة بائع السمك ، محسن فكري ) ؛… او على شكل التدخل التعسفي للمخزن الإداري فيما يخص أراضي الجموع وتعليق القوانين وكل ما يتعلق بالحقوق المجالية والترابية للأمازيغ…،ومؤخرا وصولا الى الحياة الخالصة والنقية المعرّضة للموت ، وفاة الطفلة البريئة » إيديا » كضحية للامبالات والإهمال الطبيين وقبلها بخلق معتقلين سياسيين (إداو-صالح ) ،كجسد أمازيغي ثم تأديبه وعقابه من خلال تحليل بيوسياسي -تشريحي لمميزاته البيولوجية – الجنسانية، حيث،- ( عكس الوضعية الطبية للطفلة « إديا »)- » الوجود البيولوجي كان منعكسا في الوجود السياسي…..عندما أصبحت حياة النوع [ ( إداو-صالح )] مرهونة بإستراتيجيات [المخزن الإداري ] السياسية الخاصة …الإنسان الحديث هو ذلك الحيوان الذي سياسيته تضع وجوده ككائن حي موضع التساؤل. » ( بتوظيف مقولة مشهورة لمشيل فوكو حول مفهوم » البيو-سياسة » نقلا من « الهومو-ساكر » لأگامبين ؛ص:71 ).
واستثمارا لمبدأ ، » الإحتواء من خلال الإقصاء » ، حسب نظرية « الهومو- ساكر » عند أگامبين لإسقاطهااو تطبيقها على النظام الإسلاموي القائم حاليا في المغرب وعلى كلِّ ما يتعلق بملابسات وزيف من يدعون انهم أمراء العناية الألهية اوأنهم ب »بتفويض إلهي » هم المتكفلون بالفقراء والمستضعفين من الأمازيغ (…) ، سأحاول ان أوضِّح- اولا وقبل كل شيء- أنه لا ضمانة لبقاء او لإستمرار نظام قانوني مستبد ، » مُتسيِّد » او » مُتأسِّد » ، دون التمتع – وبقرار سيادي- بتسلط الحظر السيادي او بسلطوية » حالة الإستثناء » وسيادتها …، سأحاول ايضا ان أبين أن هذه اللحظات او المحطات البيو- سياسية في « الإسُمَّار » ، والتي من خلالها ثم ادخال « ..الظاهرة الخاصة لحياة النوع [ الهومو- أسامر] الى داخل نظام السلطة، الى فضاء السياسة والتقنيات السياسية » ( بإستعار احد تعاريف مشيل فوكو للبيو – سياسة ) ، ما هي الا تمظهرات لذالك » المفهوم اللاهوتي المُعٓلْمٓن » لسيادة التيار-الإسلاموي ( بما فيه المثقفين السلبيين و » المُعٓرْ ببـين » – المُدْمجين حقوقيا وسياسيا – من الأنتهازيين ، المتملقين الأمازيغ )… وسأحاول ايضا ان أوضح بأن ما يحدث مؤخرا في » إسُمَّار » الأمازيغ لا يمكن ان يكون إلا تكريس – إجرائي لنسق بيو- سياسي ، مُتناقض ومُلتبس – لكونه مُؤسّس ليس فقط على تجميد الحقوق السياسية والدستورية للأمازيغ وكل المعايير القيمية المشروعة (بمافيها الحق الدستوري في تطبيق القوانين المنظمة لأمازيغيتهم ) – بل هو ايضا عملية إجرائية ، من جهة ، لإخفاء حقيقة مفادها أن سيادة هذا النظام القانوني العروبي الإسلاموي في حد ذاته » حالة استثنائية » مرتبطة بالضرورة بقرار سيادي – حيث » صاحب السيادة هو ذلك الذي يقرر في حالة الإستثناء » ( إحالة الى تعريف كارل شميث للسيادة ) – ؛ ومن جهة أخرى ، فهذا النسق قائم للتستر على تلك الملابسات والمفارقات التي يعج بها نظامهم القانوني لأن سيادتهم » الإستثنائية » هي ، و حسب أطروحة أگامبين حول حالة الإستثناء ، عبارة عن تلك : » العدة الأصلية التي بفضلها يحيل القانون الى الحياة، ويستبطنها في داخله من خلال تعليق نفسه » . وبالتالي ، ومن منظور نضال أمازيغي ملتزم -( لم يتم احتوائه بعد)- ، فإن « أصحاب السيادة » – داخل حزب العدالة والتنمية مثلا ، وكتيارٍ إسلاموي ، منزلقون بأثر القرار السيادي الى » دكتاتوريات مُفوَّضة » ، تتمتع هي ايضا بسلطة » حالة استثناءٍ »، ( اوبسيادةٍ كتعبير قانوني عن حالة الإستثناء ) ،و تُبث مؤخرا بأنها ( الديكتاتوريات ) قد تحولت ، وبشكل مطلق ، الى: » عملية تأسيس حروب أهلية قانونية [بخلق صراع أمازيغي /أمازيغي و] من خلال تطبيق » حالة الإستثناء » لما يتيح التصفية الجسدية ليس فقط للخصوم السياسيين، بل لشرائح كاملة من المواطنين [ عمر « إزم » ومحسن فكري كنمودجين ] تعتبرهم السلطة، لسبب أو لآخر، غير قابلين للإندماج في النظام السياسي . مند ذلك الحين باث الخلق الطوعي لحالة طوارئ دائمة [في إسُمَّار- ن- إمازيغن] ، حتى وإن كانت غير مُعْلنة -….أحد الإجراءات الضرورية الهامة التي تلجأ اليها [ » العدالة والتنمية الإستبدادية » في المغرب ] … » ( بتوظيف واستعارة مقولةٍ لأگامبين حول النظام الشمولي الحديث ونقلا من كتابه » حالة الإستثناء » )…
انطلاقا من « …إزدواجية القاموس الإغريقي للتعبير عن كلمة » الحياة » » حيث استعارها أگامبين للتمييز بين » الزووي » (Zôe ) كواقع بسيط للمعيشة ، وكشكلٍ لحياةٍ طبيعية ، عارية وبيلوجية وبين » البايوس » ( Bios ) كأسلوب حياةٍ مؤهلة وكشكل حياة ، سياسية او رمزية ، وتماشيا مع مقولة له في الفصل الثاني للهومو- ساكر ، حيث » الحياة العارية هي فقط ما يمكن إدماجه من خلال إقصائه » ، فإن المفارقة العجيبة والغريبة ذاخل » اللاهوت المُعٓلْمٓن » لهذه الحكومة المغربية ، بسيادتها الإستثنائية وبحظرها السيادي ، تكمن في تقسيم وأسر الحياة الأمازيغية : بإقصائها سياسيا وفي نفس الوقت إدماجها من خلال » إستدخال » شكلها العاري – البيولوجي الى فضاء النظام القانوني ؛ وأفضل مثال لذلك، سجن واحتواء بعض المثقفين السلبيين من الأمازيغ و حياتهم الثقافية داخل أسوار » الإركام » والتلفزة الثامنة مثلا ، ك » مؤسسات » – ان لم نقل – ك »مصانع » لتوليد » ثقافة مضادة » للثقافة الأمازيغية . وهذا النوع من الإجراء – البيلوجي – السياسي – الثيلوجي – يستهدف أصلا ذالك الدمج بين القاعدة والواقع الأمازيغي ، كخطاطة جديدة تجعل الأمازيغ مُنصاعين لعتبة او » أثر » حالة الإستثناء وقوتها في تجميد الحقوق الدستورية والإبقاء دائماً على درجة » الصفر – حقوق للنوع الأمازيغي » . لكن بما ان هذه الخطاطة الجديدة بأعادة ادخالها للطارئ الأمازيغي- كخارج للقانون- الى القاعدة العامة و ك » نقطة اختلال التوازن بين القانون العام والشأن السياسي » ( حسب تعريف أگامبين لحالة الإستثناء ) ، هي بالضبط ما يحيل الى صعوبة الحسم بين التعاقد القانوني والطارئ او الواقع الأمازيغيين ، فإن هذا » التصفير في الحقوق » سيكرس اعادة انتاج التخلف كما كان معمولا به عدة قرون وسيُبقي على « حالة التوحش » ، كنواة اصلية للسلطة العروبية الإسلاموية . ومادام الهومو- أسامر لم يستشف اي تمايز او اي اختلاف- ولو ضئيل – بين التوحش الذي ندعي الخروج منه ب »اللطيف » وبين التوحش الحالي في حلته الاستثنائية ، فأن واقعه البيولوجي – العاري والغير الخاضع للقانون – بإعادته الى داخل القواعد الإستثنائية الجديدة – هو الذي سيتحكم في النظام القانوني السائد وبالتالي ستتحول » السيادة الإسلاموية » الى سيادة « إستثنائية » ، والعدالة والتنمية ستبقى – وبقرار سيادي – » عدالةً إستثنائية » لتنمية الحظر السيادي ….
وبما أننا – ( نقلا عن أگامبين )- » هنا…امام قانون يبحث عن تحويل نفسه كلية الى الحياة ليجد نفسه مواجَها بحياة يصعب تمييزها عن القانون » ، فإن المخزن الإداري ، مثلا في مواجهته لأيت أسامر ومطالبهم المشروعة المرتبطة بكل الضروريات البيولوجية للبقاء من بناء وسكن وتوسيع للأراضي الفلاحية -، (كدوي الحقوق في مجالهم الطبيعي (أراضي الجموع او السلالية ) – يعمل على رسم مساحات استعجالية ، إستثنائية وقوانين جديدة ضد النظام الطبيعي الأمازيغي ليس فقط بهدف تفادي هذه الضروريات البيولوجية بل ايضا من أجل البقاء السياسي والأحتفاظ بتلك السيادة الأستثنائية . فعوض مُسائلة الدولة – الأمة ( بالولادة ) في تقصيرها بالتكفل « بالمناطق الأسامرية » وفي عدم تلبيتها لأبسط الحاجيات البيولوجية للمحرومين حتى من حقوقهم الطبيعية ، فإن المخزن الإداري بتطبيقه للقوانين الإستعجالية- الطوارئية والمرتبطة بحالة الإستثناء يأخد بمنطق » الثيولوجيا السياسية » او بمنطق الفيلسوف والقانوني الألماني « كارل شميث » ومقاربته للسياسة في التمييز بين الصديق والعدو من اجل ادخال « شرعنة » القتل او الإعتقال التعسفي خارج القوانين والحقوق المجمَّدة في الدستور وخارج اي نسق من المحاسبة او المتابعة . بتعبير أخر ، فمن أجل إستدخال او ادماج تلك الحياة العارية » الأسامرية » ، الغير -السياسية أصلا ( كزووي Zôe وكحياة مقصية سياسيا )- الى الفضاء القانوني -ل »تسييسها »،ان لم نقل لِ » بَرَقْرَطتها » او « عَرْبَبَتها » مجددا بالادماج ، فإن هذه البيروقراطية المخزنية تستعمل آليات اقتصادية ، عنصرية ، سياسيا، » ريعية » لتشرعن التمييز بين « أجساد » يجب ان » تعيش » وتفوز بكل الإمتيازات المادية والمعنوية داخل سياسة الريع ( والطلبة الصحراويون ، قتلة ، الطالب عمر » إزم » نمودج بإمتياز لذلك التصنيف ) وبين اجساد يجب ان تُغتال وتُقتل ( وعمر خالق مثال لذلك ) وبالضبط لأن هذا الأخير قام بالكشف وفضح اسرار هذا الريع السياسي وهذا الفساد الإداري داخل المخزن الإداري .
وبشكل إستخلاصي لهذا الجزئ الاول من المقال : فتماشيا مع انتقال الفكر-السياسي – الإسلاموي – المغربي من المجتمعات السيادية – التأديبية والعقابية، حيث كان نشاط البيوسياسة منصبا على حياة الأفراد وإنتاج الإغتيال والاعتقال السياسيين من الأمازيغ ( إزم ،أسايا وأعضوش كنماذج )، وصولا مؤخرا الى مجتمع المراقبة ، حيث يتم انتاج حياة عارية ، – كواقع جماعي وليس فردي – ، مستقلة وموضوعية ومعزولة عن خصوصيات الهومو- اسامر لكي يتم قياسهاوتحليلها من خلال مفاهيم ابستملوجية جديدة وتدابير استعجالية جديدة ، فإن الآليات البيوسياسية للمخزن الإداري تطورت هي ايضا الى نوع من الاقتصاد السياسي للموت او الحياة على مستوى الجماعات الأمازيغية ومن خلال إنتاج حياة عارية ، معزولة ومفصولة عن خصوصيات الهومو- أسامر وتجاربه التاريخية في التنظيم الثقافي- الأخلاقي والإجتماعي ، » كعتبة للتعبير عن الفرق بين الطبيعة والثقافة » ، اي كحياة غير سياسية ( بدون بايوس ) ، مُعرَّضة ومكشوفة للبطش والسلطة التعسفية…. وفجأة ماكان مقصيا سياسيا بتعليق حقوقه ، يظهر الآن وكأنه مُدمج داخل تدابير قانونية جديدة اذ يتم التلاعب بالقوانين كما الأطفال بالدمى : « هناك سلطة لكن القانون ليس بالقانون الذي نعرفه » ( على حد تعبير أكامبين ) .فمثلا عندما تطفو الضروريات البيولوجية والمجالية الى فضاء أراضي الجموع ، كفضاء يصعب فيه التمييز بين الواقع الامازيغي والقاعدة العامة ، بين الحياة العارية والمخزنيات ، فإن التدابير الإستثنائية لقوانين جديدة تقوم بتوليد ضروريات » بيولوجية » -سياسية( من خلال الرشوة ، والفساد الإداري والريع الإقتصادي او السياسي )، تتماشى مع اهواء السلطات المحلية واعوانهم وتتماشى ايضا مع البقاء السياسي للنخب السياسية . وبالتالي فهذه الآليات الإقتصادية – البيو سياسية تشرعن لأصحاب السيادة » الأستثنائية » الحق في التمييز بين اجساد » يجب » ان تعيش وتفوز بكل الإمتيازات وأجساد يجب ان تموت بالجوع والفقر مما يعني ان حكومتنا في » العدالة الإستثنائية وتنمية الحظر السيادي » مازالت مُتْقلة ببقايا النازية ، ليس فقط بإقصاء الأمازيغ سياسيا ومن خلال تعليقها وتجميدها للحقوق الأمازيغية في الدوستور ، لكن بإنتاجها (الحكومة) لحياةٍ عارية امازيغية مُعَرّضة للقتل اوالموت؛ والأكثر من ذالك فمفهومها للسلطة السيادية لا يختلف كثيرا عن » الهومو- ساكر » ، كقانون روماني قديم يشرعن الحق في قتل اي مواطن حر بدون ارتكاب اي جريمة في قتله او بدون متابعة قضائية في إلصاقه التهم ؛ وبالتالي ، و بأستعمال مقولة مشهورة لأگامبين ، ف »إن العنصر السياسي الأصلي …. [ للنظام الإسلاموي – المغربي ] ليس ببساطة هو الحياة الطبيعية ، لكن الحياة المُعَرّضة للموت ، الحياة العارية او الحياة المُقدَّسة » … يتبع
المصدر : https://tinghir.info/?p=28631